اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



لماذا ما يحدث من فتنة في سورية عبر استهداف طائفة الموحدين الدروز خطر؟ وهل لبنان بمنأى عن تلك الاحداث الدموية؟ سؤالان احتلا صدارة الاهتمام الداخلي بالامس، بعدما تطورت الاحداث الدموية الخطرة الى حد تدخل طيران الاحتلال "الاسرائيلي" في المواجهات في محيط صحنايا!

بعيدا عما ستؤول اليه الامور الميدانية، فان ما يحصل دق ناقوس الخطر حيال ما يرسم لسورية ومن خلالها للمنطقة، واذا كانت السلطات السورية تحاول "النأي" بنفسها عن الاحداث، الا ان فشلها في ضبط المشهد الفصائلي المنفلت، وعدم قدرتها على وقف التحريض الطائفي والمذهبي، والتعامل مع الاقليات في سورية على انهم "خوارج" عن الدين، ويستباح دمهم لمجرد حصول تحريض مريب على وسائل التواصل الاجتماعي ضد الرسول الاكرم، لم يعد مجرد رد فعل غير منضبط، بل نهج خطر تتبعه الفصائل الحاكمة في سورية تحت "عباءة الدين". وهو ما سبق وحصل في الساحل السوري وما يزال، ما يطرح اكثر من علامة استفهام حول كيفية ادارة البلاد، في ظل اصرار الدولة السورية على تغطية المجموعات المسلحة المصنفة ارهابية، والتي تلصق بها كل الموبئات، على الرغم من انها تتحرك تحت مظلة السلطات الجديدة، حيث تتم التعبئة عبر المساجد التي تحرض على حمل السلاح، والتوجه الى جبهات القتال ضد الدروز وقبلهم العلويون؟!

هذا التوصيف للواقع الحالي في سورية، يشكل مصدر قلق جدي على الساحة اللبنانية، ووفق مصادر سياسية بارزة، ما دام لا يوجد استقرار في دمشق لا استقرار في بيروت، ولا شك ان تطور الاوضاع الميدانية سيكون له تداعيات كبيرة لاسباب عديدة، اهمها ان النسيج الاجتماعي والديني في البلدين متشابه ومتداخل الى درجة كبيرة، ولا يمكن ان تبقى الفتنة محصورة في الجغرافيا السورية اذا انفلتت الامور.

والامر الاكثر المثير للقلق هو الانقسام الموجود على الساحة الدرزية داخل لبنان، فاذا كان رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" السابق وليد جنبلاط يستشعر الخطر، وعمل بالامس على جمع المجلس المذهبي الدرزي حيث كان الهم الاول عدم استخدام الدروز في المنطقة وقودا لصراع اكبر واخطر، وهو يصر على رهانه على الادارة السورية الجديدة، لايجاد قواسم مشتركة تحفظ كل المكونات السورية ومنها الدروز. وفي مكان آخر ثمة اصوات درزية اخرى يتقدمها الوزير السابق وئام وهاب، لا يتفق مع هذه الرؤية، ويتهم السلطات السورية الجديدة بادارة الحرب ضد الاقليات بما فيها الدروز، ولا يرى ان الاحداث مجرد حوادث هامشية، بل مخطط لتهجير الدروز او سحقهم. ولهذا فهو لا يتوانى عن المطالبة بحماية دولية، ولا يمانع ان تحمي "اسرائيل" الدروز، اذا واجهوا خطرا وجوديا. هذا الانقسام موجود بقوة داخل المكون الدرزي، الذي تربطه علاقات قربة بدروز سورية، وليس فقط الرابط الديني، واذا لم يتم وقف العنف ضد الدروز في سورية، فثمة قلق من ارتفاع حدة التوتر في المنزل الداخلي، في ظل اختلاف كبير في كيفية معالجة الموقف.

هذه الوقائع داخل البيت الدرزي، يضاف اليها قلق جدي لدى الاجهزة الامنية من انفلات امني على الساحة اللبنانية. فعدم وقف الفتنة في سورية، قد يدفع الى ردود فعل غير منضبطة وغرائزية ضد النازحين السوريين المنتشرين في كافة المناطق اللبنانية، وهذا قد يستتبع انفلاتا امنيا على خلفية مذهبية بين المكونات اللبنانية، في ظل وجود مجموعات سنية تدعم الحكم في سورية، وقد تجد في هذه الاحداث فرصة سانحة للدخول على خط التصعيد. كما ان اي انفلات امني يكون عنوانه التعرض للنازحين السوريين في لبنان، قد تجده الادارة السورية الجديدة فرصة لافتعال مواجهات حدودية. ووفق المعلومات، حصلت اتصالات سياسية رفيعة المستوى خلال الساعات القليلة الماضية، لمحاولة ضبط الاوضاع وابقائها تحت السيطرة، واتخذت اجراءات امنية تحسبا للأسوأ...

ولعل الامر المريب برأي تلك الاوساط، ان كل ما يحصل يتم برعاية وتغطية بريطانية، حيث كان لافتا قبل ايام رفع لندن العقوبات بشكل خاص على القوى الامنية السورية، دون ان يجري توضيح الاسباب الموجبة لهذا الرفع وما هو المقابل، اي ما هو الثمن الذي ستدفعه السلطات السورية مقابل هذا "السخاء" البريطاني الذي لن يصدق احد انه مجاني. والسؤال: ما الذي تريده بريطانيا؟ واي وظيفة تريدها لهذه القوى الامنية والعسكرية؟ ولا تتوقف المخاوف عند هذا الحد، فتصريحات وزير المال "الاسرائيلي" بتسلئيل سموتريتش بالامس، كانت واضحة باعلانه ان المهمة الرئيسية في سورية هي تقسيمها، وقد ترجمت "اسرائيل" كلامها بالامس الى افعال، من خلال تدخل طيرانها في القتال، وتقديم نفسها بانها تحمي الدروز في سورية، بعد ان اعلنت سابقا دعمها للاكراد، وهي تحاول رسم معالم سياسية وجغرافية جديدة في سورية، وبات القلق جدي من حصول تغيير ديموغرافي وتهجير قسري للاقليات لخلق واقع جديد. والدخول "الاسرائيلي" على الخط خطر جدا، حيث يريد نتانياهو وحكومة اليمين ان تظهر نفسها حامية الاقليات في سورية اليوم، وربما غدا في لبنان؟ فما الذي يمنع ذلك؟

في الخلاصة، سورية باتت ساحة صراع إقليمي خطر، والصراع الإقليمي الرئيسي الراهن بين محور تقوده المملكة السعودية بالتحالف مع الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة الأردنية، ومحور آخر تركي – قطري من الجهة الأخرى. في المقابل تدخل "اسرائيل" كشريك مضارب، "وتسمم" الاجواء" باثارة الفتنة لتحقيق مصالحها، وتحاول موسكو "مسايرة" السلطة الجديدة، مقابل ضمان بقاء قاعدتيها البحرية والجوية على الساحل السوري. اما الرئيس المؤقت أحمد الشرع فيمارس لعبة انتهازية، لكسب الوقت "واللعب" على التناقضات الإقليمية، وهي لعبة خطرة محفوفة بالمخاطر. اما لبنان "الهش" امنيا وسياسيا فيبقى تحت الضغط، ولن يكون بمنأى عن تلك الاحداث، فالمخطط خطر وكبير ويحتاج الى وحدة داخلية لا تبدو مؤمنة، في ظل اصرار فريق سياسي على ابقاء الاجواء متوترة لمواكبة الضغوط الاميركية- "الاسرائيلية". ويبقى السؤال: "هل يظن عاقل ان طرح ملف السلاح في ظل هذه العواصف امر واقعي"؟

الأكثر قراءة

لغز بشار الأسد ودولة رامي مخلوف