عون حذر رجي من تصريحاته الاستفزازيّة...
وسلام يعتبرها مُجرّد "أسلوب في التعبير"!
هل يريد رئيس الحكومة نواف سلام "كسر الجرة" مع حزب الله ومع رئيس مجلس النواب نبيه بري؟ ولماذا؟ سؤال يطرح نفسه بقوة، بعدما تجاوز سلام حدود الديبلوماسية في هجومه على سلاح المقاومة، وتصويبه غير المبرر على الجمهورية الاسلامية الايرانية، ليلحق به بعد ساعات وزير خارجيته الذي لا يرغب بالخروج من عقليته الحزبية الضيقة.
ووفق مصادر مقربة من "الثنائي"، لم يكن توقيت التصعيد مفاجئا، فهو رد فعل واضح على نتائج الانتخابات البلدية، التي جاءت مخيبة للكثيرين في الداخل والخارج، بعدما اثبت حزب الله وحركة "امل" انهما لا يمثلان فقط غالبية الجمهور الشيعي، بل اثبتا انهما احد اهم مداميك الوحدة الوطنية اثر حمايتهما للمناصفة في بلدية بيروت، ولهذا يبدو الهجوم الممنهج محاولة لنقل المشهد السياسي الى مربع آخر، بحيث لا يتمكن "الثنائي" من استثمار "التسونامي" في السياسية.
علما ان اثارة "الغبار" الآن لن تستطيع تغيير الوقائع التي انتجتها الانتخابات، وقد تحولت الاستضافة المفتعلة للمعارضين الشيعة على وسائل الاعلام المعادية لحزب الله خلال الايام القليلة الماضية، الى محطة للسخرية والتندر، بعدما اثبتوا انهم يفتقرون الى الحد الادنى من المنطق والشعبية، ولا يمثلون الا انفسهم!
وكذلك لم يكن مفاجئا ان يصدر هذا الكلام من سلام، فهو لم يبد منذ تسلمه رئاسة الحكومة اي بادرة حسن نية تجاه "الثنائي"، على الرغم من قبولهما تسهيل وصوله ومنحه الفرصة لاثبات جدارته في السلطة، الا انه اخفق في بداية الطريق، وبدأ يتحول الى نسخة مصغرة عن الرئيس فؤاد السنيورة الذي "يمون" عليه كثيرا، فيما يتولى فريق من "كلنا ارادة" التأثير سلبا في افكاره السياسية.
علما انه لم يظهر اي ارادة للمقاومة، ويبدو مقتنعا او مستعجلا للصدام مع الطرف الآخر. وهو يتناسى ان "الثنائي" جزء من الحكومة، وابدى منذ اليوم الاول رغبة في التعاون في كل الملفات وخصوصا الاصلاحية منها، وهو حتى الآن منح سلام فترة سماح معقولة في ملف اعادة الاعمار، لكنه لم يبادر حتى الآن بالقيام باي خطوة جدية، لايجاد الآليات الحكومية التي تسمح للدول المانحة بتقديم المساعدة، وهو يصر على عدم الاكتراث للعروض العراقية والايرانية، ولا يبدو الملف جزءا من اولوياته، ولم يبد اي اشارة الى نيته "القتال" في سبيل تحريك الملف، بل يبدو مستسلما للوصاية الدولية والاقليمية، التي تضع "فيتو" على اعادة الاعمار.
وهنا، تحضر المقارنة بينه وبين رئيس الجمهورية، الذي يوازن بين الضغوط الدولية ونجاح عهده، وعدم ادخال البلاد في الفوضى او الحرب الاهلية، بينما لا يبدو سلام مهتما بالتداعيات، ويتصرف بانهزامية غير مفهومة مع الخارج، ويتبرع بمواقف غير مطلوبة منه اصلا.
علما ان الرئيس عون اخذ ملف السلاح "بصدره"، واختار ان يتحمل المسؤولية كاملة في مواجهة الضغوط. وهو عندما يقارب الملف يأخذ بعين الاعتبار التطورات الاقليمية والدولية، ويتفهّم المخاوف المبررة لدى المقاومة، كونه يدرك حقيقة تعقيدات المسألة، في ظل الحرب على الاقليات في المنطقة، وهو ينتمي الى اقلية مسيحية تحيط بها المخاطر. وكونه ابن الارض، ويأتي من مؤسسة عسكرية تعرف جيدا وقائع الميدان، وهو في الاصل من مدرسة سياسية عانت ما عانته من قبل بعض من يحمل "يافطة السيادة"، لن ينخدع ببعض الشعارات الممجوجة التي تستهدفه اولا.
وابرز مثال على ذلك، خروج وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي عن كل مفاهيم الديبلوماسية في تعامله مع ملف السلاح، وتصرفه كمسؤول في "القوات اللبنانية"، لا كوزير عليه التزام الخطوط العريضة للحكومة مجتمعة.
وفي هذا السياق، سبق لرئيس الجمهورية جوزاف عون ان تدخل مع وزير الخارجية، عندما استدعاه الى القصر الجمهوري بعيدا عن الاعلام في محاولة لضبط سلوكه، مستخدما سلطته المعنوية لاقناع رجي بعدم توتير العمل الحكومي من خلال التصريحات الاستفزازية، وهو امر لم يقدم عليه رئيس الحكومة، الذي تجاهل نصائح احد الوزارء المحسوبين على "الثنائي"، ورفض الحد من جموح رجي معتبرا ان لديه اسلوبه في التعبير!
وقد وصلت "الرسالة" واضحة بالامس، والتي تفيد بوجود تناغم بين سلام ووزير خارجيته، الذي يترجم افكار رئيس الحكومة على نحو اكثر فجاجة. فبعد ساعات على كلام سلام في دبي، تولى رجي الرد على كلام الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم حول معادلة "جيش وشعب ومقاومة"، قائلاً "يستطيع أن يقول ما يشاء، إنما الشعب اللبناني لم يعد يريد هذه الثلاثية الخشبية، انتهى"! ولم يكتف رجي بذلك، بل زعم أن "الدولة اللبنانية لا تفاوض على سيادتها"، واصفاً حزب الله بـ"التنظيم المسلح الخارج عن القانون وبأنه ليس شرعيا"، ومتوجها اليه بالقول: "سلّم سلاحك وشكّل مع مناصريك حزباً سياسياً عادياً مع العقيدة التي تريدون"؟!
هذا السلوك "المشين" برأي تلك الاوساط يشير الى وجود رغبة واضحة من قبل رئيس الحكومة، ومن معه من وزراء معادين لحزب الله، وبتوجيه من اطراف خارجية، الى حشر رئيس الجمهورية، من خلال توتير الاجواء في البلاد، وقطع الطريق على رغبته بقيادة حوار هادىء مع الحزب حول الملفات العالقة ومن بينها ملف السلاح، وهذا ما باتت الرئاسة الاولى تدركه جيدا. اصداء تصريحات رئيس الحكومة ووزير الخارجية لم تكن ايجابية في بعبدا، لانها جاءت بعد وقت قليل من الاجتماع الودي والايجابي بين وفد "كتلة الوفاء للمقاومة" والرئيس، والذي يعتبر تأسيسيا لجلسات الحوار المقبلة، وقد جاء التصعيد من قبل سلام ورجي بمثابة "اطلاق النار" على مبادرة الرئيس، الذي يصر على تجنيب البلاد اي خضة سياسية او امنية، ويعمل على تهيئة الارضية المناسبة مع الحزب، لاطلاق حوار جدي تحت عنوان حفظ سيادة لبنان وكيفية حمايته.
لكن الى اين يمكن ان تصل هذه المواجهة مع رئيس الحكومة؟ الامر منوط به، كما تقول تلك الاوساط، فهو لا يملك ترف الوقت في حكومته التي ستنتهي صلاحياتها بعد نحو عام، فاذا اراد ان ينجح فعليه ان يكون حكيما في ادارته للسلطة التنفيذية، ومقاربة الملفات بواقعية كيلا تنفجر "الالغام" في طريقه. حزب الله سيواصل سياسة اليد الممدودة، وسبق واستنكر الهتافات ضد رئيس الحكومة في ملعب كميل شمعون الرياضي، على الرغم من عدم مسؤوليته عن تعليقات جمهور، لكن سلام لم يبد تجاهه اي ود او تعاطف.
الرئيس عون مصر على تنفيذ اجندته، حيث يفترض ان يلتقي سلام بعد عودته من الامارات في محاولة لتصويب الامور. لكن اذا تجاوزت الحملة الجديدة التي يقودها سلام والفريق الاخر حدود الاستفزاز الكلامي، وتبين انها ضمن اجندة خارجية للتصعيد والضغط على المقاومة، فان الاستقرار الحكومي سيكون مهددا، والرد سيكون بتصعيد ممنهج من "الثنائي"، يتناسب مع حجم هذه التجاوزات.
يتم قراءة الآن
-
قبل المخيمات: العيون العربية على سلاح حزب الله هل يُشعل نتنياهو المنطقة لعرقلة الاتفاق الأميركي ــ الإيراني و«الدولة الفلسطينية»؟
-
سلام "يكسر الجرّة" مع "الثنائي"... ويُطلق النار على بعبدا؟ التصعيد يُهدّد الاستقرار الحكومي... والردّ بحجم التجاوزات
-
"كليلة ودمنة" بدل الكتب المقدّسة
-
حزب الله" الخارج على القانون"
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:59
ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا لـ الجديد: التسعيرة الجديدة للمحروقات شهدت إرتفاعاً بسبب الضرائب التي فرضتها الدولة ونحن علينا أن ننفذّ القرار بدءاً من الليلة
-
23:41
الطائرات الإسرائيلية تجدد استهداف بلدة بنعفول في قضاء صيدا للمرة الرابعة
-
23:19
الطيران الحربي الإسرائيلي شنّ غارة جوية على دفعتين مستهدفاً المنطقة الواقعة بين بلدتي حومين التحتا وبنعفول في منطقة إقليم التفاح
-
22:37
فوز هوبس على ميروبا بنتيجة 96-74 ضمن المرحلة الـ ٢٠ من "ديكاتلون" بطولة لبنان لكرة السلة
-
22:32
محكمة استئناف أميركية تعيد فرض رسوم ترامب الجمركية خلال طعن الإدارة على قرار وقفها
-
21:49
الخارجية الأميركية: المفاوضات مع إيران حققت تقدماً وفق شروط ترامب بعدم إمتلاك سلاح نووي أو تخصيب لليورانيوم
