في المجتمعات العربية، كثيرًا ما يُنظر إلى هرمون التستوستيرون على أنه مجرد عنصر مرتبط بالذكورة والقدرة الجنسية، إلا أن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير. يُعد التستوستيرون حجر الأساس في العديد من الوظائف الجسدية والنفسية لدى الرجال، وانخفاضه في سن مبكرة قد يحمل تداعيات صحية كبيرة قد لا يُنتبه اليها إلا بعد فوات الأوان.
تبدأ مستويات التستوستيرون بالانخفاض تدريجيًا بعد سن الثلاثين عادة، بمعدل يتراوح بين 1% و2% سنويًا. ومع ذلك، هناك نسبة متزايدة من الرجال يعانون من انخفاض ملحوظ في هذا الهرمون في العشرينات أو أوائل الثلاثينات، وهي حالة تُعرف طبيًا بـ"قصور الغدد التناسلية المبكر" أو Low T. وتُعد هذه الظاهرة مقلقة لأنها ترتبط بأعراض لا تُنسب دائمًا إلى التستوستيرون، مما يؤدي إلى تأخر التشخيص والعلاج.
تتنوع أسباب انخفاض التستوستيرون المبكر، إذ تشمل عوامل متعلقة بنمط الحياة مثل قلة النوم المزمن، السمنة، التغذية السيئة، وتعاطي الكحول أو المنشطات. كما يُسهم التوتر النفسي المزمن بشكل مباشر في تعطيل محور الغدة النخامية – الخصيتين، وهو المسؤول عن إنتاج الهرمونات الجنسية. هذا بالإضافة إلى عوامل طبية مثل اضطرابات الغدة الدرقية، مقاومة الإنسولين، أو تناول بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب والمنشطات الرياضية.
على المستوى الجسدي، يؤدي انخفاض التستوستيرون إلى تراجع في الكتلة العضلية، زيادة في الدهون، تعب مزمن، وانخفاض في الرغبة الجنسية والانتصاب. لكن التأثير لا يتوقف عند هذا الحد. تشير الدراسات إلى أن نقص التستوستيرون المزمن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، السكري من النوع الثاني، وهشاشة العظام حتى عند الرجال في سن الشباب. أما من الناحية النفسية، فغالبًا ما يعاني المصابون من اكتئاب غير مبرر، ضعف في التركيز، وتراجع الثقة بالنفس، وهي أعراض قد تُفسر خطأً بأنها مرتبطة بالإجهاد أو الاكتئاب فقط.
أما على المدى الطويل، فإن ترك انخفاض التستوستيرون دون علاج قد يؤدي إلى مشاكل عميقة في الخصوبة، وقد يؤثر في صحة الدماغ والذاكرة، بل وتزيد احتمالات الإصابة بأمراض مزمنة ومميتة. كما يتسبب بتدهور جودة الحياة بشكل عام، إذ يشعر الرجل بأنه أقل نشاطًا، وأقل دافعًا، وأقل ثقة، مما ينعكس على حياته الاجتماعية والمهنية.
إنّ تشخيص انخفاض التستوستيرون المبكر يبدأ عادة بتحاليل دم تُجرى في الصباح الباكر، وهو الوقت الذي تكون فيه مستويات الهرمون في ذروتها. وفي حال تأكيد التشخيص، يُحدد الطبيب ما إذا كان السبب أوليًا (في الخصيتين) أو ثانويًا (في الدماغ)، قبل البدء بخطة علاجية قد تشمل تعديل نمط الحياة، علاج السبب الأساسي، أو في بعض الحالات العلاج الهرموني التعويضي (TRT).
أخيراً، من الضروري كسر الصمت حول هذه القضية الصحية المهمة، خاصة في العالم العربي حيث لا يُشجَّع الرجال على مناقشة مشاكلهم الصحية الحساسة. الوعي والتثقيف هما الخطوة الأولى نحو الوقاية والعلاج. فلا يجب تجاهل الأعراض، ولا تأجيل الفحوصات، لأن الصحة الهرمونية للرجل لا تقل أهمية عن أي جانب آخر من جوانب صحته.
يتم قراءة الآن
-
ايجابيات وسلبيات التعميمين 158 و166 غبريل للديار : اتخذ مصرف لبنان قرار رفع سقف قيمةً السحوبات لان الحل الشامل للودائع متأخر
-
برّاك يطرح تسوية صعبة والحكومة على مفترق طرق تحويلات المغتربين تبقي الاقتصاد حيًّا رغم الأزمات انطلاق الامتحانات الرسمية وسط احتجاجات وتحديات تربوية
-
أين إيران في تغيير الشرق الأوسط؟
-
نداء الساحل السوري: أنقذوا ما تبقى منا
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:33
الحكومة السورية: - نرحب بأي مسار مع قسد من شأنه تعزيز وحدة وسلامة أراضي البلاد
-
23:33
الحكومة السورية: متمسكون بمبدأ سوريا الواحدة وجيش واحد وحكومة واحدة
-
23:33
بيتكوين تسجل مستوى قياسيا مرتفعا جديدا عند 111051 دولارا بارتفاع 2.2%
-
23:32
قصف مدفعي وفوسفوري على أطراف الوزاني
-
22:55
الرياضي يفوز على الحكمة بنتيجة 83 - 75 ويتقدم 3-1 في السلسلة النهائية من "ديكاتلون" بطولة لبنان لكرة السلة
-
22:05
- القاضية دورا الخازن ادعت على جاد غاريوس مدير شركة betarabia بالتهرب الضريبي وإثراء غير مشروع وتبييض الأموال
