اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


الحديد هو أحد العناصر الأساسية التي لا غنى عنها في حياة المرأة، خاصةً في مراحل حياتها المختلفة التي تتطلب دعمًا غذائيًا متوازنًا. لا تقتصر أهميته على الحفاظ على قوة الدم وتوازن الجسم فحسب، بل يتجاوز ذلك ليكون عاملًا حاسمًا في تعزيز النشاط اليومي، تقوية المناعة، وضمان صحة الإنجاب. النساء أكثر عرضة لنقص الحديد نتيجة فقدان الدم أثناء الدورة الشهرية، ومتطلبات الحمل، والرضاعة، وحتى بسبب بعض الأنظمة الغذائية التي تفتقر إلى هذا المعدن الحيوي.

تمر المرأة بمراحل متعددة تجعلها أكثر عرضة لنقص الحديد، بدءًا من سن البلوغ، مرورًا بالحمل والولادة، ووصولًا إلى انقطاع الطمث. خلال الدورة الشهرية، تفقد النساء كمية من الدم شهريًا، ما يزيد من حاجتهن لتعويض الحديد المفقود. أما في فترة الحمل، فتزداد حاجة الجسم للحديد بشكل مضاعف لتغذية الجنين والمشيمة، ولزيادة حجم الدم في جسم الأم. كذلك، قد تكون الأنظمة الغذائية غير المتوازنة أو الحميات القاسية سببًا إضافيًا لضعف مستويات الحديد.

لا تظهر أعراض فقر الدم الناتج عن نقص الحديد بشكل مفاجئ، بل تتسلل تدريجيًا. ومن أبرز هذه الأعراض: الشعور بالتعب المستمر، ضيق التنفس، شحوب البشرة، تسارع ضربات القلب، ضعف التركيز، تساقط الشعر، وبرودة اليدين والقدمين. وفي حالات متقدمة، قد تظهر تشققات في زوايا الفم، واضطرابات في النوم، أو حتى الرغبة في تناول أشياء غير غذائية كالتراب أو الثلج، وهو ما يُعرف باسم "البيكا".

إنّ إهمال علاج فقر الدم قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مثل ضعف جهاز المناعة، تكرار العدوى، ضعف الأداء البدني والذهني، وتأثير مباشر على القدرة الإنجابية. أما خلال الحمل، فإن فقر الدم يمكن أن يزيد من خطر الولادة المبكرة أو انخفاض وزن الجنين عند الولادة، ناهيك عن احتمالات النزيف الحاد أثناء الولادة وصعوبة التعافي بعدها.

الوقاية تبدأ أولًا بتبني نظام غذائي غني بالحديد. ومن أهم مصادره: اللحوم الحمراء، الكبد، الدجاج، الأسماك، العدس، السبانخ، الحمص، والفاصولياء. ويُنصح بتناول مصادر فيتامين C (مثل البرتقال والفلفل والليمون) إلى جانب الوجبات الغنية بالحديد، لأنه يعزز امتصاص الحديد في الجسم. من جهة أخرى، يُفضل تقليل استهلاك الشاي والقهوة بعد الأكل مباشرة، لأنهما يعيقان امتصاص الحديد.

كما يُعد الفحص الدوري للدم أمرًا أساسيًا، خاصةً للنساء اللواتي يعانين من نزيف حاد في الدورة الشهرية أو في حالات الحمل المتكررة. وفي بعض الحالات، قد يُوصي الطبيب بتناول مكملات الحديد عن طريق الفم أو حتى عبر الحقن الوريدي إذا كانت النسبة منخفضة جدًا.

إلى ذلك، إنّ الحديد ليس مجرد رقم في تحاليل الدم، بل هو ركيزة من ركائز صحة المرأة. والوعي بأهميته، وبتداعيات نقصه، هو خطوة أولى نحو الوقاية. فكل امرأة تستحق أن تعيش بطاقتها الكاملة، دون أن ترهقها أعراض يمكن تجنّبها بسهولة من خلال الغذاء السليم والرعاية الصحية الدورية. الاعتناء بمستوى الحديد هو جزء من الاعتناء بالنفس… وبالحياة.

 

الأكثر قراءة

خطف نساء الساحل السوري: كرة النار تتدحرج والشارع يغلي!