اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُصنَّف سرطان الزائدة الدودية كأحد أنواع السرطان النادرة التي تصيب الجهاز الهضمي، ويحدث عندما تبدأ خلايا الزائدة بالنمو والانقسام بشكل غير طبيعي خارج عن السيطرة. الزائدة الدودية هي عضو صغير يشبه الإصبع يقع في بداية القولون في الجهة اليمنى السفلية من البطن، وغالبًا ما تُهمل أهميته الطبية. إلا أن إصابته بمرض خبيث كهذا يجعل من الضروري تسليط الضوء على مخاطره.

لا تزال الأسباب الدقيقة المؤدية إلى سرطان الزائدة غير مفهومة بالكامل، كما هو الحال مع أنواع كثيرة من السرطان. غير أن الباحثين يرجّحون وجود مجموعة من العوامل التي قد تسهم في تحفيز المرض، من بينها الطفرات الجينية، أو وجود التهابات مزمنة في الزائدة، إضافةً إلى حالات صحية أخرى مثل الانتباذ البطاني الرحمي لدى النساء. كذلك، يُعتقد أن العوامل البيئية مثل التعرّض المستمر للمواد المسرطنة أو وجود تاريخ عائلي للإصابة بأنواع معينة من الأورام قد ترفع احتمالية الإصابة.

لا يظهر هذا النوع من السرطان بأعراض واضحة في مراحله المبكرة، الأمر الذي يُصعّب من اكتشافه. وفي كثير من الأحيان، يُكتشف المرض بالصدفة أثناء إجراء عملية لاستئصال الزائدة بسبب التهاب حاد. مع تطوّر الحالة، تبدأ الأعراض بالظهور تدريجيًا، وأبرزها الشعور بألم مستمر في الجزء السفلي الأيمن من البطن، وهو عرض يتقاطع مع أعراض التهاب الزائدة العادي.

إلى جانب ذلك، قد يختبر المريض انتفاخًا في البطن، أو تغيّرًا في نمط الإخراج مثل الإسهال أو الإمساك، وقد تظهر أعراض أخرى كالإرهاق المستمر أو فقدان الوزن غير المبرّر. وفي حال انتقال الورم إلى أعضاء أخرى مثل المبيض أو القولون، قد تطرأ أعراض إضافية تُعقّد عملية التشخيص.

هذا ويتطلب اكتشاف سرطان الزائدة الدودية سلسلة من الفحوصات الدقيقة والمتكاملة، نظرًا لصعوبة تمييزه عن الحالات الالتهابية الشائعة مثل التهاب الزائدة الحاد. يُعدّ التصوير المقطعي المحوسب (CT scan) أداةً أساسية في رصد الكتلة أو التغيرات غير الطبيعية في الزائدة أو الأنسجة المحيطة بها، حيث يمكن أن يكشف عن وجود تورم أو سائل حر في البطن، ما يثير الشكوك حول وجود ورم. كما يُستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) في بعض الحالات للحصول على صور أوضح، لا سيما عند المرضى الذين لا يستطيعون التعرض للإشعاع.

إلى جانب التصوير، يؤدي تنظير القولون دورًا في استبعاد وجود أورام في القولون قد تمتد إلى الزائدة أو تشبه أعراضها، كما يُستخدم لأخذ خزعات من الأنسجة المشبوهة. أما التحاليل المخبرية، فهي تشمل اختبارات الدم للكشف عن ارتفاع في مؤشرات الأورام مثل CEA وCA 19-9، وهي بروتينات قد تكون مرتفعة في حالات معينة من السرطان، ما يساهم في تأكيد الاشتباه السريري وتوجيه خطة العلاج.

ورغم توافر هذه الوسائل، غالبًا ما يُكتشف سرطان الزائدة عن طريق الصدفة، بعد إجراء جراحة لاستئصال الزائدة ظنًا أنها ملتهبة، ليُظهر التحليل النسيجي لاحقًا وجود خلايا سرطانية. هذا السيناريو المتكرر يسلّط الضوء على أهمية فحص كل حالة استئصال للزائدة بمهنية ودقة، حتى وإن بدت سريريًا كالتهاب عادي، إذ قد يكون الورم في مراحله المبكرة دون أن يُظهر علامات واضحة.

رغم ندرته، يُمثل سرطان الزائدة الدودية تحديًا طبيًا يتطلب وعيًا مرتفعًا من الأطباء والمرضى على حد سواء. فالتشابه الكبير بين أعراضه وأعراض التهاب الزائدة الحاد يؤدي في كثير من الأحيان إلى تأخر التشخيص. ومع ذلك، فإن الكشف المبكر والتدخل الجراحي أو العلاجي في الوقت المناسب يُحدثان فرقًا كبيرًا في تطور الحالة، وقد يرفعان من معدلات البقاء على قيد الحياة بشكل ملحوظ.

الأكثر قراءة

أيام للتاريخ في الشرق الأوسط