اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في عالم الحميات الغذائية المتسارع، تظهر من حين لآخر قواعد ونصائح جديدة تُروَّج على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتلقى رواجًا كبيرًا بين الراغبين في خسارة الوزن وتحسين نمط حياتهم. واحدة من هذه القواعد التي حصدت شعبية لافتة مؤخرًا هي قاعدة 30-30-30، التي يعدها البعض "الوصفة السحرية" لبدء يوم صحي وتعزيز خسارة الدهون. لكن ما حقيقة هذه القاعدة؟ وهل هي آمنة وفعالة لجميع الأشخاص؟

تعتمد قاعدة 30-30-30 على فكرة بسيطة تُطبَّق في بداية اليوم، وتنص على تناول 30 غرامًا من البروتين خلال أول 30 دقيقة بعد الاستيقاظ من النوم، يتبعها 30 دقيقة من التمارين الرياضية الخفيفة إلى المتوسطة. هذه الاستراتيجية، التي تعود جذورها إلى عالم اللياقة البدنية، تهدف إلى تحفيز عملية التمثيل الغذائي مبكرًا، ومنع تقلبات السكر في الدم، وتقليل الشهية على مدار اليوم.

أحد الأسباب التي جعلت هذه القاعدة تكتسب زخمًا كبيرًا هو تركيزها على البروتين كعنصر غذائي أساسي. فالبروتين لا يساعد فقط في بناء العضلات، بل يُسهم أيضًا في تعزيز الشعور بالشبع لفترة أطول، مما يقلل من الرغبة في تناول الوجبات الخفيفة والمأكولات الغنية بالسكريات لاحقًا خلال اليوم. وعندما يُقترن ذلك بممارسة رياضة خفيفة مثل المشي أو ركوب الدراجة أو حتى التمارين الهوائية البسيطة، فإن الجسم يُحفَّز لحرق الدهون بشكل أكثر كفاءة.

من الناحية الصحية، يرى العديد من خبراء التغذية أن قاعدة 30-30-30 يمكن أن تكون مفيدة، خصوصًا للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في تنظيم الشهية أو أولئك الذين يتخطّون وجبة الإفطار، مما يؤدي إلى تناول كميات كبيرة من الطعام لاحقًا. كما قد يستفيد منها الأشخاص الذين يرغبون في بدء روتين صحي دون اللجوء إلى أنظمة غذائية قاسية. لكن في المقابل، يؤكد الأطباء أن فعالية هذه القاعدة تعتمد على نوعية البروتين المُتناوَل، ونوع التمارين، وباقي نمط الحياة اليومي. فتناول بروتين عالي الجودة (كالبيض، أو اللبن، أو البروتين النباتي الكامل) هو ما يُحدث الفارق، وليس مجرد الكمية.

لكن هذه القاعدة ليست مناسبة للجميع. فالأشخاص المصابون بمشاكل في الكلى، أو من لديهم نظام غذائي مقيد (كالنباتيين الصرف أو مرضى السكري)، قد يحتاجون إلى تعديل الكمية أو التوقيت وفقًا لتوصيات طبية. كما أن التمارين الصباحية قد لا تكون الخيار المثالي لمن يعاني من أمراض قلبية أو التهابات في المفاصل. ومن هذا المنطلق، يُفضَّل دائمًا استشارة أخصائي تغذية قبل اعتماد هذه القاعدة كجزء دائم من الروتين اليومي.

اللافت في قاعدة 30-30-30 أنها تروّج لفكرة التوازن والبدء الإيجابي ليوم نشيط، دون الحاجة إلى حرمان أو تعقيدات. فهي لا تشترط حساب السعرات الحرارية بدقة، ولا تمنع أنواعًا معينة من الطعام، بل تركز على التغذية الواعية والنشاط المبكر، وهو ما قد يكون مفيدًا نفسيًا أيضًا، خاصةً للأشخاص الذين يبحثون عن عادات صحية يمكنهم الالتزام بها على المدى الطويل.

في الختام، يمكن القول إن قاعدة 30-30-30 ليست حلًا سحريًا، لكنها أداة مساعدة فعّالة ضمن استراتيجية شاملة لإنقاص الوزن وتحسين الصحة العامة، بشرط أن تُطبَّق بشكل مدروس ووفقًا لحاجة كل فرد. فكما هو الحال في كل نظام صحي، لا توجد قاعدة تنجح مع الجميع، لكن التوازن والالتزام هما العنصران الأهم في أي رحلة نحو حياة أكثر صحة ونشاطًا.

الأكثر قراءة

إنذار سعودي أخير وخطير للبنان