اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

اقتباساً من نص للأديبة اللبنانية، مي زيادة، بعنوان "تطور اللغة العربية" (1930)، يقيم متحف روز وشاهين صليبي في الجامعة الأميركية في بيروت معرضاً بعنوان "نشيد وجداني" (Visceral Hymn)، يعالج موضوع الحداثة واللغة العربية في لبنان عبر أعمال 29 فناناً حداثياً، رافقوا مرحلة نهوض الثقافة المحلية أواسط القرن الماضي، وما بعد، بالتفاعل مع وفود الثقافة الأوروبية مُتنكِّبةً الحضور الاستعماري الأوروبي.

نسّق المعرض، أمين السادن، بتراتبية خدمت هدف المعرض، وهو "تسليط الضوء على ممارسات مهمة بالكاد تمت دراستها حتى وقتنا الحاضر"، استناداً لنصّ مرافق للمعرض يضيف أن (المعرض) "يوضح مدى تنوّع تجارب بيروت التحاورية، وتأثرها باللغة، وتحّديها للهيمنة الغربية خلال النصف الثاني من القرن العشرين".

معظم الأعمال تشكيليات تجريدية، حداثيّة الطابع، وغالبها مطعّم بالحروف والعبارات العربية باجتهادات متنوّعة، ف "الفنانون"، بحسب التقديم، "حاكوا في أعمالهم اللغة العربية، أو تقّصوا الإمكانيات الخطيّة للحرف العربي".

يمكن، في المعرض، تلمّس مبادرات حسيّة طاعنة عميقاً في روح الفنانين الشرقيين في توجههم الغربي، في صراع بين التفاعل مع الغرب، والرفض لهيمنته وتفوّقه، وتجديد فنّهم بمميزات شرقية، عربية، عمادها الحرف واللغة العربية، وبذلك يلاحظ النص الأعمال متارجحةً بين "التجريد الخطي والحنين إلى الشعر، النقوش المقروءة واللوحات السريالية، التأمل في التقاليد والرغبة في التجديد".

ويصف النص الأعمال ـبــ "نشيد وجداني، أهازيج ُتلاحقها سنوات النهضة العربية، يومَ ساهمت اللغة في تشكيل حركة طليعية متمردة".

ويستعير أحد تعريفات المعرض من، إيتيل عدنان، نصاً من "بيوت العنكبوت" (1972)، يوضح العلاقة بين الفكر- اللغة، والمادة - عناصر الحياة، حيث تستخدم الحروف واللغة كحجارة، أو مادة للبناء، وفيه: "أرصف الحروف، أبني من الألفاظ قصوراً قدامى، وبيوتاً واطئات. أسقف داري بالنقاط علامة استفهام. أرتدي".

وتشكل الأعمال مروحة واسعة من النماذج الفنية مصدرها العديد من غاليريهات بيروت، أو مقتنيات شخصية، ومقتنيات المجموعة الفنية في الجامعة الأميركية، ومتحف بيروت للفنون (بما)، وتركات الفنانين، ومصادر أخرى متنوّعة.

وفي حوار معه عن بعض طروحات المعرض، رأى السادن في حديث مع "الميادين الثقافية"، أن "هؤلاء الفنانين استلهموا اللغة العربية على نطاق واسع، أحياناً بشكل مفاهيمي، وليس حرفياً، بينما كان بعضهم يختبر إمكانيات الخط العربي أو أشكاله"، ومن خلال ملاحظته أوجه التشابه في تجاربهم، والأعمال المعروضة جنباً إلى جنب، يعتقد أنه "يمكن إدراك هذا الاتجاه القوي في الحداثة اللبنانية".

ومن منظور السادان، فإنّ الفنانين "شاركوا في تحدي الهيمنة الغربية تحديداً لأن أي تجارب مع اللغة العربية (أو الخط العربي) تُشكّل بدائل، بل حتى شكلاً من أشكال المقاومة، للمناهج الفنيّة الغربية".

ويخلص السادان إلى أنّ "اللغة العربية ساهمت في نشأة حركة طليعيّة في المنطقة، حركة فريدة من نوعها، تُعرّف بخصوصية المنطقة وثقافتها، ويمكن لمؤرخي الفنّ التأكد من ذلك عند تقييم أعمال الفنانين اللبنانيين (أو الفنانين العرب عموماً)، وفهم مدى تقدميّة تجاربهم المستوحاة من اللغة العربية".

الفنانون المشاركون وأعمالهم

تعود معظم الأعمال إلى النصف الثاني من القرن العشرين، وغالبية فنانينها راحلون، مثل عادل الصغير الذي حضرت لوحتان من أعماله هما "العباسيون" و"تأليف" وتعودان لأوائل السبعينيات، طابعهما تجريدي.

ثم لوحة "صرخة خوف" لعدنان شرارة وهي تجريدية، ولوحة بلا عنوان لعدنان المصري (1978) تجريدية ممزوجة ببعض الحروف.

ثم لوحتان بلا عنوان لعارف الريّس حروفيات متجددة، ومبعثرة متمازجة مع أشكال تجريدية، تتضمنان: "رحم الله امرأ عرف حده فوقف عنده"، و الآية "وجعلنا من الماء كل شيء حي". ولوحة للريّس أشبه برسالة لصديق من الحروف المتداخلة مع خربشات حروفيّة لونيّة.

وكذلك لوحة "بيوت العنكبوت" (1972) لإيتيل عدنان، تجريدية بامتياز لشاعرة فرنكوفونية معروفة، ولوحات لأغلفة مجلة "شعر" من إصدارات 1957، لهلن الخال.

ثم أوغيت كالان التي حضرت بلوحتها "لبنان 86"، وهي تجريدية مع إيحاءات لغوية، وحسن ماضي بلوحة "الأبجدية العربية" (2008) جرت إعادة توزيع الحروف وعبارات لغوية بطريقة فنية في دوائر متراصفة محاطة بزوايا مربع، ولوحتان لماضي من 1968 و 1971، تجريديتان مع أشكال هندسية.

إضافة إلى لوحتين تجريديتين لجوزيف الحلو، تعودان لستينيات القرن الماضي، و"موضوع الأرابيسك" لجوليانا سيرافيم، تجريدية بإيحاء حروفي لغوي.

ثم لور غريب التي حضرت بطابعها التجريدي التزييني، بلوحتين من 1971، و حفريات 1995، ولوحة "الأمة" لليلى هبر من 1997 من الصوف، وهي تكعيبيات هندسية للحروف العربية، ولوحة من 1964 لمحمود أمهز، ومنمنمات شرقية من 1980 لميشال عقل، وكلتاهما تجريديتان.

أما محمد غالب فحضر بحروفياته العربية التي وسمت الكثير من أعماله، بلوحة "أ ل م" (1995)، واللوحة توزيع فني للعبارة.

أما مشاركة منى السعودي فاحتوت 4 أعمال منها لوحتان تكعيبيتان بألوان البايج والزيتي، بعنوان "شجرة العشق" ، وشجرة -جسد 1998، كما شاركت بغلاف كتاب "دفتر البتراء"- يد الصخر تخط المكان (2011)، وكتاب فيه تحية لمحمود درويش 2019.

منير نجم شارك في عملين بلا عنوان وهما تجريد تكعيبي، ولموسى طيبا عملان أحدهما بعنوان "جسد يقفز"، تجريد مع استلهام حروفي، ولنبيل نحاس عمل بلا عنوان زيتية على قماش، تجريدية، ولبول غيراغوسيان عمل بعنوان "الكلمات المكتوبة تبقى" متعددة الوسائط، تجريدية مع حروفية محدّثة.

ثم نطالع 7 أعمال غير معنونة لرفيق شرف، منها غواش على ورق، تجريد متداخل مع الحروفية.

ثم صليبا الدويهي الذي حضر بزيتية على لوح، غير معنونة، يغلب عليها تجريد تتماهى فيه عبارة "لا إله إلا الله". ولسعيد عقل عملان غير معنونان يعودان لعام 1957، وسائط متعددة على ورق وفيها تجريد حروفي بألوان قاتمة.

وأيضاً عملان لسلوى روضة شقير أحدهما "قصيدة"، وهي تشكيل نحتي بمكعبات نحاس متراتبة عمودياً، وعمل من طابعها المتعدد الصفحات المطوية من غواش على لوح، تجريديات تعبيرية. ولسامي مكارم عمل غير معنون لعام 2004، متعدد الوسائط على لوح، تجريدية بألوان متناسقة.

14 عملاً لسمير الصايغ فيها اجتهادات حروفية، خصصت لوحات لحروف محدّدة، مثل الجيم، والدال، والميم، والصاد، والحاء، وأخرى جمعت الحروف، وبينها سلسلة أولياء القديسين، وسواها.

أما ستيليو سكامنغا فتمثل بعمل غير معنون من 1972، تجريدي بطباعة على الحرير، وشفيق عبود بمقامات الحريري من 1970، طباعة حجرية، والعمل إشارة إلى كتاب المقامات.

كما حضر عملان لوجيه نحلة من 1977، بلا عنوان، متعددة الوسائط على لوح، بضربات حروفية على غرار العديد من أعماله، وزيت على قماش، حروفية تشي بعبارة الجلالة.

الأكثر قراءة

تصعيد «اسرائيلي» يسبق الانتخابات البلدية جنوباً «تسونامي» مرتقب للثنائي «وام المعارك» مسيحيا في جزين قناة مفتوحة بين بعبدا وحزب الله... واسئلة حول السلاح الفلسطيني