اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


 


خميس الجسد، عيد الجسد الالهي والقربان الاقدس. هذا العيد العظيم الذي يحتفل به العالم الكاثوليكي في العالم كله، بأبّهة وعظمة واحتفالات وزياحات وتراتيل ومسيرات. هذا العيد يقع بعد احد الثالوث الاقدس، وهو الاحد الاول بعد عيد العنصرة.

خميس الجسد هو نهار الخميس بعد احد الثالوث الاقدس وبعد احد العنصرة، ونهار الجمعة بعد اسبوع يأتي عيد قلب يسوع. هذه السنة عيد خميس الجسد في نهار الخميس 19 حزيران، اما عيد قلب يسوع ففي 27 حزيران نهار الجمعة.

بين اهل زحلة والجسد المقدس الالهي، شعلة حب وعجيبة شفاء وحماية من الوباء. تبدأ الطقوس في مدينة زحلة عروسة البقاع قبل ثلاثة ايام. تقام في كل مساء صلوات وزياحات وتطوافات ومسيرات شموع وصلوات. تضاء شرفات المنازل بالشموع وتزين بالصور والزهور والكروم. كل ذلك قبل زياح القربان المقدس الكبير الذي يبدأ صباحا باكرا في كل كنيسة من كنائس زحلة المتعددة الطوائف، من موارنة وروم لاتين وروم اورثوذكس وسريان كاثوليك وسريان اورثوذكس واشوريين وكلدان وسواها من الكنائس والطوائف والجماعات. ويبدأ الزياح بشعاع قربان كبير صنع خصيصا ليتسع للقربانة الطقسية البيزنطية، وهو محفوظ الى اليوم في كنيسة سيدة النجاة في زحلة.

كل ذلك يترافق ويزداد جمالا مع الاناشيد القربانية الرائعة بلسان المدح، "لك التسبيح والشكران، يا سرا سامي المقام"، وسواها من الترانيم الطقسية المتعددة الساهرة.

الكل يتلاشون ويجمعهم الجسد الالهي والقربان المقدس، في مسار طقوسي يحمل معاني المشاركة والمحبة.

يطلع شعاع القربان المقدس من كسارة من كنيسة الموارنة، ويذهب الى حوش الامراء عند الروم الملكيين، ومن هناك الى كنيسة السريان الاورثوذكس في المدينة الصناعية، ثم ذهابا الى ساحة كنيسة المعلقة، بعدها الى مارجرجس للروم الاورثوذكس في حي الميدان، ثم الى مار نقولا للروم الاورثوذكس، ثم الى سان تريز للسريان الكاثوليك.

القربان المقدس، الجسد الالهي يجمع كل هذه الكنائس الشرقية: اشورية، انطاكية، كلدانية ارثوذكسية ومارونية. الكل يتوحد امام جسد يسوع المسيح، ويجتمع امام سرايا زحلة، لينطلق زياح صليب كبير الى سيدة النجاة في زحلة. وهناك في الشوارع الكثير من الصمدات امام المنازل تستقبل الجسد المقدس، والكاهن يبارك بالشعاع المقدس رؤوس جميع الحاضرين والمشاركين. شعاع واحد ينتقل من كنيسة الى اخرى، وبه تتبارك المدينة والشوارع وجميع الناس، ليحميها القربان الاقدس من الطاعون والوباء.

يوم سافرت الى ستراسبورغ في فرنسا لاكمال دراستي التيولوجية والانتربولوجية، كانت عطلتي الاولى في فريبورغ في المانيا لدراسة اللغة الالمانية. وحضرت هناك بآية مهابة. تقيم الكنيسة الالمانية والكاثوليكية عامة عيد جسد الرب او الجسد الالهي Corpus Domine او Corpus Dei عيد الجسد الالهي، اكان ذلك في المانيا ام في فرنسا ام في ايطاليا، أم في باقي الدول الاوروبية الكاثوليكية.

كل ذلك ابتدأ سنة 1825 حين تفشى الطاعون وفتك بالعديد من ابناء زحلة ، فارتعب الناس خوفا، ومات منهم الكثير. فاخذ المطران للروم الملكيين اغناطيوس العجوري سنة 1825 مبادرة هامة، حيث حمل القربان المقدس وطاف في شوارع المدينة مع جميع اهل زحلة، وجميع المطارنة في المدينة من جميع الطوائف، متضرعا الى الرب ان يشفي اهل زحلة، ويبعد عنهم وباء الطاعون. فاستجاب الله لتضرعه وحصلت الاعجوبة وشفي اهل زحلة. ومنذ ذلك الحين اصبح عيد الجسد الالهي عيدا سنويا، تكرم فيه زحلة واهلها القربان المقدس، وتقام صلوات ومسيرات في جميع شوارع المدينة زحلة شكرا لله على نعمه وبركاته.

انها اعجوبة ربانية، دوّنها تاريخ زحلة سنة 1925 العريق. انها اعجوبة عيدها 200 سنة، لكنها تحدث كل يوم في حياتنا منذ 200 عام دون انقطاع.

تحيي زحلة هذا العيد احياء لانقاذ مدينتهم من الطاعون، حيث اختفى الوباء يوم حمل المطران اغناطيوس العجوري كأس القربان، وسار يبارك اهل زحلة وجميع شوارعها.

الاعجوبة ترافق حياة المؤمنين، لان العناية الالهية تظهر لنا دوما محبة الله لنا ورحمته، ومحبة قلبه الاقدس لنا.

اما اعجوبة القربانة الهامة والمذهلة، فكانت مع كاهن قليل الايمان بالقربان الاقدس. الكاهن يشكك في  تحول الخبزة التي بين يديه الى جسد ودم يسوع المسيح، بعد ان يلفظ عليها كلام التقديس: "خذوا كلو هذا هو جسدي"، ووضع البرشانة على الصمدة Le Corporal بعد الكلام الجوهري، فتحولت القربانة الى جسد يسوع المسيح وجرى منها الدم على الصمدة.

لقد اخذ طبيب الغرب الاميركي الشهير Franco Seraphin عينة الدم الموجود على الصمدة، فاثبتت النتيجة ان هذه الخلايا هي من عضلات القلب.

والاعجوبة الثانية التي حدثت في زحلة، يوم كانت محاصرة، والقذائف تتساقط عليها في جميع احيائها وشوارعها مثل المطر. وكان الرهبان يصلون ويصومون على طريق القصر الجمهوري في بعبدا. وقد استشهد بعض الشباب في الثلج على الجبال دفاعا عن زحلة. انقذت يومذاك سيدة زحلة من الموت والدمار واوقفت الحرب وانهزم المهاجمون. فللرب المجد والتسبيح والاكرام.

وتبقى كنيسة قلب يسوع Le Sacre Coeur على تلة باريس بحجارتها البيضاء، شاهد شكر  لقلب يسوع الاقدس على حمايته ورعايته فرنسا.

                                                                    * شكري الخاص لجميع من عاونني

                                                             واعطاني المعلومات وللمراجع لهذا العيد الهام

الأكثر قراءة

لبنان أمام خطر المصير