اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


بقرار صادر عن مجلس الوزراء برئاسة فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون ودولة رئيس مجلس الوزراء القاضي نواف سلام، تم تعيين القاضي ماهر شعيتو نائبًا عامًا ماليًا في خطوة عكست حجم الثقة التي أوليت لهذا القاضي النزيه، الذي عرفته العدلية اللبنانية مثالًا للرزانة والتوازن والانضباط القضائي.

ويمتلك القاضي شعيتو سيرة قضائية حافلة، إذ وُلد في بلدة دير إنطار – قضاء بنت جبيل عام 1973، وهو متأهل من السيدة منى مهدي وله ولدان، وسام وإبراهيم. تخرّج في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية – الفرع الأول عام 1993 محتلا المرتبة الثانية على دفعته، ثم التحق بمعهد الدروس القضائية في العام التالي، ليتخرّج فيه عام 1997 ويبدأ مسيرة قضائية اتسمت بالجدية والرصانة.

باشر مهامه بتعيينه قاضيًا منفردًا في محكمة دير القمر وقاضيًا جزائيًا منفردًا في بيروت في العام نفسه، قبل أن يُعيّن في العام 2003 محاميًا عامًا لدى النيابة العامة في جبل لبنان. وفي عام 2017 تولّى رئاسة الهيئة الاتهامية في بيروت، المنصب الذي أدار خلاله ملفات كبرى بحنكة وهدوء، حتى في أقسى الظروف وأكثرها حساسية. كما شغل عضوية مجلس القضاء الأعلى بين عامي 2018 و2021، حيث كان صوته مرجّحًا في محطات دقيقة.

القاضي شعيتو، الآتي من مسيرة قضائية متجذّرة، لم يكن مجرد موظف في السلك القضائي، بل كان عنوانًا للهيبة وقوة الكلمة المنطوقة بميزان العدالة. قلّما مرّ ملفٌ كبيرٌ أو شائك أمامه في النيابة العامة أو الهيئة الاتهامية إلا وكان حاسمًا، متروّيًا، حريصًا على كرامة القانون، لا يهاب التحديات، ولا يتأثر بالعواصف الإعلامية أو الضغوط السياسية. ففي أضخم الملفات، كان يُدهش المراقبين بهدوئه، ويجمع بين المدعي والمدعى عليه على احترام قراره، حتى حين يكون القرار موجعًا لأحدهم.

هو قاضٍ لا يعرف التباهي، ولا يسعى إلى الضوء، رغم أن الضوء يبحث عنه في كل محطة. متواضع في حضوره، كبير في ممارسته، محبوب من زملائه، مقدّر من المحامين، ومحل احترام من جميع الموظفين الذين عملوا معه. يفرض الاحترام بصمته كما بكلامه، ويجمع بين حزم القانون ودفء الأخلاق.

إن تعيينه نائبًا عامًا ماليًا اليوم، هو إعلان واضح أن الدولة اللبنانية اختارت الرجل المناسب للموقع الدقيق، في لحظة تحتاج فيها المؤسسات إلى من يعيد الاعتبار للشفافية والمحاسبة، وإلى من يواجه الفساد لا بالشعارات بل بالأفعال، تمامًا كما فعل القاضي شعيتو طوال مسيرته.

بهذا التعيين، لا تُكرّم الدولة شخص القاضي ماهر شعيتو فحسب، بل تكرّم المبادئ التي يجسّدها: العدالة، النزاهة، التواضع، والعمل بصمت في سبيل الحق.

الأكثر قراءة

إنذار سعودي أخير وخطير للبنان