تسلّم قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور، القسم الأول من الملف القضائي المعروف بـ"BetArabia" المتعلق بفضيحة كازينو لبنان. وبحسب المعلومات، فإن القاضي منصور أحال الملف إلى قاضي التحقيق في جبل لبنان القاضي طارق أبو نصار، الذي من المتوقع أن يباشر قريباً بدراسة الملف وبدء الجلسات خلال الأسبوع المقبل، مع تحديد مواعيد للاستماع إلى الموقوفين.
الملف، الذي تكدّست في صفحاته أدلة على فساد ممنهج، يشمل قضايا تبييض أموال، رشاوى، سرقة أموال المواطنين والدولة اللبنانية، وتورط مسؤولين سابقين وحاليين في شركة إدارة الكازينو وشركات الألعاب الإلكترونية، وفي طليعتها شركة OSS المالكة لمنصة المراهنات BetArabia.
ووفق معلومات خاصة بـ"الديار"، فإن التحقيق لا يزال مفتوحا أمام جهاز أمن الدولة، الذي يتابع الملف منذ لحظة انطلاقه، بإشارة قضائية من النائب العام المالي بالإنابة القاضية دورا الخازن. وقد كلّفت الخازن جهاز أمن الدولة بالتحقيق تحت إشراف مباشر من مديره العام اللواء إدغار لواندس، الذي أولى الملف أولوية قصوى نظراً لحجمه وخطورته.
مصادر مواكبة للملف كشفت أن الملحق الذي لا يزال مفتوحا لدى أمن الدولة، يتضمّن وقائع حساسة، وأدلة مالية رقمية على تحويلات مشبوهة لمبالغ طائلة تُقدّر بملايين الدولارات، دفعت كعمولات أو كأرباح غير مشروعة لمسؤولين حزبيين ونيابيين ووزاريين. ومن بين أبرز الأسماء المتداولة في التحقيق داني عبود وجاد غاريوس وهشام عيتاني الذي فر إلى قبرص، الرئيس الأسبق لمجلس إدارة كازينو لبنان رولان خوري، المحسوب على "التيار الوطني الحر"، والذي يشتبه بتغطيته عقود تشغيل غير قانونية تمكّنت عبرها شركة OSS من تسويق منصة BetArabia داخل الأراضي اللبنانية، رغم مخالفتها لقوانين المراهنات.
الملف الذي فجره الرئيس العماد جوزيف عون في سياق تطبيق خطاب القسم، والتزامه بمحاربة الفساد في كل مؤسسات الدولة اللبنانية، يعكس تحوّلا كبيرا في المسار القضائي، خصوصا بعدما رفع رئيس الجمهورية الغطاء السياسي عن المتورطين، مشدّدا على أن لا أحد فوق القانون، في خطوة اعتُبرت بمثابة إشارة واضحة لإطلاق عهد المحاسبة، واسترداد الحقوق العامة.
القاضية دورا الخازن، التي كان لها الدور المفصلي في تحريك الملف وتكليف الجهات الأمنية المختصة، تتابع بدقة تفاصيل التحقيقات، وسط دعم رئاسي وقضائي واسع لهذه المساءلة، التي كسر من خلالها القضاء حاجز الحصانات غير المعلنة، التي كانت تمنع فتح ملفات كبرى تمسّ رموزاً في السلطة.
وفي انتظار تطورات الأيام المقبلة، من المرتقب أن تشهد العدلية زخماً قضائيا وتحقيقات موسّعة ستكشف المزيد من خفايا أكبر فضيحة مالية تطال قطاع القمار في لبنان منذ تأسيس كازينو لبنان.
لكن ما يجدر التنبيه إليه، أن خطورة هذا الملف لا تقتصر على أبعاده القضائية والمالية، بل تنسحب على المستويين الأمني والسياسي. فدخول القضاء إلى أعماق شبكة متشعّبة من المصالح والارتباطات الداخلية الحزبية والمالية والخارجية الدوليّة، التي وصلت إلى ليتونيا حيث أكبر العصابات تعمل على هذا الربح الوفير والاستفادة المادية او المعلوماتية، كون "السيرفير" موجود هناك، ويحتوي على أدق التفاصيل والمعلومات الشخصية للبنانيين، يضع القضاة وبالاخص منصور وابو نصار والمحققين في خطر ومواجهة غير معلنة، مع قوى كانت معتادة على الإفلات من المحاسبة.
لذلك، بدأت تُطرح مخاوف فعلية من احتمال تعرّض الشهود أو بعض الموقوفين للضغوط أو التهديدات، بهدف إخفاء الحقائق أو تعطيل سير التحقيق.
وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر قضائية أن القاضي أبو نصار، كما باقي القضاة المشرفين على الملف، بحاجة إلى إجراءات أمنية مشددة، خاصة ما كان يحصل مع القاضي منصور عندما تعرض لتهديدات كبيرة ، اثناء تحقيقاته في ملفات عدة منها المصارف والأدوية والسوناترك والعقارية، وملفات اخرى كبيرة وخطرة.
ومع اتساع دائرة المتورطين بفساد الكازينو وبلوغ التحقيق مستويات حساسة، يُنتظر من جهاز أمن الدولة، الذي يشرف أساساً على الملف، أن يُعزّز عناصر الحماية للقضاة والمحققين، وأن يتعامل مع الملف كأولوية وطنية ترتبط بمصداقية الدولة وعدالتها.
سياسيا، يضع الملف منظومة الفساد في مواجهة مباشرة مع إرادة التغيير. وقد تتوالى في المرحلة المقبلة حملات ضغط أو محاولات تشكيك بالقضاء، سواء عبر الإعلام أو من خلال تسريبات مضلّلة تهدف إلى طمس جوهر الفضيحة. كما يُخشى من توظيف الملف في بازار سياسي وانتخابي، أو حتى استثماره من أطراف كانت مشاركة في الفساد، وتحاول اليوم إعادة التموضع.
لكن الأكيد أن السير في هذا الملف حتى نهايته سيشكل اختبارا جديا للعهد الجديد، وبالاخص للرئيس العماد جوزيف عون وللقوى الأمنية والقضائية، التي بدأت تُثبت أنها قادرة على كسر "التابوهات"، وملاحقة من ظنّوا لسنوات أنهم فوق الدولة والقانون.
يتم قراءة الآن
-
إنذار سعودي أخير وخطير للبنان
-
المخاطر تتزاحم: «إسرائيل»... أمن المخيمات... والخطر السوري؟ واشنطن تصرّ على تهميش باريس... ولا تفعيل للجنة وقف النار تفاهم «ثلاثي» على تعيينات قضائية ومالية في الحكومة اليوم
-
لبنان بين الوصاية السوريّة والوصاية "الإسرائيليّة"
-
هل سيستقبل لبنان الشيباني بعد تهديدات الشرع؟ موسم الاصطياف ينعش لبنان رغم شائعات الحرب قانون الانتخابات محور الصراعات الكبرى والجنوب محاصر بالمسيّرات
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
12:32
مصابون في استهداف طائرات الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب محطة دلول في حي الزيتون جنوبي شرقي مدينة غزة
-
12:29
ترامب: وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل ساري المفعول ويرجى عدم انتهاكه
-
12:28
أفادت مواقع إخبارية إسرائيلية بووقع ما أسمته" حدثا أمنيا" في الشجاعية شرق مدينة غزة.
-
12:25
الأمم المتحدة تحذر من أزمة إنسانية مع عودة 3 ملايين مهاجر أفغاني من إيران وباكستان
-
12:24
أفادت مصادر للجزيرة بوقوع غارات جوية وقصف مدفعي شمالي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.
-
12:20
الأمم المتحدة تحذر من أزمة إنسانية مع عودة 3 ملايين مهاجر أفغاني من إيران وباكستان
