لو زار "اسرائيل" لقدّموا اليه، كهدية ثمينة، مجسماً خشبياً للهيكل، أو زجاجة من النبيذ المعتق. قطر أعدت لاستقباله "قصراً طائراً" بكلفة 400 مليون دولار (لا تنسوا أننا ورثة ألف ليلة وليلة). هكذا اشتعلت مواقع التواصل لدى اليمين التوراتي، "رئيس أميركي في المزاد العلني". من يدفع أكثر؟ في وقت سابق "هل يبيعنا دونالد ترامب الى آية الله خميني بـ 4 تريليونات دولار"؟ ثم "يا له من ثمن بخس"!
زئيف جابوتنسكي، المنظّر الصهيوني والمرشد الروحي لبن صهيون نتنياهو، والد بنيامين نتنياهو، دعا الى اجتثاث أي أثر للكاتب الأنكليزي الشهير وليم شكسبير، لأنه قدم "شايلوك" في مسرحيته "تاجر البندقية"، كنموذج للكائن "اليهودي" الذي يفترض أن يكون مختلفاً عن أي كائن بشري آخر. ولكن أي فارق بين أباطرة المال العرب وأباطرة المال "اليهود"، الذين يمسكون بكل مفاصل القوة في الأمبراطورية الأميركية؟
لكن الطريق الى الخليج تبقى الالدورادو، أي طريق الذهب الذي سلكه الكاوبوي، وهو الطريق الذي أفضى الى تشكيل البنية الفلسفية للولايات المتحدة. كارل ماركس الذي حاول بتلك الايديولوجيا العاصفة تقويض الرأسمالية، باعتبارها الحصان الهرم الذي ينتظر من يطلق رصاصة الرحمة على رأسه، سقط على تلك الطريق التي وضعت فيه ابنة صياد اسكتلندي ابنها (المعجزة) دونالد ترامب.
تفكيك دراماتيكي لشخصية الرجل، الذي يمثل حالة فرويدية غريبة الأطوار. دفع بالقاذفات النووية الى قاعدة "دييغو غارسيا" لتكون على مقربة من غرفة آية الله خامنئي، كراع للارهاب الدولي. فجأة فتح أبواب الردهة الديبلوماسية، ليقول "ايران تتصرف بذكاء وتتحلى بالعقلانية... وثمة أشياء جيدة جدًا تحدث بخصوصها"، ليسأل معلقون "اسرائيليون" عشية الجولة الخليجية، اذا كان ترامب قد خطط لزيارة ايران لا "اسرائيل"؟
ضربات متتالية على رأس نتنياهو الذي كان يراهن، بغباء منقطع النظير، على أن يكون ترامب حصانه الأميركي الذي يتوّجه على عرش الشرق الأوسط. كانت تلك كقراءة عرجاء أو عمياء لشخصية الرجل، الذي قال "ان مساعداتنا لاسرائيل كثيرة، ونحن سنبحث في ذلك". رجل البيت الأبيض وصف سلفه جو بايدن بالرئيس الذي أراد أن يجعل من أميركا على شاكلته... بطة عرجاء.
لكن التحذيرات تأتي من كل حدب وصوب. كلها تتحدث عن تقلبات الرجل الذي ما زال يتابع حتى الآن، التقلبات على شاشات "وول ستريت"، حيث المقر المقدس للاله الأميركي. هو من زود نتنياهو بكمية هائلة من القنابل ما دون النووية، من أجل ابادة حركة "حماس"، وتحويل غزة الى "ريفييرا الشرق الأوسط". يفاوض الآن الحركة، ويشعر بنشوة النصر بعد اطلاق "الاسرائيلي" ـ الأميركي عيدان الكسندر، كما لو أنه خرج للتو من معركة واترلو.
لم يعد صهره، اليهودي الأورثوذكسي، جاريد كوشنر في البيت الأبيض، ولا ابنته ايفانكا التي قلنا مراراً انها تتجول بالكعب العالي في رأس أبيها، وتوحي له بأن البوابة اليهودية مثلما هي البوابة الى الله، هي البوابة الى التاريخ. الآن فريق اختاره ببراعة لاعب الغولف. رؤوس متناقضة ليكون هو الكاوبوي الذي يعدو وحيداً على حصانه.
حالياً، لا مجال للعب بالنار بين ضفتي الخليج. عباس عراقجي لا يهدأ. كنا نصف محمد جواد ظريف بالرجل الضاحك داخل لوحة متجهمة، ربما لاسباب ايديولوجية. الآن وزير الخارجية يمارس الديبلوماسية بأسلوب الشاعر الفارسي الشهير حافظ الشيرازي (أو باسلوب نزار قباني)، حتى ليقال ان رئيس الفريق الأميركي المفاوض ستيفن ويتكوف رأى فيه "الايراني الآخر"، وبالصورة التي تحمل وزير الخارجية العماني على التفكير بعقد لقاء بين دونالد ترامب وآية الله خامنئي.
لا مشكلة في ذلك. الرئيس الأميركي الذي هدد بتدمير كوريا الشمالية نووياً، كاد يرقص بعد أشهر، التانغو مع كيم جونغ ـ أون الذي تبدو صواريخه النووية وكأنها تتجول في شوارع لوس انجلس أو سان فرنسيسكو على ضفاف الباسيفي. هكذا البراغماتية الأميركية، وان كان ميلتون فريدمان، صاحب نظرية "النقدوية"، والحائز نوبل في الاقتصاد، وصف ذلك بـ "ايديولوجيا الحياة مع الآخر"...
كل الكلام الآن يحمل على الاثارة. أشياء كثيرة تلوح في الأفق. الجولة الخليجية مقدمة لفصل جديد من العلاقات مع الجمهورية الاسلامية. هكذا يتغير الشرق الأوسط، وكما قلنا سابقاً، وفق الرؤية الأميركية حيث ثقافة الأسواق، لا وفق الرؤية "الاسرائيلية" حيث ثقافة المقابر. لنتذكر أن الملايين من أتباع دونالد ترامب يرون فيه "الماشيح الأميركي"، كبديل الهي عن "الماشيح الاسرائيلي". كلمة الفصل في ذلك تعود الى الله...
عالم يتتبع خطوات دونالد ترامب، مثلما يتتبع كلماته. راقص"الفالس" على حبال غليظة. هكذا وصفته "الايكونوميست" البريطانية. حاول أن يغرز الرمح في بطن التنين، قبل أن يتراجع، ويتراجع، لأن الصراع مع الصين يعني الغرق في الألغاز الآسيوية اللامتناهية.
هو الآن بيننا. دونالد ترامب الآخر أم أميركا الأخرى في الشرق الأوسط؟ ما يعنينا "اسرائيل" الأخرى "في عهد رئيس أميركي لا يمكن التنبؤ بقراراته". تابعوا التفاصيل...
يتم قراءة الآن
-
متى المفاوضات بين أميركا وحزب الله؟
-
من صناديق الشمال الى طاولة ترامب... هل يعبر لبنان زمن الغياب؟ تحديات الشمال امنية ولا انقلاب سياسي «والعين» على بيروت قاسم: نتجه نحو الاستقرار ونحن شركاء للعهد... ولن نستسلم
-
سقوط المشرق العربي جرس إنذار للسعودية ودول الخليج
-
حلف رباعي في بيروت والمناصفة طارت فهل تؤجل ؟ الحريري لجمهوره : إياكم القوات والتيار الوطني حزب الله والقوات اللبنانيّة بلائحة واحدة
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:21
ماكرون: ما يحدث في غزة مأساة إنسانية غير مقبولة ومروعة ويجب وقفها
-
23:20
ماكرون: يجب الضغط على "إسرائيل" واعتبر أنه من المعقول الحديث عن إعادة النظر في اتفاقيات الشراكة بينها والاتحاد الأوروبي
-
23:19
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: ما يقوم به نتنياهو في غزة مخزٍ
-
22:47
القوات المسلحة اليمنية: على الشركات التي لم تعلن وقف رحلاتها أن تحذو حذو تلك التي أعلنت وقف الرحلات إلى مطارات فلسطين المحتلة
-
22:46
القوات المسلحة اليمنية: العملية تأكيد على استمرار حظر الملاحة في مطار "بن غوريون"
-
22:43
القوات المسلحة اليمنية: الصاروخ حقق هدفه بنجاح وتسبب في هروب ملايين "الإسرائيليين" إلى الملاجئ وتوقف حركة المطار لنحو ساعة
