اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



منذ عدة اسابيع كتبت مقالة طالبت فيها كليات الحقوق في الجامعات في لبنان تعليم مادة تتعلق بقانون تنظيم مهنة المحاماة والانظمة الداخلية. ووردتني بعض الاتصالات بأن هناك بعض الكليات التي تعطي هذه المواد بصورة إختيارية. ومع التشديد على التركيز على إعطاء هذه المواد نظراً للضعف الذي نلاحظه من طريقة التعاطي والتصرف لدى القانونيين بهذا الخصوص، نرى بأنه يجب ان تكون الزامية في جميع الجامعات، ولا يمنع ان تعطي ايضا القوانين المتعلقة بالقضاء وبكتابة العدل وغيرها.

وعلى اثر نشر مقالة البارحة حول عدم حق النقيب سحب الإحالة امام مجلس التأديب بعد وضع يده عليها، وردتني عدة اسئلة تتعلق بمدى صلاحية مجلس التأديب وهل هو مقيد بقرار الإحالة ام انه يحق له تجاوزه.

بعد ان يضع مجلس التأديب يده على الملف، ويستمع الى المحامي المحال الذي يحق له ان يستعين بزميل له ليدافع عنه. على مجلس التأديب، ان يركز على الوقائع التي سبق للمحقق وان حقق فيها، والتي على اساسها احال النقيب المحامي امام مجلس التأديب. وهو الذي يعطي الوصف الحقيقي للجرم المسلكي، بمعزل عن المواد التي احال النقيب بموجبها المحامي. تماماً كما يحصل امام محكمة الجنايات الملزمة بالتقيد بوقائع القرار الاتهامي. فإذا جاء في القرار الاتهامي انه طبقاً للوقائع يقتضي محاكمة المتهم بجناية المادة 49 عقوبات اي القتل عمداً، او طبقاً لجناية المادة 47 عقوبات اي القتل قصداً. يمكن لمحكمة الجنايات ان تعطي الوصف الحقيقي للجرم الجزائي، وتعتبره مثلاً القتل عن غير قصد. او تعتبر ان الجرم ينطبق عليه القصد الاحتمالي. مع العلم انه في حال اكتشاف المحكمة من خلال الاستجواب، ان هناك جريمة اخرى ارتكبها المتهم، لا علاقة لها على الاطلاق بالجرم المحال بموجبه المتهم امام محكمة الجنايات من قبل الهيئة الاتهامية، فعليها ان تحيل الاوراق المتعلقة بهذا الجرم امام النيابة العامة لاتخاذ القرار المناسب.

وبالتالي، واذا عدنا الى اصول المحاكمة امام مجلس التأديب ففي حال اكتشاف هذا المجلس من خلال التحقيقات ان هناك وقائع جديدة تشكل جرماً مسلكياً مستقلاً عن الجرم المحال بموجبه المحامي امامها. فعليها ان ترفع تقريراً بهذا الخصوص امام النقيب لاتخاذ القرار المناسب.

وهذا ما حصل خلال ولايتي حيث تمت احالة احد الزملاء من قبل نقيب سابق لانه من جهة لا يقوم بواجباته ولا يسلم الملفات، ومن جهة ثانية لانه رفض الحضور امام النقيب يومها، وكنت مفوضاً لقصر العدل. واثناء النظر بالقضية، وكنت نقيباً عاملاً اكتشفت الهيئة وقائع جديدة تتعلق بجرائم مسلكية لا علاقة لها بالسابقة على الاطلاق. فاحال رئيس الغرفة الملف امامي، وكلفت احد اعضاء المجلس التحقيق بالوقائع الجديدة، وتمت إحالة الزميل بالجرم الجديد امام مجلس التأديب. وتم الحكم عليه، وصدقت محكمة الاستئناف القرار.

وبالتالي، فإن الوصف الحقيقي للجرم المسلكي هو من صلاحية مجلس التأديب. أما اذا استجدت امامه وقائع جديدة ممكن ان تشكل جرماً مسلكياً مستقلاً عن الجرم المحال بموجبه، ولو في ملف الدعوى ذاتها الموكلة اليه، فعلى مجلس التأديب رفع تقرير للنقيب بهذا الخصوص لاتخاذ القرار المناسب.

                                                نقيب المحامين السابق في بيروت

الأكثر قراءة

مواجهة بلا سقف بين إيران و«إسرائيل»... وواشنطن على حافة التدخّل! سفير غربي يحذر من عمل عسكري «اسرائيلي» في الجنوب حتى الأولي برّاك بعد لودريان: لا اعذار للتاخير