اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

د.ايلي يوسف العاقوري

بيروت،  في 4 حزيران 2025


في ظلّ الأزمات المتلاحقة التي يشهدها لبنان، لم يعد تمكين الشباب خيارا تربويا أو ترفا اجتماعيا، بل أصبح ضرورة وطنية عاجلة. فهؤلاء الشباب الذين يشكلون أكثر من ٣٠% من المجتمع اللبناني، يحملون في طاقاتهم الكامنة إمكانيات التغيير، شرط أن نفتح أمامهم المسار ونمنحهم الأدوات ونعمل على تمكينهم اليوم قبل الغد.

ما المقصود بالتمكين؟ التمكين لا يعني منح الامتيازات، بل هو تحفيز القدرات الكامنة، وتوفير فرص التعبير والمشاركة، وتعلّم المهارات اللازمة لمواجهة التحديات. تمكين الشباب هو أن نجعلهم شركاء لا متلقين، فاعلين لا فقط طامحين.

الكل يدرك أن الشباب اللبناني يواجه اليوم تحديات غير مسبوقة على كافة المستويات فالتدهور الإقتصادي يهدد مستقبلهم المهني وضيق سوق العمل يجبرهم على الهجرة ناهيك عن العمالة الأجنبية الغيرمنظمة التي تهدد بالمباشر كافة الطبقات الإجتماعية.

هناك أزمة ثقة بين الشباب اللبناني وبين المؤسسات الرسمية والدولة عامة!!!، لماذا؟؟؟ لأن عقول المسؤولين في مكان آخر وآذانانهم مسدودة وعيونهم مقفلة. هذه السياسات همشت الشباب اللبناني على الأقل منذ بداية التسعينات، أي بعد ما يسمى "طوي صفحة الحرب الأهلية" ... فبدلا من أن تنصهر الأحزاب وميليشياتها في الدولة، تمليشت الدولة على اياديها السود واصبحت مفاصل الدولة خاتما في اصبع هؤلاء الاشرار. للأسف سادت عقلية "مشيلي ت مشيلك و مرقلي ت مرقلك"... وغفلت الدولة عن ثعالبها و انهار الهيكل. وحصدنا ما حصدناه من تشويه في الفكر والقيم والعمل والإداء... وبات شبابنا في مهب الريح.

رغم ذلك، ما زال الكثير منهم يبادر، يبتكر، يتطوع، ويؤمن بلبنان جديد. فهل نرافقهم أم نخذلهم؟ما هو دور كل من العائلة والمدرسة والجامعة والمجتمع عامة؟ كيف للدولة عبر وزراتها ومؤسساتها التربوية أن تتبنى مشروع تمكين شاباتها وشبابها؟ هل من نية لكسر الجليد المتراكم عبر الزمن بين المجتمع الشاب المخذول والدولة؟ ماذا يجب على الدولة أن تفعل لاستعادة ثقة جيلها الشاب؟

كي نمكن شبابنا الآن؟ علينا أن نطرق باب التربية الآن. فبناء الإنسان يبدأ باكرا ومن ثم صقله وتمكينه. الكل مسؤول عن هذه المراحل وفي الأخص الشباب. هم بحد ذاتهم، عليهم أن يكونوا مؤمنين بطاقاتهم ومبادرين لإحداث خرق في حائط جليد اللاثقة. التربية على الوعي هي اولويات المدرسة فبدلا من تلقين المعارف يجب تنمية المهارات كالتفكير النقدي وحل المشكلات والعمل الجماعي.

تقع على المجتمع ايضا مسؤولية كبيرة فإشراك الشباب في صنع القرار هو خطوة متقدمة لإستقطابهم، فمنحهم أدوارا قيادية داخل بيئتهم يعطي ثمرا بنكهة مختلفة ويجعلهم يشعرون بالمسؤولية والانتماء.

الاستماع إلى هواجس الشباب هو أيضا مدماكا اساسيا في بناء شخصية جيل المستقبل، إذ أن فتح مساحات حوار حقيقية معهم حول واقعهم وطموحاتهم، كفيل ببناء جسور ثقة بينهم وبين محيطهم مما يمكنهم من الإنخراط المبكر في المجتمع، فتراكم الخبرات في سن مبكر يزيدهم مهارة وإنتاجا وابداعا.

مما لا شك فيه أن تعزيز المواطنة الفاعلة

وترسيخ قيم الديمقراطية، والمشاركة المجتمعية، واحترام التنوع، هو حجر الأساس لأي نهوض.

هذه وسائل تؤكد أن الشباب إذا أُعطوا الثقة، فإنهم قادرون على قيادة التغيير من داخل مجتمعاتهم.

تمكين الشباب اللبناني ليس شعارا نردده، بل مسارا نلتزم به كمسؤولين ومربين وأهل وصناع قرار. إنهم لا يحتاجون إلى من ينقذهم بل إلى من يؤمن بهم ويمنحهم المفتاح ليفتحوا أبواب المستقبل بأنفسهم.

هل تعتقدون أن المناهج الحالية تواكب فعلا طبيعة المخاطر الجديدة التي يواجهها الشباب؟ سؤال برسم وزارة التربية!!

الوقت هو الآن والشباب هم الأمل والغد.


الأكثر قراءة

مواجهة بلا سقف بين إيران و«إسرائيل»... وواشنطن على حافة التدخّل! سفير غربي يحذر من عمل عسكري «اسرائيلي» في الجنوب حتى الأولي برّاك بعد لودريان: لا اعذار للتاخير