اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يرغب كل مشجع لبناني وعاشق لكرة القدم بأن يشاهد منتخبه بأبهى حلة وأجمل صورة وأداء رغم كل الظروف التي تحيط ببلده وتضغط على كاهل الشعب برمته.

وليل الثلاثاء، خاض منتخب لبنان لكرة القدم مباراته الثانية في تصفيات كأس آسيا 2027 أمام الخصم العربي منتخب اليمن الشقيق في الكويت، وقد وصفها إعلام الاتحاد اللبناني لكرة القدم بأنها "الأهم"، ومع احترامنا الكامل للمنتخب اليمني وظروفه الصعبة شعرنا للوهلة الأولى أننا سنلاقي منتخبا مدججا بالنجوم يحمل تاريخه الكروي الناصع بين جنبيه وهو يدخل المباراة، وذلك بعد التذكير بالنتيحة "الساحقة الماحقة" على منتخب بروناي بخماسية بيضاء ناصعة..

فالعجب كل العجب من هذا التطبيل الفارغ والنفخ في الأبواق خصوصا متى علمنا عن ما قاله المدرب الألماني ثيو بوكير قبل فترة وجيزة، وهو المدير الفني السابق لمنتخب "الأرز" بعد مباراة منتخب بروناي على وجه التحديد إذ قال "لو إن مجموعة موظفين من كازينو لبنان لعبوا ضد هذه المنتخبات الضعيفة لفازوا عليها.."، فكل العجب من محاولة يائسة ومكشوفة لتلميع صور الاتحاد قبل المنتخب على حساب منتخبات مغمورة لا علاقة لها أصلا بكرة القدم، وخصوصا بوتان وبروناي، لأن الاخفاقات السابقة والمتكررة لمنتخب لبنان باتت "ماركة مسجلة" في ظل فشل اتحادي واضح وعقم كبير في مواجهة التحديات ومعالجة الثغرات المفصلية.

قدم منتخب لبنان مباراة أقل من عادية بمواجهة اليمن على الرغم من انه يملك مجموعة جيدة من اللاعبين خصوصا الذين يلعبون خارج الديار، ولكن التباهي بالصدارة والتعادل امام اليمن ليس بأمر يدعو للفخر، فكيف إذا وصل الى نهائيات آسيا عندها سيلاقي منتخبات قوية وعتيدة تملك الخبرة الكافية في هذا المحفل القاري، فهل ستكون النتائج كارثية ونتلقى الخسائر ونندب حينها على الأطلال كالعادة ونتقاذف تحمل المسؤولية.

والأمر غير المفهوم هو تلميع دائم لصورة المدير الفني رادولوفيتش الذي أقل ما يقال عنه أنه مدرب عادي لا يملك مقومات ربط الخطوط ببعضها وإضفاء صورة جديدة لمنتخب تشعر أمامها إلى أن اللاعبين يقدمون مباراة فيها المتعة والتكتيك السليم وشن الهجمات المتتالية على مرمى الخصم، بل أكثر ما يصلح أن يكون عليه المدير الفني أن يكون "مهرجا".. والعيب ليس في المدرب وحده بل في الاتحاد نفسه الذي لا يقدر أن يؤمن ملعبا ذو مواصفات تليق بلعبة كرة القدم للمنتخب على مدار العام ولا مباريات دولية ولا معسكرات طويلة الأمد يمكن أن نقول عنها معسكرات ذات فائدة.

والأدهى والأمرّ أننا لا نملك أدنى مقومات اللعبة من ملاعب عشبية لإقامة مباريات الدوري والاهتمام بمنتخبات الفئات العمرية كالشباب والأولمبي والناشئين، وهذه المنتخبات هي ايضا ضعيفة ونتائجها غالبا ما تأتي سلبية وخجولة.

لا توجد خطط سليمة لإنقاذ اللعبة لأنها بحاجة إلى "إنعاش" سريع قبل أن نفكر بخطط متقدمة تلحقنا بركب البلدان المتطورة، والمؤسف أننا نسمع الكلام عينه والنغمة ذاتها منذ 15 عاما تقريبا ولم يفلح المنتخب إلا في عهد الألماني ثيو بوكير حيث واجه نهضة مقبولة ولكن كل خطط التطوير توقفت بعدها.

من هنا يجب التوقف على ذكر انتصارات وهمية على حساب منتخبات ضعيفة والاستقواء عليها وتصوير هذه العنتريات على أنها إنجازات ستدخل التاريخ من أوسع ابوابه لنبرر سقوطنا وعثراتنا وهزائمنا أمام منتخبات قوية ومنها منتخبات تفوقت علينا بسبب عملها الدؤوب والاستثنائي حبا في التطوير وقد كان، الفارق أن هناك اتحادات وإدارات قررت العمل وشمرت عن سواعدها ووصلت ولاقت حصاد زرعها وخير دليل المنتخب الأردني "النشامى" الذي بلغ كأس العالم 2026 للمرة الأولى في تاريخه بسبب الرؤية الحكيمة التي وضعها اتحاد اللعبة هناك، أما في لبنان فالاتحاد يتلطى وراء مقولة "نسعى دوما إلى تطوير اللعبة" فمتى نقطف نتيجة هذه السعي وهل هناك سعي ملموس وعملاني أصلا حتى يُترجم نتائج حقيقية وواقعية أم أن الكلام في الهواء هو سيد الموقف ولا جمرك عليه كالعادة، من أجل تمرير سنوات الولاية تلو الولاية والمزاحمة على السفر وحضور المؤتمرات والمشاركة في الاحتفالات.

كم كنا نتمنى أن يلعب منتخبنا في التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم ومقارعة السعودية وقطر وكوريا الجنوبية والعراق وغيرها بدلا من "عرض العضلات" على بوتان وبروناي واليمن.

لذا يرجى التوقف عن "التطبيل" الزائد وتلميع صورة متسخة لم يعد يرغب بها جمهور اللعبة، والاكتفاء بالكلام الواقعي والمنطقي الذي يتماشى مع قدراتنا وإمكاناتنا المتواضعة جدا ويبدو الأمر واضحا بأنه لا يتعدى مقولة "زوبعة في فنجان" سرعان ما تزول مع ظهور لعبة كرة القدم برّمتها بمستوى هابط وتنكشف معها الأقنعة المزيفة على الوجوه، وهذا ما بدا عليه منتخبنا في مباراته الأخيرة أمام اليمن.

الأكثر قراءة

أيام للتاريخ في الشرق الأوسط