يعدّ النمو السليم للأطفال من أبرز مؤشرات الصحة الجسدية والعقلية، حيث يمر الطفل منذ ولادته بسلسلة من المراحل التطورية المتلاحقة التي تشمل النمو الحركي، اللغوي، الاجتماعي، والمعرفي. غير أن بعض الأطفال قد يظهرون تأخرًا ملحوظًا في هذه المراحل، مما يثير قلق الأهل ويطرح تساؤلات حول ما إذا كان هذا التأخر طبيعيًا ومؤقتًا، أم أنه علامة على مشكلة تستدعي التدخل الطبي المبكر.
يتفاوت الأطفال في سرعة تطورهم، إلا أن هناك خطوطًا زمنية عامة يعتمد عليها الأطباء لتقييم النمو الطبيعي. فعلى سبيل المثال، يتوقع أن يبدأ الطفل بالجلوس دون دعم في عمر 6 إلى 8 أشهر، وأن ينطق أولى كلماته في عمر السنة تقريبًا، وأن يبدأ بالمشي بين عمر 12 إلى 18 شهرًا. عند تجاوز هذه المراحل بفارق كبير دون ظهور مهارات بديلة، تبدأ بوادر القلق بالظهور، ويُوصى حينها بعرض الطفل على اختصاصي في نمو الطفل أو طبيب أطفال للتقييم الدقيق.
من بين العلامات التي قد تدل على تأخر نمائي، تأخر الكلام أو عدم محاولة التواصل الصوتي في عمر السنة، صعوبة في التحكم بالعضلات الدقيقة مثل الإمساك بالأشياء، أو تأخر في المشي والزحف. كما أن عدم الاستجابة للمناداة أو ضعف التواصل البصري، أو الانعزال عن المحيطين يمكن أن يكون مؤشراً على اضطرابات في النمو الاجتماعي، والتي قد ترتبط أحيانًا بطيف التوحد أو مشاكل في السمع.
من جهة أخرى، يُعتبر اللعب والسلوك الاجتماعي من الوسائل الأساسية لمراقبة النمو. فالطفل الطبيعي يميل إلى تقليد تعابير الوجه، التفاعل مع الآخرين، وإظهار الفضول تجاه البيئة المحيطة. أما الطفل الذي يظهر لامبالاة تجاه الآخرين، أو لا يُظهر تفاعلًا عند مناداته، أو يبدو وكأنه "في عالمه الخاص"، فيستدعي الأمر تقييمًا دقيقًا، خاصة إذا ترافق ذلك مع تأخر لغوي أو حركي.
لا ينبغي أن يشعر الأهل بالذعر فور ملاحظة تأخر بسيط في مهارة معينة، إذ إن بعض الأطفال قد يتأخرون في مهارة واحدة ويتفوّقون في أخرى، وهو أمر طبيعي. إلا أن التأخر المستمر أو المتعدد في أكثر من مجال (مثل التأخر في الكلام والحركة معًا) هو ما يستوجب الانتباه، لا سيما إذا استمر الفارق بين الطفل وأقرانه في الاتساع بمرور الوقت.
التدخل المبكر يُعد العامل الأهم في التعامل مع حالات التأخر النمائي. فكلما تم اكتشاف الحالة في وقت مبكر، زادت فرص تحسين النمو وتقليص الفجوة بين الطفل وأقرانه. يشمل التدخل عادةً جلسات علاج نطقي أو وظيفي، دعم نفسي وسلوكي، إضافة إلى توجيه الأهل وتعليمهم كيفية تعزيز المهارات لدى الطفل داخل المنزل.
أخيراً، يمثل النمو الطبيعي رحلة فريدة لكل طفل، تتخللها فروقات فردية طبيعية. لكن مراقبة الأهل الدقيقة لسلوكيات أطفالهم، وعدم تجاهل المؤشرات المبكرة للتأخر النمائي، يشكلان حجر الأساس للكشف المبكر والتدخل السليم. ففي النهاية، الاكتشاف المبكر ليس فقط مفتاح العلاج، بل هو بوابة الأمل نحو مستقبل صحي ومتوازن لطفلك.
يتم قراءة الآن
-
إنذار سعودي أخير وخطير للبنان
-
المخاطر تتزاحم: «إسرائيل»... أمن المخيمات... والخطر السوري؟ واشنطن تصرّ على تهميش باريس... ولا تفعيل للجنة وقف النار تفاهم «ثلاثي» على تعيينات قضائية ومالية في الحكومة اليوم
-
لبنان بين الوصاية السوريّة والوصاية "الإسرائيليّة"
-
فضيحة "Bet Arabia" تتمدّد: رؤوس كبيرة في قبضة القضاء... وهشام عيتاني هارب الى قبرص
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
09:51
الأونروا: يجب رفع الحصار والسماح لنا باستئناف إيصال المساعدات الإنسانية بما في ذلك مستلزمات النظافة إلى غزة
-
09:34
مسيّرة "إسرائيلية" استهدفت بصاروخين بلدة الخيام جنوبي لبنان
-
09:29
وزير الخارجية الأوكراني: تعرض مدن تشيرنيفتسي ولفيف ولوتسك الغربية لهجوم مروع وتضرر مناطق أخرى بالقصف الروسي
-
09:10
المفوضية الأوروبية تقترح سقفاً للنفط الروسي أقل 15% من السعر العالمي
-
08:44
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: نحذّر الولايات المتحدة وحلفاءها من خلق تهديدات أمنية لروسيا وكوريا الشمالية
-
23:51
بوليتيكو عن مصدرين: ترامب يدرس تقديم حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بمئات الملايين من الدولارات.
