اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في خطوة تعكس روح المرحلة الجديدة التي تمر بها الدولة اللبنانية، وفي مؤشر إيجابي على انطلاق مسار إصلاحي جدي داخل المؤسسة القضائية، عيّن مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة القاضي جون قزي رئيسا لهيئة القضايا في وزارة العدل، بعد شغور طال أمده وأربك عمل هذه الهيئة، التي تشكّل الذراع القانونية للدولة اللبنانية أمام المحاكم.

هذا التعيين، الذي جاء بإجماع أعضاء مجلس الوزراء، قوبل بارتياح داخل الأوساط القضائية، خصوصا أنه يُقال إن رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون هو من اقترح اسم القاضي قزي، انطلاقا من قناعته بضرورة تفعيل مؤسسات الرقابة والدفاع عن حقوق الدولة، وإبعاد القضاء عن مناكفات السياسة وصراعات المحسوبيات التي أضعفت ثقة الناس به.

القاضي جون قزي ليس وجها جديدا في العدلية، بل هو من الأسماء التي واكبت مراحل دقيقة في العمل القضائي. تنقل بين القضاء العدلي والإداري والعسكري، وعمل في معظم قصور العدل في لبنان، ما أكسبه خبرة واسعة في ملفات الدولة، وأهّله لهذا المنصب الحساس الذي يتطلب حكمة وهدوءا ودراية قانونية دقيقة.

وقد جاء تعيينه خلفا للقاضي كلود غانم الذي كان قد انتُدب مؤقتًا لرئاسة الهيئة، في وقت كانت الساحة القضائية تنتظر تعيينا دائما يعيد الثقة، ويؤسس لمرحلة أكثر انتظامًا وتوازنًا. فالمركز شهد في السنوات الأخيرة تجاذبات كبيرة وخلافات علنية بين هيئة القضايا والهيئة الاتهامية في بيروت، ما أفرغه من فاعليته وحوّله إلى ساحة نزاع، بدلاً من أن يكون موقع دفاع عن الحق العام ومصالح الدولة.

سيرة القاضي قزي تشهد له بالهدوء والرصانة والنزاهة، وهو لا يُعرف إلا باعتداله واستقلاليته في مقاربة الملفات، بعيدا عن الاستعراض أو الانحياز. لذلك، يرى كثيرون أن تعيينه يمهّد لاستعادة ثقة الرأي العام بالقضاء، ويشكل بارقة أمل في أن التشكيلات القضائية المقبلة، والمنتظرة منذ سنوات، ستكون أكثر عدلاً وشفافية، إذا استُكملت الروحية التي عبّر عنها هذا التعيين.

الرهان اليوم كبير على القضاء، وهو المؤسسة التي من دونها لا دولة ولا إصلاح. وتعيين قامة قانونية كالقاضي جون قزي في موقع أساسي كرئاسة هيئة القضايا، يؤشر إلى أن الإرادة موجودة، وما على المعنيين سوى أن يترجموا هذه الإرادة عبر مزيد من القرارات الجريئة والمنصفة.



الأكثر قراءة

مواجهة بلا سقف بين إيران و«إسرائيل»... وواشنطن على حافة التدخّل! سفير غربي يحذر من عمل عسكري «اسرائيلي» في الجنوب حتى الأولي برّاك بعد لودريان: لا اعذار للتاخير