لبنان على خطى السلحفاة، وبخيال السلحفاة. لكأن سعيد عقل لم يصعد بنا الى النجوم. اللعبة الاقليمية واللعبة الدولية داخل سورية في ذروتها. واذ بتنا نعلم الى أين تمضي سورية، لا ندري الى أين يمضي لبنان، الذي لم يعد يعني أحدًا. ما يخيفنا وسط هذا الاعصار، وجود لبنان وبقاء لبنان. البوابة السورية التي هي بوابتنا، الآن بوابة الشرق الأوسط. حتى فرنسا، وكما تلاحظون لم تعد تكترث بنا. صندوق النقد الدولي يكان يتركنا وشأننا. وعود في مهب الريح...
القضية المركزية لرئيس الحكومة نواف سلام الذي نعلم من هي مرجعيته الشخصية ومرجعيته السياسية، هي قضية نزع سلاح حزب الله. يا رجل نحن معك في عدم ازدواجية السلاح، لكنك لا شك تدرك ما هي سورية الآن، وما هي "اسرائيل" الآن. قرأنا كتبه، هو أقرب الى الشخصية الأكاديمية الفذة، ويكاد يكون بعيدا عن الحنكة السياسية، لكي يتعاطى ببراعة مع النيران التي تهب من كل حدب وصوب. أكثرية الشيعة تسأل الآن عن مصيرها بين سورية بالايديولوجيا الملتبسة، و "اسرائيل" بالايديولوجيا المجنونة، هذا اذا ما أغفلنا الرعاية الاقليمية للخلايا النائمة، التي باتت على استعداد لاستعادة مسلسل المذابح، المذابح بالنار في الضاحية وغير الضاحية.
وحين ينتظر الشيعة الأيام السوداء، لا بد أن تنتظر الطوائف الأخرى الأيام السوداء. وكنا نتمنى لو أن رئيس الحكومة أدلى بتصريح واحد، خال من موضوع نزع سلاح حزب الله. ما معنى القول وفي هذا الوقت بالذات، ان عهد تصدير الثورة الايرانية قد انقضى، مع اقتناعنا بأن من دعوا الى ذلك يفتقدون الحد الأدنى من الرؤية الايديولوجية والرؤية الاستراتيجية.
ذاك السلاح لم يعد يهدد "اسرائيل"، ولا يهدد سوريا. بطبيعة الحال، لا يهدد اي دولة عربية، كما لا يهدد أميركا، ولا حلف الأطلسي، ولا العزيزة تركيا التي قالت انها تتولى اعاد تركيب الجيش السوري، بدمج آلاف الأغراب فيه بثقافة تورا بورا، لا سيما الذين تم استجلابهم من "العالم التركي"، ومن تركستان الشرقية الى أوزبكستان.
باختصار تتريك الجيش السوري، أي العودة الى النيوانكشارية لخدمة النيوعثمانية، ان في سوريا أو في لبنان، وحتى في بلدان عربية لم يعد لها من هاجس سوى سلاح حزب الله، لا الرؤوس النووية "الاسرائيلية" حين تكون في ادارة تلك الثلة من الذئاب، ولا الخلايا "الداعشية" (هل من تظيم أصولي لا يحكمه "الفكر الداعشي")؟
أول أمس قتل 5 علويين كانوا محتجزين لدى الأمن العام في قلب دمشق، وهم عائدون من عملهم في أحد المطاعم (جريدة "الوطن" السورية)، ودون أن تتوقف عمليات الذبح اليومي والاختطاف اليومي، لأبناء وبنات تلك الأقلية البائسة التي تعاني الان، مثلما كانت تعاني من شبيحة العائلة الحاكمة، حين كان بشار الاسد يعتمد على أجهزة الاستخبارات، التي كانت تحمي البلد من المواخير الليلية. أما رؤساء الأجهزة فكانوا منهمكين في تكديس الثروات والنساء، أيضاً وايضاً في بناء القصور. الآن يختبئون مثل الكلاب، بعدما هربوا تحت جنح الظلام، تاركين العلويين وغير العلويين بين مصاصي الدماء.
هل يعلم رئيس حكومتنا، ومرة أخرى نعلم من أتى به ومن يضغط عليه لتنفيذ اجندة معينة، ما مصير الشيعة الذين لا غطاء لهم، اذا قبل الحزب بتسليم سلاحه (ولن يسلمه)، بعدما هدد وزراء ونواب باللجوء الى احمد الشرع من جهة، والى بنيامين نتنياهو من جهة أخرى، لاستئصال ما يدعى بـ "البيئة الحاضنة" من الأرض اللبنانية. بالصوت العالي، هذا الوقت كان يفترض أن يكون سعد الحريري في السراي ولا أحد غيره، بعدما رفض تلك الخطة المروعة التي طرحها وزير عربي سابق، والتي لو نفذت، لدفعت بلبنان واللبنانيين الى الحرب الأهلية الثانية، بل والى الزوال...
هكذا دفع سعد الحريري، وهو الابن البار لرفيق الحريري، الثمن الباهظ بابعاده حتى عن ضريح ابيه، الذي كان يدرك ما حساسية ـ وهشاشة ـ التوازنات الطائفية في البلد، الذي يبدو الآن (أيها الدكتور سمير جعجع) أمام أيام مصيرية. واذا كان لبنان قد وجد من أجل المسيحيين، ينشغل قادتهم، من سمير جعجع الى جبران باسيل وسامي الجميّل، بتعداد البلديات التي تفوقوا فيها على بعضهم البعض. وحين تكون هذه اهتمامات القادة، ولبنان كما المحيط في قبضة المجهول، الى اين يمضي لبنان والى اين يمضي المسيحيون؟
هذا لنتوقف عند ما يتهدد سوريا، ان من الفصائل المتفلتة في كل الاتجاهات والمعروضة في المزاد العلني، أو من "اسرائيل" التي طمأنها الرئيس أحمد الشرع، وبكل تلك الأريحية، بالحديث عن "الأعداء المشتركين"، أي ايران وحزب الله، لكأنه لا يعلم أن الدولة العبرية يسكنها، وحتى توراتياً، هاجس "ذئاب الشمال"، ليكون الحل بتقطيع الاوصال السورية على أسس طائفية واثنية، وحتى على أسس مناطقية وما شاكل...
ونحن في تلك الغرنيكا، بأبعادها الايديولوجية والاستراتيجية، ماذا يستطيع الرئيس جوزف عون أن يفعل لاخراج البلاد من مستنقعات النار، بوجود الدولة ـ السلحفاة، وبساسة القرن التاسع عشر؟ الآن، قناصل بوجوه أخرى وبأظافر أخرى، لا يعنيهم ما يحدث في غزة وما يمكن أن يحدث في لبنان، دون أن ندري ماذا يفعل حزب الله داخل الحكومة، سوى أن يكون "شاهد ما شافش حاجة"، وان كان الهدف مد اليد الى الآخرين الذين يواجهونه، اما بالتكشيرة الأميركية أو بالتكشيرة "الاسرائيلية"، وحتى بالتكشيرة العربية.
أعان الله رئيس الجمهورية حين يرى بالعين المجردة، كيف تحيط الأسلاك الشائكة على أنواعها، به وبالقصر...
يتم قراءة الآن
-
لبنان أمام خطر المصير
-
الضاحية تحت النار بتواطؤ اميركي: نتانياهو يريد الحرب؟ الجيش يفضح اكاذيب <اسرائيل>..كشف ميداني ولا سلاح عون: لبنان لن يرضخ أمام «صندوق بريد الدم»!
-
عتب في لقاء الـ45 دقيقة ... سلام يستحضر الهتافات... والحزب يردّ : النجمة لا العهد!
-
لهذه الأسباب يريد ترامب استبدال أورتاغوس.. فهل يخلفها رايبورن؟!
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
19:11
إحصاء أولي للأضرار التي خلفتها الغارات "الاسرائيلية" على الضاحية الجنوبية: دُمرت 9 أبنية تدميرًا كليًا، وتضرر 71 مبنًى و50 سيارة و177 مؤسسة.
-
18:27
3 شهداء بقصف "إسرائيلي" لمنزل في جباليا البلد شمالي قطاع غزة، و34 شهيدا في غارات "إسرائيلية" على مناطق عدة في القطاع منذ فجر اليوم.
-
18:26
الخزانة الأميركية: فرضنا عقوبات مرتبطة بإيران على عدد من الأشخاص والكيانات.
-
18:25
سي إن إن عن مسؤولين "إسرائيليين": تسليح ميليشيا في غزة تم بتفويض من نتنياهو دون موافقة المجلس الوزاري الأمني المصغر
-
17:53
فايننشال تايمز عن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: المواقع الإيرانية الأكثر حساسية موجودة على عمق نصف ميل تحت الأرض والوصول إليها معقد.
-
17:51
فايننشال تايمز عن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: متفائل بإجراء الولايات المتحدة وإيران محادثات جدية، والقدرات النووية الإيرانية لا يمكن تدميرها بضربة واحدة.
