اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في مرحلة الشباب، يتمتع الجسم بأقصى درجات النشاط والحيوية، وتُعتبر هذه الفترة من العمر الفرصة الذهبية لتأسيس نمط حياة صحي يدوم مدى الحياة. وبينما يركّز الكثيرون على الدراسة، وبناء المسيرة المهنية، وتكوين العلاقات الاجتماعية، يُغفل البعض أهمية العناية بالصحة الجسدية، وعلى وجه الخصوص مسألة الحفاظ على وزن صحي أو خسارة الوزن الزائد.

إن خسارة الوزن في سن الشباب لا تتعلق فقط بالمظهر الخارجي أو الثقة بالنفس – رغم أن لهما أثرًا مهمًا، بل تتجاوز ذلك لتكون ركيزة أساسية في الوقاية من الأمراض المزمنة التي قد تتفاقم في وقت لاحق من الحياة. فالوزن الزائد في العشرينيات أو حتى أواخر المراهقة يمكن أن يكون مؤشرًا مبكرًا على احتمالية الإصابة بأمراض القلب، السكري من النوع الثاني، ارتفاع ضغط الدم، ومشكلات المفاصل. لذلك، فإن اتخاذ قرار واعٍ بالتحكم في الوزن في هذا العمر يمكن أن يحمي الفرد من سنوات طويلة من المعاناة الصحية والنفقات العلاجية الباهظة.

من الناحية البيولوجية، يمتاز جسم الشاب بمرونة التمثيل الغذائي وقدرته على حرق السعرات الحرارية بكفاءة أكبر مقارنة بالمرحلة المتقدمة من العمر. وبالتالي، فإن محاولة خسارة الوزن خلال هذه الفترة تكون غالبًا أسرع وأقل تعقيدًا من حيث التفاعل مع التمارين والنظام الغذائي. فبناء العادات الغذائية السليمة، مثل تناول وجبات متوازنة، وتجنّب الأطعمة المعالجة، وتخصيص وقت للنشاط البدني، يكون أكثر سهولة واستدامة عندما تبدأ هذه العادات مبكرًا.

علاوة على ذلك، تؤدي الصحة النفسية دورًا لا يُستهان به في حياة الشاب. وقد أظهرت دراسات عديدة وجود علاقة قوية بين الوزن الزائد وبين الشعور بالقلق والاكتئاب وتدني احترام الذات. فخسارة الوزن تسهم في تحسين الحالة المزاجية، وتعزيز الثقة بالنفس، وزيادة القدرة على التفاعل الاجتماعي والمشاركة في الأنشطة المختلفة دون إحساس بالحرج أو التردد.

إلى جانب الفوائد الصحية والنفسية، تساعد خسارة الوزن أيضًا في تحسين الأداء الجسدي والعقلي. إذ إن تقليل الوزن الزائد يخفف من العبء على القلب والرئتين، ويزيد من مستوى الطاقة العامة، ويحسّن التركيز والذاكرة. وبالنسبة للشباب الذين يطمحون إلى التميز في دراستهم أو عملهم أو حتى في حياتهم الرياضية، فإن التحكم بالوزن يُعتبر خطوة أساسية نحو تحقيق هذا الطموح.

ولا يمكن تجاهل أن خسارة الوزن في سن الشباب تعني أيضًا التأسيس لنمط حياة مستدام على المدى البعيد. فالشاب الذي يتعلّم كيف يتناول الطعام بوعي، ويمارس الرياضة بانتظام، ويمنح صحته أولوية، سيكون أكثر قدرة على مقاومة التحديات الصحية التي قد تظهر لاحقًا، وأكثر استعدادًا لبناء عائلة صحية ومجتمع أكثر وعيًا.

في الختام، فإن خسارة الوزن في سن الشباب ليست مجرد هدف جمالي، بل هي استثمار حقيقي في المستقبل. إنها تعني جودة حياة أفضل، وصحة أقوى، ونفسية أكثر توازنًا. وكل قرار يُتخذ في هذا العمر نحو حياة أكثر صحية هو قرار يحمل آثارًا إيجابية لعقود مقبلة. 

الأكثر قراءة

الضاحية تحت النار بتواطؤ اميركي: نتانياهو يريد الحرب؟ الجيش يفضح اكاذيب <اسرائيل>..كشف ميداني ولا سلاح عون: لبنان لن يرضخ أمام «صندوق بريد الدم»!