يحتفي الفنان الموسيقي والتشكيلي اللبناني، جورج يمين، هذا الأسبوع، بختام معرضه "روايات الرصاص" (Narratives of Bullets) بعنوان رديف "العزف الصامت" (Silent Impact) الذي أقيم في غاليري "تانيت" في مار مخائيل في بيروت.
أكثر من إشكالية تختبيء في ثنايا العناوين، بالترادف مع الاهتمام الأساس للفنان، أي الموسيقى، لكن المعرض صور فوتوغرافية استطاع الفنان وحده قراءة الرابط بين الصورة والصوت.
رصاص وصامت إشكالية أولى في طرح يمين، فالرصاص، على النقيض، صاعق، وليس صامتاً، لكنه تحوّل صامتاً بالتفاعل معه، وتتبع آثاره، وتطورات حضوره، وعندما أصبح موضوعاً في الذاكرة الطاعنة في الطفولة، فتحوّل صوت أزيزه عزفاً، شاءه الفنان صامتاً، رغم صخبه.
لا يخرج يمين عن نمط الحياة التي عاشتها غالبية أجيال الاستقلال اللبناني التي تعايشت مع الرصاص بصورة دائمة، والبداية مع مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية بأحداث سنة 1958.
لكنّ طفولة يمين تعود للثمانينيات من القرن العشرين، أمضاها في بيروت يوم كانت الأعمال العسكرية تطغى على الحياة العامة، وربما كان الرصاص أخفها وطأةً، وضجيجاً مقارنة مع مواد الأعمال العسكرية الأخرى من قذائف وصواريخ.
تنبىء نشرة تعريفية مترافقة مع المعرض أن يمين، وأثناء توثيقه لحياته الموسيقية من خلال التصوير الفوتوغرافي، "قاده تجواله في المدن والطبيعة والصحاري إلى اكتشافٍ مفاجئٍ لِصلةٍ بطفولته".
مثله مثل مختلف الأجيال التي عايشت الرصاص- الحروب اللامتهاودة في لبنان، و"خلال جولاته، يجمع الرصاصات الطائشة. عندما كان صبياً في العاشرة من عمره، نشأ في لبنان أواخر ثمانينيات القرن الماضي، واجه يمين بالفعل بقايا الحرب مع خراطيشها"، إلى أن أصبح التفاعل مع الرصاص أمراً مألوفاً، خصوصاً بعد أن تسرب إلى الخصوصيات اللبنانية، وبات نظراً لوفرته، موضوعاً غير جاذب لجمعه.
تَسَرّبَ الرّصاص إلى احتفالات "النصر"، النجاح بالشهادة، ولادة طفل، حَمَلُ بقرة، فلم تعد الرصاصة أمراً غير مألوف، إلّا أن التباينات بتفسير حصولها هي غير المألوفة. فالرصاصة الطائشة، برأي النشرة، "تحمل معانٍ غامضة، إذ يُمكن أن تُشير إلى الفرح والحزن. ويظل لغز نيّة مُطلقها قائماً حتى يعثر المرء بالصدفة على الرصاصة أو غلافها المفقود، مما يزيد من غموض العمل".
المعرض يتعمّق في استكشافٍ مُثيرٍ للذاكرة، ويتلمّس الفنان ما وراء الغرض المُقصود من الرصاصة، ويرى في تشوهها قصة تغيير ومرور الزمن، لذلك صوّرها منكسرة، أو متآكلة، أو مهترئة، أو سليمة، فلكل حالة معنىً، ولكل شكل إشارة يمكن وصفها بالتوثيقية لمرحلة تاريخية، أو حدث عابر.
فمن خلال الاستكشاف الفوتوغرافي للمناظر الطبيعية والحضرية، ممارسة لا بد منها لفنان تصوير فوتوغرافي، من هنا يُعيد هذا العمل النظر في ذكريات الطفولة التي شكّلتها الحرب، حيث تُعاد صياغتها كعلامات للزمن والذاكرة والتحول.
يُبرز كتابه "الأثر الصامت: روايات الرصاص" جانباً من أعمال يمين، كما نَشر كتاب "العزف الصامت: أوركسترا الديوان الغربي الشرقي وفن الموسيقى" عام 2014، يستكشف القوة التحويلية للموسيقى في تعزيز الحوار، من خلال أعمال فرقة موسيقية تجمع موسيقيين من خلفيات متنوعة.
منذ عام 1999، وخلال جولاته العالمية العديدة مع أوركسترا الديوان الغربي الشرقي، اكتشف يمين أن التصوير الفوتوغرافي وسيلة ثانية للتعبير عن نفسه، مما مكنه من التقاط الروابط الموسيقية بصرياً وتجربة الحركة والأشكال، ويعكس كتابه المصور "شرارة أمل"، الذي صدر عام 2014 عن دار نشر "كورسو" في ألمانيا، هذه المرحلة.
تُعرض أعمال جورج يمّين في مجموعات خاصة ومؤسسات مثل مؤسسة بارنبويم - سعيد (إشبيلية). وقد عرض أعماله في معرض بيرنهايمر (لوسرن)، ومعرض لايكا (سالزبورغ)، وفوتوكينا كولونيا (كولونيا)، ومعرض أنيما (الدوحة)، ومعرض المرخية (الدوحة).
كما عُرضت أعماله في العديد من المعارض الفنية الدولية مثل لايكا غاليري/سالزبورغ، وبرنهايمر للفنون الجميلة. معرض/لوسرن، معرض أنيما/الدوحة وجمعتها مؤسسات مثل مؤسسة بارنبويم سعيد/برلين وغيرها.
وعلى هامش المعرض، أقيمت ندوة فنية تناولت "المكانة الفريدة للتصوير الفوتوغرافي في لبنان"، جمعت 3 شخصياتٍ في المشهد الفني اللبناني، وهم: ميشال الزوق، فنانٌ عالميٌّ في مجال التصوير والراب، يستكشف من خلال سلسلته "الحيوانية والحضرية" التوترَ بين العنف والجمال،
ونايلة كتانة كونيغ، مؤسسة الغاليري، والفنان يمين، وتناول كل من المتحدثين تحديات التصوير في مجتمعٍ مُجزّأ، ومسؤولية الفنان في مواجهة الأزمة، والآفاق المستقبلية لهذه الممارسة في المنطقة، كل من خلال تجربته الفنية.
يتم قراءة الآن
-
لبنان أمام خطر المصير
-
الضاحية تحت النار بتواطؤ اميركي: نتانياهو يريد الحرب؟ الجيش يفضح اكاذيب <اسرائيل>..كشف ميداني ولا سلاح عون: لبنان لن يرضخ أمام «صندوق بريد الدم»!
-
عتب في لقاء الـ45 دقيقة ... سلام يستحضر الهتافات... والحزب يردّ : النجمة لا العهد!
-
لهذه الأسباب يريد ترامب استبدال أورتاغوس.. فهل يخلفها رايبورن؟!
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
21:53
الخارجية البلجيكية تندد بالغارات "الإسرائيلية" التي استهدفت بيروت: تعد انتهاكا جديدا لاتفاق وقف إطلاق النار.
-
21:52
الرئيس الأميركي دونالد ترامب: سنعقد الاثنين المقبل في لندن اجتماعا مع الصين بشأن الاتفاق التجاري ومن المتوقع أن يسير على ما يرام.
-
21:34
بوليتيكو عن رئيس المجلس الأوروبي: الوضع في غزة غير مقبول ونقيم مدى التزام "إسرائيل" بالقانون الدولي.
-
21:34
عمدة موسكو: الدفاعات الجوية أسقطت مسيرة حاولت الهجوم على العاصمة الروسية.
-
21:33
الجيش "الإسرائيلي": مقتل 4 جنود وإصابة ضابط بجروح خطرة في معارك بجنوب قطاع غزة.
-
21:33
بوليتيكو عن دبلوماسي: ضغوط من عواصم أوروبية لتقديم قائمة بالخيارات الممكنة للرد إذا ثبتت انتهاكات "إسرائيل"، وهناك تغير في الرؤية بشأن استجابة الاتحاد الأوروبي لما يحدث في غزة.
