يُعدّ التهاب المفاصل التنكسي في الركبة، أو ما يُعرف بالفُصال العظمي، أحد أكثر الأسباب شيوعًا لألم الركبة وتقييد حركتها، لا سيّما لدى الأشخاص الذين تجاوزوا سن الأربعين. وهو مرض تنكسي تدريجي يصيب المفصل، حيث يبدأ تدريجيًا بتآكل الغضروف الذي يغطي أطراف العظام داخل المفصل، مما يؤدي إلى احتكاك العظام ببعضها وحدوث التهابات، آلام، وتيبّس في الحركة.
تتعدد الأسباب المؤدية إلى الإصابة بالتهاب المفاصل التنكسي في الركبة، إلا أن التقدّم في العمر يُعدّ من أبرز العوامل المساهمة. مع مرور الوقت، يفقد الغضروف مرونته وسمكه، ويُصبح أكثر عرضة للتشقق والتآكل. وقد أظهرت الدراسات أن معظم الأشخاص فوق سن الخمسين يعانون بدرجات متفاوتة من التآكل الغضروفي، حتى لو لم تظهر عليهم أعراض واضحة.
من العوامل الأخرى المؤثرة بشكل كبير في تطوّر هذا النوع من الالتهابات، الوزن الزائد أو السمنة. فكلما زاد الوزن، زاد الضغط الميكانيكي على مفصل الركبة، خصوصًا أثناء المشي أو صعود الدرج. هذا الضغط الإضافي يُسرّع من تدهور الغضروف، ويزيد من احتمالية حدوث الالتهاب المزمن داخل المفصل.
كما أن الإصابات السابقة في الركبة، سواء كانت ناتجة من حوادث أو من ممارسة الرياضة بشكل عنيف، تُعد أيضًا من المحفزات المهمة لتطوّر الفُصال العظمي. تمزّق الأربطة أو الكسور أو حتى الإصابات الطفيفة المتكررة، يمكن أن تخل بتوازن المفصل الطبيعي، مما يُضعف بنيته مع الوقت ويجعل الغضروف أكثر عرضة للتلف.
هذا وتؤدي العوامل الوراثية دورًا لا يُستهان به، حيث وُجد أن بعض العائلات لديها استعداد وراثي أكبر للإصابة بالفُصال العظمي، خاصة إذا كان هناك تاريخ عائلي لالتهابات المفاصل. هذا الاستعداد الجيني يؤثر في جودة الغضروف وقدرته على التحمّل، حتى في غياب أسباب خارجية واضحة.
أما النمط الحركي للفرد، فيُعدّ من العوامل المحورية التي تؤثر بشكل مباشر في صحة مفصل الركبة وتطوّر التهاب المفاصل التنكسي. فالأشخاص الذين يمارسون أعمالاً تتطلب الوقوف لساعات طويلة، كالمعلّمين، عمّال المصانع، أو مقدمي الخدمات، يُعرّضون مفاصلهم لضغط مستمر يضعف البنية الغضروفية بمرور الوقت. كذلك، فإن المهن التي تتطلب رفع أوزان ثقيلة أو تكرار حركات انحناء الركبة، مثل عمال البناء أو الرياضيين المحترفين، تُجهد المفصل وتُسرّع من تآكله. حتى أولئك الذين يجلسون لفترات طويلة في وضعيات غير صحية، كالعاملين في المكاتب دون فواصل حركية منتظمة، قد يُعرضون الركبة لخلل في التوازن العضلي والمفصلي، مما يؤدي إلى ضعف في دعم المفصل وزيادة احتمالات الإصابة.
ومن ناحية أخرى، لا يمكن تجاهل تأثير الالتهابات الصامتة والمزمنة في الجسم، خاصة تلك المرتبطة بأمراض التمثيل الغذائي مثل السكري أو ارتفاع الكوليسترول، والتي تؤثر في تغذية الأنسجة الدقيقة داخل المفصل، وتضعف عملية تجديد الخلايا الغضروفية، مما يساهم في تسارع تلف المفصل. كما أن نقص النشاط البدني، وهو نمط شائع في الحياة العصرية، يؤدي إلى ضمور عضلات الفخذ والساق، التي تُعد كالدعامة الأساسية للركبة. وعندما تضعف هذه العضلات، تتحمّل المفاصل عبء الحركة والوزن بشكل أكبر، مما يُسرّع من تلفها ويزيد من حدة الالتهاب.
وفي المحصلة، تتفاعل العوامل الوراثية مع نمط الحياة والسلوك الحركي لتشكيل مشهد معقد يؤثر بشكل مباشر في صحة مفصل الركبة. ولتفادي تفاقم هذه الحالة أو تأخير ظهورها، تُعدّ الوقاية عبر الحفاظ على وزن صحي، والالتزام بممارسة التمارين الرياضية التي تقوّي عضلات الساق دون إرهاق المفصل، من أهم الخطوات الوقائية. كما يُنصح بتجنّب الوضعيات الخاطئة أثناء الجلوس أو الوقوف، وتخصيص فترات للراحة والحركة خلال اليوم، مع المتابعة الطبية المنتظمة للكشف المبكر عن أي تغيّرات قد تُنبئ ببداية التآكل المفصلي، قبل أن تتطوّر إلى مرحلة مؤلمة يصعب السيطرة عليها.
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
07:37
وزارة الخارجية الأمريكية: روبيو واصل حث باكستان والهند على إيجاد سبل لخفض التصعيد
-
07:37
الخارجية الأميركية: الوزير روبيو عرض مساعدة أميركا في بدء محادثات بناءة بهدف تجنب صراعات مستقبلية
-
07:27
الخارجية الأميركية: الوزير ماركو روبيو تحدث مع قائد الجيش الباكستاني اليوم
-
23:53
متحدث باسم الجيش الباكستاني: الهند أطلقت صواريخ باليستية سقطت في أراضيها
-
23:09
الكرملين: الهجوم بالمسيرات على مبنى حكومي في بيلغورود يظهر مدى عدم التزام أوكرانيا بوقف إطلاق النار
-
22:45
مصدر دبلوماسي فرنسي لـ"سكاي نيوز": الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين يضعون اللمسات الأخيرة على مقترح لوقف إطلاق النار 30 يوما في أوكرانيا
