اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

عاد لبنان ساحة انتظار لمجموعة تطورات خارجية، يفترض ان تتوضح معالمها في الفترة المقبلة. خروج المبعوثة الاميركية مورغان اورتاغوس من «الباب الصغير»، وبانتظار تعيين بديل عنها، يترك السياسية الاميركية في حالة فراغ، في ظل عدم وضوح المقاربة الجديدة ، على الرغم من محاولة حلفاء واشنطن في الداخل، الايحاء بان خسارة اورتاغوس شكلية ولا تراجع للزخم الاميركي في الضغط على المسؤولين اللبنانيين، لايجاد حل سريع لملف سلاح حزب الله.

علما ان مصادر اخرى ترى في التغيير ابعد من مجرد معاقبة موظفة على ادائها، بل بداية لمرحلة من الواقعية التي ستنتهجها الادارة الاميركية، بعد تراجع الملف اللبناني عن رأس اولوياتها. وحتى تتضح الصورة، في ظل استمرار المجزرة المفتوحة في غزة، سيسمع المسؤولون اللبنانيون اليوم وجهة النظر الايرانية من التطورات المرتبطة بالملف النووي، وتأثيرها في ملفات المنطقة من وزير الخارجية الايرانية عباس عرقجي، ولا صحة للمعلومات المتداولة بان ملف السلاح سيكون ضمن جدول الزيارة.

وفيما بدأت تتكشف الكثير من العقبات والعثرات امام ملف تسليم السلاح الفلسطيني، في ظل «عاصفة» من الخلافات داخل حركة «فتح»، ووسط تحذيرات امنية من صراع محتمل داخل المخيمات، بادر رئيس الحكومة نواف سلام الى «رأب الصدع» مع «الثنائي الشيعي»، بعدما تلقى نصيحة من رئيس الجمهورية جوزاف عون على هامش جلسة الحكومة الاخيرة، بضرورة تبريد الاجواء وعدم السماح لسوء الفهم بالتحول الى خلاف عميق، يؤدي الى اهتزاز العمل الحكومي. فكان لقاء عين التينة بالامس ايجابيا بين سلام والرئيس نبيه بري، الذي كان هادئا في مقاربة الملفات، واتفق على فتح دورة استثنائية لاقرار القوانين الاصلاحية، فيما حرص رئيس الحكومة على توضيح مواقفه خصوصا من التطبيع وسلاح المقاومة واعادة الاعمار، وقد فتحت هذه الزيارة الطريق امام لقاء قريب بين سلام وقيادة حزب الله، بعدما تبادل الطرفان بالامس «رسائل» الود.

جلسة «التبريد»

فبعد أيام من التوتر بين سلام وحزب الله، وبعد ايام على كلام بري عن رئيس الحكومة «بيسخن منسخن ببرد منبرّد»، بادر رئيس الحكومة بزيارة لافتة إلى عين التينة، وعقد معه اجتماعاً دام ساعة من الوقت، تركّز على بحث المستجدات السياسية والميدانية وملف إعادة الإعمار في الجنوب، وكان لافتا تأكيد سلام عدم وجود ربط بين السلاح واعادة الاعمار. وساهم هذا الاجتماع في توضيح الأمور التي لم تبلغ مرحلة «العتاب» خلال الجلسة.

وفي هذا السياق، لفتت مصادر عين التينة «للديار» ان اللقاء كان «ايجابيا»، مشيرة الى ان تصريح سلام يعكس هذا الجو. واضافت «ان اللقاء كان ضروريا، وهو يندرج في اطار اللقاءات المطلوبة بين الرئاسات الثلاث، في اطار التنسيق والتعاون، لا سيما ان الوضع الدقيق والصعب الذي تمر به البلاد يستدعي مثل هذا التنسيق، عدا تبديد بعض الالتباسات التي ظهرت مؤخرا.

وردا على سؤال اوضحت المصادر»ان البحث بين سلام وبري تناول جملة مواضيع، وجرى التركيز على موضوع اعادة الاعمار، الذي يشدد عليه الرئيس بري كاولوية اساسية، مع الضغط من اجل الزام العدو «الاسرائيلي» تنفيذ اتفاق وقف النار ووقف اعتداءاته وخروقاته، والانسحاب من الاراضي اللبنانية المحتلة، وعودة الاسرى اللبنانيين».

ما هي الاولويات؟

واشارت المصادر الى انه جرى الاتفاق والتأكيد على اولوية اعادة الاعمار ، لافتة الى كلام الرئيس سلام بعد اللقاء لجهة عدم ربط اعادة الاعمار بعملية السلاح». واضافت مصادر عين التينة ان البحث تناول مشاريع القوانين الاصلاحية، وكان الرأي متفقا على انجازها واحالتها الى المجلس لمناقشتها واقرارها، وتطرق الى فتح الدورة الاستثنائية للمجلس للقيام بدوره التشريعي لهذا الغرض، واقرار المشاريع واقتراحات القوانين الاخرى.

تبديد التوتر

وفيما لم تشأ المصادر ان تتحدث عن تفاصيل ما جرى بين الرئيسين، حول الاجواء التي سادت بعد تصريحات سلام الاخيرة حول سلاح المقاومة وحزب الله، ومسالة السلام والتطبيع مع «اسرائيل»، أوضحت مصادر مطلعة لـ«الديار»ان هذا الموضوع اخذ حيزا مهما من البحث في اللقاء، مشيرة الى ان كلام سلام على فتح ابواب السراي او منزله وترحيبه باللقاء مع النائب محمد رعد ووفد حزب الله في اي وقت، يعكس جوا ايجابيا لتجاوز وتبديد التوتر السياسي الاخير. ولم تستبعد المصادر ان يصار الى حصول مثل هذا اللقاء قريبا، ووضع الامور في اطار الالتزام بالبيان الوزاري واولوياته.

توضيح المواقف

وبعد اللقاء، حرص سلام على توضيح موقفه من مختلف القضايا، خصوصاً من حديثه عن حصرية السلاح وانتهاء زمن تصدير الثورة الإيرانية وعلاقته بحزب الله. وقال : «الموضوع لا تبريد ولا تسخين، الموضوع هو ما التزمناه في البيان الوزاري حرفياً. أنا لم أخرج بكلمة عنه، ولم أقل لا كلمة زيادة ولا كلمة ناقصة منه. وهذا ما اعلنته قبل أسبوع واثنين وثلاثة وأربعة وخمسة وأردده، والرئيس بري أكثر من متفهم لهذا الشيء، وهو يعرف أنني لم أقل كلمة خارج ما نحن متفقون عليه في البيان الوزاري. وهذا ما صوّت عليه النواب وكلنا ملتزمون به».

واضاف»بحثنا مع دولة الرئيس في موضوع إعادة الإعمار في الجنوب، وهو ذكّرني بأنني قلت إنني ملتزم بالإعمار، وأكدت له مرة ثانية أنني ملتزم بإعادة الإعمار... وإن شاء الله قريبًا ترون من الأموال القليلة التي استطعنا حشدها لليوم، كيف سنحرك عملية إعادة الإعمار في الجنوب».

السلاح واعادة الاعمار؟

وعن حجم الأموال المطلوبة لإعادة الإعمار، وهل العملية مرتبطة بنزع السلاح؟ قال سلام: «أولاً نحن في حاجة الى أكثر من 7 مليار دولار»، مشيرًا إلى «أنه خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون للبنان، وهو كان صاحب فكرة مؤتمر لإعادة الاعمار، لم يكن هناك ربط بعملية سحب السلاح، وأيضًا عندما أقر البنك الدولي مبلغ ال 250 مليون دولار لم أر ربطًا بعملية السلاح».

الانفتاح على حزب الله

وحول العلاقة مع حزب الله وإمكان حصول لقاء مع كتلة الوفاء للمقاومة، وتصريح النائب محمد رعد حول ترك بقية ود، أجاب: «أنا ايضاً أترك للود مع الحاج محمد رعد، وسنقابل الود بالود، وأهلًا وسهلًا بالحاج محمد والحزب، في الوقت الذي يريدونه سواء في المنزل او في السرايا وفي الوقت الذي يختارونه».

«ود» من رعد

وردّ رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على تصريح سلام بالقول» شكرا لودّ دولة رئيس الحكومة». واضاف في تصريح «لقناة المنار»سنلاقيه في أقرب وقت، وندلي بر أينا في ما نراه مصلحةً لشعبنا وبلدنا».

من سيخلف اورتاغوس

في غضون ذلك، لا صحة لما يتداوله البعض عن زيارة وداعية للمبعوثة الاميركية مورغان اورتاغوس الى بيروت، واشارت مصادر مطلعة الى ان لا مواعيد لها مع اي مسؤول لبناني، وزيارتها يبدو انها الغيت بعدما اقيلت من منصبها، ومن ابرز المرشحين لخلافتها على الساحة اللبنانية جويل رايبورن، الذي سيعين قريبا كمساعد لوزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى.

«مورغان أورتاغوس أقيلَت من منصبها» ، هذا ما اكدته مصادر أميركية ، وتضيف أن أسباب إقالة «أورتاغوس» لا علاقة لها بالملف اللبناني لا من قريب ولا من بعيد، بل هي أسباب مهنية بامتياز تتعلق بطريقة تعاطي «أورتاغوس» مع زملائها في الخارجية الأميركية. وتضيف المصادر أن «أورتاغوس» لن يصار إلى ترقيتها، ولن تتعين في مهام خارجية، لا في الشرق الأوسط ولا في غيره، بل ستوكل إليها مهام في الداخل وتحديدا في وزارة الخارجية الأميركية .

الخروج من «الباب الصغير»

وحتى الآن لا معلومات حول الاسباب الحقيقية الكامنة وراء اقالة اورتاغوس، الا ان اسلوبها غير الديبلوماسي في التعامل مع الملف اشعل «الضوء الاحمر» في دوائر القرار في واشنطن، بعد تقارير سلبية من السفارة الاميركية في بيروت، تحدثت عن الاضرار الجسيمة التي الحقتها اروتاغوس بالعلاقة مع الحلفاء. اما مسالة الزخم الاميركي تجاه لبنان، فليس واضحا حتى الآن كيفية تعامل الادارة الاميركية مع الملف، خصوصا ان المبعوثة الاميركية السابقة اخفقت في ادارة سياسة واشنطن على الساحة اللبنانية، وخرجت من «الباب الصغير»، بعدما ثبت عدم مهنيتها وعدم قدرتها على اثبات حضورها في اولى مهماتها الخارجية.

عراقجي لن يناقش السلاح

وفي وقت يفترض ان ينقل وزير خارجية ايران رسالة الى المسؤولين اللبنانيين حول تطورات المنطقة، تزامنا مع المفاوضات النووية مع واشنطن، لفتت مصادر ديبلوماسية الى ان مسألة سلاح المقاومة ليست على جدول اعمال وزير الخارجية الايرانية، ولن يتدخل في شأن لبناني داخلي هو جزء من حوار بين المقاومة ورئيس الجمهورية جوزاف عون. علما ان عراقجي معني بتأكيد حرص بلاده على استقرار لبنان، الذي يواجه الاعتداءات «الاسرائيلية»، وهو سيؤكد على دعم الجمهورية الاسلامية لاي خطوة تؤدي الى تحرير ما تبقى من اراض محتلة، وسيشدد على ان بلاده لا تفاوض واشنطن عن احد في المنطقة، لكن لا ضير في استفادة الحلفاء من وهج اي اتفاق نووي محتمل. وفي هذا السياق، سيطلع المسؤولين اللبنانيين على موقف طهران من المفاوضات وعدم تراجعها عن «خط احمر» يتعلق بتخصيب اليوارنيوم على اراضيها.

ازمة السلاح الفلسطيني

في ملف آخر، تشير الخلافات داخل «البيت» الفلسطيني  الى أن مهمة نزع السلاح من داخل المخيمات ستكون شائكة جدًا، ووفق المعلومات فان زيارة عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» والمشرف على الساحة اللبنانية عزام الأحمد إلى بيروت، هو محاولة لاحتواء الأزمة التي نشبت داخل حركة فتح ، بعدما تصاعدت التوترات والانقسامات عقب زيارة الرئيس عباس.

والخلاف وقع بين سفير السلطة الفلسطينية أشرف دبور وبعض الكوادر في الحركة، وفي مقدمتهم ابن الرئيس الفلسطيني ياسر ، الذي يتولى الموضوع الأمني والسياسي في لبنان، خصوصا انه وقبيل وصول عباس إلى لبنان، زار وفد أمني كبير من السلطة الفلسطينية لدراسة موضوع السلاح، ودبور كان خارج هذه المشاورات، ما ترك تباينات وخلافات. في وقت طالبت كل من حركة حماس والجهاد الإسلامي بإشراكهما في قضية تسليم السلاح للدولة اللبنانية.

ادارة خاطئة للملف

واعترف مصدر فلسطيني بارز بأن الرئيس عباس لم يدر مسألة تسليم السلاح كما يجب، أو إقامة توازن بين حرية العمل والتملك والحقوق المدنية للفلسطينيين، وهو خطأ كبير أدى إلى ما أدى إليه. وهناك قيادات بارزة داخل «فتح» تعتبر أن القرار جاء دون تنسيق مع القيادة الفلسطينية في لبنان وهيئة العمل الفلسطيني المشترك، ما أدى إلى شعور بالتهميش وإثارة مخاوف حول مستقبل الدور الفصائلي في المخيمات.

تحذيرات امنية

وتتخوف مصادر معنية بالملف، من ان ينعكس استمرار الخلافات داخل «فتح»، وتباين المواقف مع باقي الفصائل سلبا على الوضع الأمني في المخيمات، خصوصا «عين الحلوة». وثمة تعويل على نتائج زيارة عزام الأحمد لرأب الصدع داخل الحركة، وتهدئة الأجواء مع باقي الفصائل الفلسطينية، وهي مهمة صعبة لا تخلو من المطبات، وثمة ضغط من السلطات الامنية اللبنانية المعنية بالملف الفلسطيني، كي تتم الامور على نحو هادىء كيلا ينفجر «صاعق» التفجير داخل المخيمات، وهو ما لا رغبة لاحد بحصوله، لان تداعياته ستكون كارثية على المخيمات وعلى الامن في لبنان.

 الجيش.. وعلم «جولاني»

وفيما تواصل قوات الاحتلال اعتداءتها جنوبا، قام عدد من ضباط وجنود من الجيش اللبناني بازالة علم لواء غولاني للعدو  «الإسرائيلي»، من موقعه في تلة رويسات الحدب في أطراف بلدة عيتا الشعب - قضاء بنت جبيل، كما قامت قوة من الجيش بازالة السواتر الترابية والألغام التي اقامها العدو في المنطقة، وعزز انتشاره عند اطراف خلة وردة الى الغرب من عيتا الشعب.

بلاسخارت في «اسرائيل»

في غضون ذلك، بدأت امس المنسّقة الخاصّة للأمم المتّحدة في لبنان جينين هينيس- بلاسخارت زيارة «لإسرائيل»، حيث من المقرر أن تلتقي بكبار المسؤولين «الإسرائيليين». وافاد بيان عن مكتبها بأن «الزيارة تشكل جزءًا من المشاورات الدورية التي تجريها المنسقة الخاصة، حول الخطوات الرامية إلى تعزيز التقدم المحرز منذ دخول تفاهم وقف الأعمال العدائية في تشرين الثاني 2024 حيز التنفيذ، وتعزيز تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، وتواصل المنسقة الخاصة دعوة جميع الأطراف إلى التقيد بالتزاماتها، وتهيئة الظروف اللازمة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار الدائمين على طول الخط الأزرق.


الأكثر قراءة

واشنطن تضغط سياسياً... وعراقجي يعرض مشاركة انمائية فورية! تعيينات قضائية بالتقسيط... بالاسماء والمواقع تصفيات بلدية طرابلس... «تحجيم» لكرامي؟