اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لا يقتصر تكرار الكلام عن "ايام زمان" على ابو رياض في برنامجه الشهير عندما يقول "من زماااان" ويتكلم عن بطولاته وصولاته وجولاته، بل نلاحظ انه لصيق بمعظم من تولوا المسؤوليات على مختلف الصعد السياسية والادارية والقضائية والنقابية وغيرها. فيتكلمون عن إنجازاتهم في الماضي ويعددون ما قاموا به من اعمال بطريقة بطولية، وما اتخذوه من مواقف. ويتكرر هذا الامر في اي لقاء يتواجدون فيه، صغيراً كان ام كبيراً، حتى ولو طلب منهم إلقاء خطاب، فإنهم يتكلمون عن ماضيهم لا عن المستقبل، ويسردون ما حصل معهم وليس ما يطمحون اليه او ما هي مشاريعهم في المستقبل. ويتكرر هذا الامر، وخصوصاً في لبنان مع من تخطوا عمراً معيناً. هذا الامر، ان دل على شيء، فهو يدل على ان هذا الانسان قد دخل مرحلة الكهولة او الشيخوخة. وهو ليس دليل عافية.

في مشواري الاخير الى شرم الشيخ، سألني زملائي عن الجو في منطقة سوهو وفي الفندق الذي كنت انزل فيه، فأجبتهم ممازحاً انه كان هناك مئات "الكوبلات"، الصغير منهم في عمر الثمانين والتسعين. وكنت ارى الرجل البالغ على الاقل الخامسة والتسعين مع المرأة البالغة على الاقل التسعين من عمرها، يمشيان وهما يمسكان بيدي بعضهما البعض، وينتبهان على بعضهما وهما الآتيان من اميركا او لندن او اليابان او ايطاليا.

اما عندنا، فإذا بلغ الانسان السبعين من عمره، فيعتبر نفسه انه اصبح عجوزاً، وان عليه الانزواء (ولا يمكن طبعاً التعميم بشكل عام)، ويبدأ بالكلام عن الماضي، ولا يذكر شيئاً عن المستقبل، ويعتبر ان الفترة التي يعيشها بعد هذا العمر هي Bonus اضافي. ما هو السبب؟ لا نعلم، وقد يكون ما مرّ به البلد من ويلات ومصائب وحروب ومجاعة وفساد ادخلت شعبه في حالة من اليأس والتعب. او قد يكون السبب انقطاع الأمل من بناء دولة عصرية تؤمن الحقوق لمواطنيها. او اليأس من اتخاذ قرار بإنشاء مشروع وكل يوم حرب ومعركة وقصف وضرب وقتل. هذا عدا عن حالات الفساد المستشري في مختلف القطاعات، وليس من رادع.

وبالنتيجة فإن من يتكلم بصورة دائمة عن ماضيه دون مستقبله، يكون قد دخل مرحلة الكهولة والشيخوخة. فانتبهوا.

 

                                                                      نقيب المحامين السابق في بيروت






الأكثر قراءة

ترامب يرفع العقوبات عن سوريا و«يشترط» لمساعدة لبنان طرابلس تحت الضغط: شارع غاضب وانتخابات معلّقة قضية «المرفأ» تتحرك و«المتقاعدين» الى التصعيد