اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


حملة "التأديب" "الاسرائيلية" لنظام الرئيس احمد الشرع على خلفية زعمها الدفاع عن الدروز في السويداء، واستهدافها العمق السوري بغارات قرب قصر الرئاسة ومبنى رئاسة الأركان في دمشق، ومواقع وحشود في درعا والسويداء. لم تكن "رسالة" للعهد الجديد فقط، بل لكل الداعمين الاقليميين، وفي مقدمتهم تركيا والسعودية اللتان ظهرتا مكبلتي اليدين، ازاء هذا العدوان "الاسرائيلي" الذي نسق مع الأميركيين، الذين يدعون رعاية النظام الجديد في سورية، ويعبدون الطريق امام تفاهمات كبيرة بينه وبين "اسرائيل"، في لقاءات مباشرة لم تعد خافية على احد.

"الدرس" السوري يجب ان تتوقف امامه القوى السياسية في لبنان جيدا، كما تقول مصادر سياسية بارزة، فلا الضمانات الاميركية، ولا الرعايا الاقليمية والدولية يمكن الركون اليها، فثمة مخطط "اسرائيلي" واضح بالتواطؤ مع الادارة الاميركية لاعادة رسم النفوذ الحغرافي والسياسي في المنطقة بقيادة "اسرائيل"، التي لم تبال بكل التنازلات التي قدمها النظام السوري دون مقابل، واطلقت حملة عسكرية دون ضوابط، لافهام الشرع ومن يحميه ويدعمه في انقرة والرياض، ان الكلمة الفصل في سورية هي "لاسرائيل"، وكل الكلام على تقاسم النفوذ برعاية اميركية لا يقدم او يؤخر. وما قدمته السلطات السورية من خضوع لم يكف، كي تجنبه الضربات المذلة على رموز السيادة السورية، وتفرض عليه اتفاق وقف للنار مع دروز السويداء، يمنحهم على نحو غير مباشر نوع من الاستقلال الامني الذاتي، الذي يمكن ان تثتثمر فيه "اسرائيل" لاحقا لتقسيم سورية.

هذه التنازلات المجانية تقدم نموذجا لا يقبل التباسًا لمن يطالب في لبنان بتسليم سلاح حزب الله، وتضغط لتوريط الجيش في حرب اهلية داخلية. ووفق تلك المصادر،هل يمكن الركون للضمانات الاميركية؟ وهل ستتراجع "اسرائيل" عن مخططاتها التي تمضي قدما دون اي ضوابط؟ وهل ما يزال احد يشكك في تصريحات توم براك حول الغاء لبنان عن الخريطة؟ وهل تضمن بلاده وقف التوغل الاسرائيلي القائم على توسيع حدودها بحجة المخاوف الامنية؟ الا تشعر المكونات اللبنانية بمعظمها وهي اقليات في المنطقة بالخطر؟ الا يجب ان يحصل الان وحدة موقف لبناني لمواجهة تلك المخططات؟ الم تؤد تلك الانقسامات في سورية لمنح "اسرائيل" ورقة رابحة تثتمثر فيه الان؟

فنظام الشرع يظهر انه غير قادر على حماية حياة السوريين، وتقوم المليشيات والعصابات بالتمادي والمس بالمدنيين، مرة ضد العلويين ومرة ضد الدروز. والنظام لم ينجح في منع المس بكنيسة مار الياس، والمسيحيون يشعرون بالخطر، هذا في الوقت الذي يزور فيه الرئيس السوري عواصم العالم، ويحاول إظهار السيطرة الكاملة، ويؤكد أنه يمكنه حماية السكان، كي يستطيع تجنيد الاستثمارات الكبيرة التي تحتاج اليها سورية لإعادة الإعمار، اي انه يقلب "الاولويات" ويتجاهل النيران المشتعلة في الداخل، وهذا ما ادى الى انفجار الازمة الحالية التي زادته ضعفا.

وفي هذا السياق، لبنان لن يكون بعيدا عن التداعيات، التي بدأت داخل البيئة الدرزية، وابرز الادلة على ذلك دعوة رئيس الحزب "الاشتراكي" وليد جنبلاط دروز السويداء للعودة إلى كنف الدولة.

وتصف تلك الاوساط الوضع بانه خطير جد، وما يحصل تمهيد "اسرائيلي" لاقامة دويلات طائفية في بلاد الشام التي سبق وبشر بها براك، ف "إسرائيل" تطمح الى اقامة دولة درزية على حدودها مع سوريا ولبنان. وإصرار النظام في سورية على إخضاع الدروز بالقوة، يدفعهم أكثر إلى الاحتماء بالخاصرة "الإسرائيلية" لحماية انفسهم، فيما رفع مستوى الضغط على حزب الله، سيؤدي حتما الى حرب اهلية في لبنان، لهذا فان الحكمة التي يدير بها الامور رئيس الجمهورية جوزاف عون، يجب ان تكون متبناة على المستوى الوطني، لان التهديدات جدية وتتجاوز حدود المخاطر السابقة، لان المنطقة ترسم اليوم جغرافيا وليس فقط لتوزيع النفوذ، في ضوء التطورات العسكرية والامنية في المنطقة.

في الخلاصة، تزامن الأحداث في سورية والغارات على مقر وزارة الدفاع، في وقت كان الحديث عن فتح قنوات اتصال بين الرئيس السوري أحمد الشرع و "إسرائيل" في أذربيجان، يطرح علامة استفهام حول الموقف الأميركي من هذه التطورات، التي وصفها المبعوث الأميركي توم براك بـ "المثيرة للقلق"، لكن لا يجب لاحد ان ينسى ان الولايات المتحدة كانت وافقت مع "إسرائيل" على دخول الجيش السوري، بحجة حماية المسيحيين في لبنان عام 1976 ، واليوم يتكرر السيناريو في السويداء. كذلك منحت واشنطن "الضوء الاخضر" لـ "اسرائيل" لاجتياح لبنان عام 1982 ولم يخرج جيش الاحتلال الا بعد تعرضه للمقاومة، واليوم قد لا يخرج هذه المرة من سورية كما حصل يومذاك، وقد يدفع الدروز الى اعلان دولة خاصة بهم تلحق بالجولان وجبل الشيخ. القلق بدأ يتسرب الى معظم مكونات المجتمع اللبناني، الا بعض الواهمين العالقين في احقاد الماضي واوهام المستقبل. فهل من يصدق ان حزب الله سيسلم سلاحه في ظل هذه المخططات الخطرة المهددة لمصير لبنان، لا مصير الشيعة فقط؟

 

الأكثر قراءة

دمشق تحت النار ومجازر في السويداء: لا رابح من لعبة الخراب التركية «الإسرائيلية»! كيف انكسرت حسابات الشرع على أبواب السويداء؟ «تل ابيب» تريد الجنوب السوري «منطقة عازلة» وحاكم خليجي: لقد خدعنا الأميركيون