اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُعدّ البنكرياس من الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان، ويقع خلف المعدة في الجزء العلوي من البطن. يؤدي هذا العضو دورًا مزدوجًا في الجسم، إذ يفرز إنزيمات هضمية تساعد في تكسير الطعام، ويُنتج في الوقت ذاته هرمونات مثل الإنسولين والجلوكاجون التي تنظم مستوى السكر في الدم. لكن رغم صغر حجمه، فإنّ إصابة البنكرياس بأي اضطراب قد يؤدي إلى أعراض صحية خطرة ومعقّدة. تتراوح أمراض البنكرياس بين الالتهابات الحادة والمزمنة، والأورام السرطانية، والقصور الوظيفي، وكلّ منها يرتبط بأعراض وعلامات مميزة تُعدّ مؤشرات تحذيرية لا ينبغي تجاهلها.

غالبًا ما تبدأ الأعراض بإحساس بالألم في الجزء العلوي من البطن، وقد يمتد هذا الألم إلى الظهر. يتميز ألم البنكرياس عادة بكونه مستمرًا، ويزداد حدة بعد تناول الطعام، خصوصًا الوجبات الدسمة أو الغنية بالدهون. كما يعاني المرضى من الغثيان، والقيء المتكرر، وانتفاخ البطن، وهو ما ينعكس على الشهية التي تبدأ بالتراجع تدريجيًا، مؤديًا إلى فقدان واضح في الوزن. وفي الحالات المتقدمة، تظهر تغيرات في طبيعة البراز، إذ يصبح دهنيًا، لزجًا، وذا رائحة كريهة، نتيجة عجز البنكرياس عن إفراز ما يكفي من الإنزيمات اللازمة لهضم الدهون.

من الأعراض الأكثر إثارة للقلق أيضًا هو ظهور اليرقان، أي اصفرار الجلد والعينين، الذي يُشير إلى انسداد القنوات الصفراوية بسبب وجود ورم أو التهاب في رأس البنكرياس. ويترافق اليرقان عادة مع بول أدكن اللون وبراز فاتح، بالإضافة إلى الحكة الجلدية. وفي بعض الحالات، يكون اضطراب البنكرياس سببًا في ظهور مرض السكري المفاجئ أو تفاقمه عند المرضى الذين كانوا يعانون من ارتفاع طفيف في مستويات السكر، مما يُنذر بوجود تلف في الخلايا المنتجة للإنسولين داخل البنكرياس.

في ما يتعلق بأسباب أمراض البنكرياس، فهي متعددة ومترابطة. يُعدّ الإفراط في تناول الكحول من الأسباب الشائعة لالتهاب البنكرياس المزمن، إلى جانب وجود حصى في المرارة التي قد تؤدي إلى انسداد قناة البنكرياس وحدوث التهاب حاد. كما يمكن أن تؤدي العوامل الوراثية دورًا في بعض الحالات، لا سيّما عند وجود تاريخ عائلي للإصابة بسرطان البنكرياس. من جهة أخرى، يُعد التدخين، والنظام الغذائي الغني بالدهون، والسمنة، من العوامل التي تزيد من احتمال الإصابة بسرطان البنكرياس. كذلك، هناك علاقة بين بعض الأمراض المزمنة مثل التليف الكيسي ومرض السكري من النوع الثاني وبين أمراض البنكرياس.

أما الفئات الأكثر عرضة للإصابة بأمراض البنكرياس، فتشمل الأشخاص الذين يُفرطون في تناول الكحول، والمدخنين، والذين يعانون من السمنة، أو لديهم تاريخ عائلي للإصابة بأمراض البنكرياس. كما تزداد احتمالية الإصابة مع التقدم في السن، لا سيما بعد سن الستين، وبشكل خاص في حالة الأورام السرطانية. النساء أكثر عرضة للإصابة بالتهاب البنكرياس الناتج من حصى المرارة، بينما يُلاحظ ارتفاع نسب الإصابة بسرطان البنكرياس بين الرجال المدخنين.

في النهاية، لا بدّ من التأكيد على أنّ أمراض البنكرياس قد تتطور بصمت، دون أعراض واضحة في بدايتها، ما يستدعي الانتباه لأي تغيرات صحية مستمرة وغير مبررة، خصوصًا لدى الفئات المعرضة. التشخيص المبكر والعلاج المناسب يُحدثان فارقًا كبيرًا في تجنب المضاعفات وتحسين فرص التعافي. لذلك، فإنّ وعي المريض ومعرفته بأعراض وأسباب أمراض البنكرياس يشكلان خط الدفاع الأول نحو صحة أفضل.

الأكثر قراءة

أيام للتاريخ في الشرق الأوسط