لم يفهم من التقوا المبعوث الاميركي توم برّاك، الهدف من زيارته الى بيروت، لا سيما انه لم يحمل معه اي جديد، فهو لم يتحدث عن ضمانات اسرائيلية محتملة ازاء اي ليونة لبنانية في ملف حصرالسلاح، بل جدد ترداد «الكذبة» الممجوجة بان بلاده غير قادرة على السيطرة على تصرفات تل ابيب. كما لم يحمل معه اي تصور اميركي، سلبا او ايجابا، ازاء المراوحة غير المفاجئة في مهمته، خصوصا انه كان يعلم مسبقا طبيعة الموقف اللبناني الذي لم يطرأ عليه اي جديد، بل اصبح اكثر حذرا بعد المجازر الدموية في السويداء. برّاك الذي يلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم، دون وجود رهانات كبيرة على اي تقدم محتمل في النقاشات التي ستتضمن عرضا من قبل مجلس النواب «لخارطة طريق» تراعي المصالح اللبنانية، والسلم الاهلي، وتتطلب اولا خطوات حسن نية من قبل «اسرائيل»، ثم ياتي دور لبنان في تنفيذ ما عليه ضمن الاستراتيجية الوطني.وكان لافتا ان المبعوث الاميركي استبق اللقاء بالتاكيد ودون «قفازات» ان بلاده لا يمكن ان تضغط على الاسرائيليين ولن تملي عليهم ما يجب ان يفعلوه!. اي ان «المراوغة» مستمرة.
علما انه قال بان هجمات إسرائيل على سوريا جاءت في «توقيت سيئ»، وإن تل أبيب تفضل أن ترى سوريا «ممزقة ومقسمة» بدلا من أن تسيطر عليها دولة مركزية قوية..فماذا عن لبنان؟ وهل من يصدق ان واشنطن مكبلة ولا تستطيع المونة على «اسرائيل» التي تمعن في تمزيق خرائط المنطقة وتمعن في جرائمها واختراقها لسيادة الدول العربية، ام ان الدبلوماسية الاميركية تلعب دورا خبيثا ضمن خطة متفق عليها مسبقا ويتم العمل بها وفق اولويات الامن الاسرائيلي اولا؟ وكان لافتا بالامس كلام وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين الذي عبر عن حقيقة النوايا الاسرائيلية في المنطقة بقوله ان «اسرائيل» ستتنازل عن السلام مع السعودية والتطبيع لأن الأولوية هي فرض السيادة على الضفة الغربية.
ارتفاع نسق الضغوط
وفي هذا السياق، يبدو واضحا ان براك الغارق في اتون الازمة السورية التي عرضت صورته الى الاهتزاز، بعدما ظهر انه فاقد السيطرة على الملف، يتولى مهمة تقطيع الوقت على الجبهة اللبنانية، بانتظار ان تتحول الى اولوية اسرائيلية، وحتى ذلك الوقت، من المتوقع ارتفاع نسق الضغط العسكري والامني، ودون اي سقوف، طالما ان «اسرائيل» لا تدفع حتى الان اي ثمن في المقابل، ولهذا فهو سيمضي وقته في اجتماعات ولقاءات غير مثمرة ويغادر يوم الاربعاء دون تحديد موعد جديد لزيارته، رابطا الامر بتوجهات جديدة من قبل البيت الابيض، مركزا على ضرورة انتقال الحكومة اللبنانية الى مرحلة التنفيذ وتحديد المهل الزمنية، متجاهلا دور دولته كدولة ضامنة.
«اسرائيل»: برّاك لم يحصل على شيء
فالزيارة الثالثة للمبعوث الاميركي توماس برّاك الى بيروت، والتي تروج مصادر مقربة من «عوكر» انها قد تكون الاخيرة، لزيادة الضغط على الجانب اللبناني، لم تحمل جديدا يمكن التعويل عليه، وبحسب وسائل اعلام اسرائيلية، فان براك لم يحصل على اي تعهد لبناني بتجريد حزب الله من السلاح، معتبرة ان الحزب ما يزال قوة فاعلة،وهناك خيبة امل في «اسرائيل»، وخيبة ايضا لدى كل من انتظرشرق اوسط جديد! في المقابل تلفت مصادر مطلعة الى ان رئيس الجمهورية جوزاف عون سلم المبعوث الاميركي المذكرة الشاملة لتطبيق ما تعهد به لبنان، وقد خلت من اي جداول زمنية وخطوات عملية على صعيد تنفيذ عملية حصر السلاح بيد الدولة وتمسكت بضرورة انسحاب «اسرائيل» من الاراضي الجنوبية التي تحتلها. اما براك فقد شكلت تصريحاته خيبة امل جديدة لخصوم حزب الله في الداخل، بعدما كرر مواقف قديمة في شأن الحزب واسرائيل ودور بلاده، مؤكدا ان مسألة نزع سلاح حزب الله داخلية وان واشنطن تريد مساعدة لبنان وان لا ضمانات لتقديمها لبيروت.
تكرار للمواقف
اما تشديد الموفد الاميركي امام من التقاهم من مسؤولين على ضرورة الانتقال من النظري الى المرحلة التنفيذية، بالنسبة لحصر السلاح بيد الدولة او الشروع في الاصلاحات، فبدت نسخة مكررة عن مواقفه السابقة، ولم تحمل جديدا، خصوصا ان حزب الله قد استبق زيارته بتكرار رفض الحديث عن اي تفاهمات جديدة، طالما لم تنفذ «اسرائيل» الاتفاق السابق وتستمر في اعتداءاتها. فاذا كان لا يرد الضغط على الحكومة الاسرائيلية، ولم يتحدث عن رد فعل اميركي سلبي ازاء ردود بيروت على «ورقته»، ويعتبر سلاح حزب الله مشكلة داخلية. فاذا ما الذي جاء يفعله؟
مهمة «تمرير الوقت»
وفي هذا الاطار، لم تعد مصادر سياسية بازرة، تتعامل مع مهمة براك على محمل الجد، وترى فيها مجرد تمرير للوقت لانها لا تحمل اي صيغ دبلوماسية جدية يمكن البناء عليها، ولهذا ثمة حذر كبير لدى المسؤولين من المرحلة المقبلة التي تتسم بالغموض، وتتحكم بها «اسرائيل» التي لم تعد تقف طموحاتها عند اي حدود، ومن شبه المؤكد ان مسار التطورات في لبنان بات مرتبطا على نحو وثيق بما سيحصل في سوريا التي تقف عند مفترق طرق خطير جدا، ويحتاج الى جهد امني وسياسي للحد من تداعياته.
«الخاصرة الرخوة» شمالا
وفي هذا السياق، كان لافتا كلام جهات امنية خلال اجتماعات عقدت في الايام القليلة الماضية، عن وجود «خاصرة رخوة» في الشمال وتحتاج الى تدابير خاصة، بدأت تنفذ على الارض، خصوصا اذا ما استمر الموقف على توتره في سوريا، في ظل وجود بيئة «حاضنة» ومؤيدة للنظام السوري الجديد، حيث يتقدم الولاء المذهبي والسياسي على الولاء الوطني، وقد تجد القوى الامنية نفسها غير محمية في «ظهرها» اذا ما تطورت الاحداث. في المقابل تشير التقييمات الامنية الى ان الحدود الشرقية اكثرتماسكا في ظل بيئة حاضنة تنظر بعين الريبة الى النظام في دمشق، وهي تشكل خط دفاع ثان للقوات الامنية اللبنانية.
ماذا تريد «اسرائيل» اكثر؟
وفي هذا السياق، استغربت صحيفة «يسرائيل هيوم» الاسرائيلية كيفية تعامل الحكومة الاسرائيلية مع الرئيس السوري الذي تبنى سلسلة طويلة من الخطوات التي تشير بوضوح إلى أنه يسعى للسلام مع إسرائيل، وقد أعلن ذلك مرارا وتكرارا، ولم يقم بأي خطوة تفهم كتهديد عسكري أو لفظي تجاه إسرائيل، بل العكس. وقالت انه عملية تجنيس آلاف من أبناء «اللاجئين الفلسطينيين» المقيمين في سوريا منذ عام 1948 –بدات الاسبوع الماضي، ما يعني تقويض أحد الركائز الأساسية لـ»حق العودة». فماذا يمكن أن تطلب إسرائيل أكثر من ذلك؟ الشرع أوضح مرارا وتكرارا أنه لا يريد القتال مع إسرائيل، فقد أغلق حدود بلاده أمام شحنات السلاح الإيرانية، وتغاضى عن سيطرة الجيش الإسرائيلي على قمة جبل الشيخ (جبل حرمون) وأراضٍ سيادية أخرى، ولم يطالب بمرتفعات الجولان، وشارك في سلسلة محادثات تهدف إلى تنظيم العلاقات بينه وبين إسرائيل.
مذكرة شاملة في بعبدا
وكان برّاك استهل لقاءاته مع المسؤولين من القصر الجمهوري في بعبدا، حيث استقبله رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون قبل ظهر امس ، في حضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون، وسلّمه باسم الدولة اللبنانية مشروع المذكرة الشاملة لتطبيق ما تعهد به لبنان منذ إعلان 27تشرين الثاني 2024، حتى البيان الوزاري للحكومة اللبنانية، مروراً خصوصاً بخطاب القسم، وذلك حول الضرورة الملحة لإنقاذ لبنان، عبر بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بقواها الذاتية دون سواها، وحصر السلاح في قبضة القوى المسلحة اللبنانية وحدها، والتأكيد على مرجعية قرار الحرب والسلم لدى المؤسسات الدستورية اللبنانية. كل ذلك، بالتزامن والتوازي مع صون السيادة اللبنانية على حدودها الدولية كافة، وإعادة الإعمار وإطلاق عملية النهوض الاقتصادي، بضمانة ورعاية من قبل أشقاء لبنان وأصدقائه في العالم، بما يحفظ سلامة وأمن وكرامة كل لبنان وجميع اللبنانيين.
«خيبة الامل»؟
وبعد لقاء ئيس الحكومة نواف سلام في السراي الحكومي، اكد براك أهمية استعادة الاستقرار والأمن في لبنان وقال» القادة في البلد يحاولون معالجة المشاكل. واضاف: مسألة نزع سلاح حزب الله داخليّة وبالنسبة لأميركا «الحزب» منظمة إرهابيّة ونحن نبحث مع الحكومة في كيفية المساعدة وتقديم الإرشادات لعودة الاستقرار والسلام إلى المنطقة. وفي موقف لافت اكد» ان أميركا ليست هنا لإرغام إسرائيل على القيام بأي شيء ونحن لا نرغم أحدًا إنّما نقدّم المساعدة للوصول إلى خلاصة ولسنا هنا لنضع أي مصالح على الأرض. وقال: لا ضمانات ولا نستطيع إرغام إسرائيل على فعل أي شيء، معلنا «اننا لا نفكر حالياً في فرض عقوبات على لبنان». واشار الى «إنه اذا لم يحدث نزع سلاح حزب الله لن تكون هناك تبعات مباشرة أو أي تهديد ولكنه سيكون أمراً «مخيباً للآمال». دون ان يشرح ما الذي يعنيه خيبة الامل بالنسبة لواشنطن، وكيف يمكن ان تترجم عمليا؟!
لقاءات سياسية
والتقى الموفد الاميركي مع قائد الجيش العماد رودولف هيكل والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، واشاد بمواقفه «العقلانية»، كما التقى متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عودة، كما سيلتقي اليوم عددًا من النواب خلال عشاء في السفارة الأميركية. كذلك سيلتقي بعدد من النواب والوزراء خلال عشاء في دارة النائب فؤاد مخزومي. ويزور برّاك غدا، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
موقف حزب الله
في هذا الوقت، عبر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين جشي عن موقف حزب الله، واشار الى أنّ «زيارة برّاك إلى لبنان تأتي مجددًا في سياق الضغط للتخلي عن سلاح المقاومة»، مؤكدًا أن «هذا السلاح ليس موضع مساومة، وأن من ينبغي عليه أن يتخلى عن تدخلاته هو الأميركي نفسه. وحول مطلب نزع سلاح المقاومة وتسليمه إلى الجيش اللبناني، أوضح النائب جشي «أنهم يريدون اليوم من لبنان أن يتخلى عن سلاح المقاومة بطريقة منمّقة، تحت عنوان تسليم السلاح الاستراتيجي للجيش اللبناني، إلا أنه وفي الحقيقة أن الجيش اللبناني الوطني يُمنع عليه الاحتفاظ بهذا السلاح، بل المطلوب تدميره كما حصل في المنطقة الواقعة جنوبي نهر الليطاني». اضاف»فليطمئن الأصدقاء، وليعلم الأعداء والمتربصون أننا لن نتخلى عن السلاح مقابل وعود أميركية فارغة وزائفة..
بوشكيان في كندا؟
على صعيد آخر، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة عامة، الحادية عشرة من قبل ظهر الأربعاء للاستماع إلى الوزراء السابقين للإتصالات السلكية واللاسلكية بطرس حرب، نقولا صحناوي، وجمال الجراح ، ودرس طلب رفع الحصانة عن النائب والوزير السابق جورج بوشكيان الذي غادر عبر قبرص الى كندا قبل قرار رفع الحصانة عنه في مجلس النواب وهو يحمل الجنسية الكندية. وفي بيان اكد بوشكيان انه غادر بتاريخ 7 تموز 2025، في إطار سفر شخصي – عائلي تم التخطيط له منذ أشهر، ولم يكن في حينه قد صدر بحقه أي قرار بالملاحقة أو حتى أي طلب رسمي برفع الحصانة... ولفت الى ان اي احد ليس فوق المحاسبة، لكن لا تُبنى العدالة بالكيل بمكيالين؟!
...وعويدات لم يلتزم!
قضائيا، تغيّب النائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات، عن جلسة استجوابه التي كانت مقررة امس أمام المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، وصرف الأخير النظر عن استدعاء عويدات مجددًا. وأرجأ اتخاذ القرار إلى حين ختم التحقيق أسوة بكل الذين استجوبهم أخيرًا.
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:28
المتحدثة باسم البيت الأبيض: الرئيس ترامب يتمتع بعلاقة جيدة مع نتنياهو لكنه فوجئ بقصف سوريا والكنيسة في غزة، وهو يريد دخول المساعدات إلى غزة بطريقة آمنة، ووزير الخارجية ماركو روبيو تدخل بشأن سوريا لخفض التصعيد.
-
23:27
المتحدثة باسم البيت الأبيض: الرئيس ترامب يرى أن الحرب في غزة طالت وأن القتال أصبح أكثر دموية في الأيام الأخيرة، ويريد أن يتوقف القتال لبدء التفاوض لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن.
-
22:27
مواقع "إسرائيلية": إصابة عدد من الجنود في الحدث الأمني الثاني بقطاع غزة.
-
22:26
الجيش "الإسرائيلي": مقتل جندي وإصابة ضابط من لواء غولاني بجروح خطيرة خلال معارك في جنوب قطاع غزة.
-
22:24
حماس: نبذل جهدنا على مدار الساعة لإنهاء المعاناة المتفاقمة في غزة من خلال تحركنا المتواصل مع الوسطاء والمعنيين.
-
22:23
حماس: ماضون بمسؤولية في مشاوراتنا مع القوى الفلسطينية للوصول إلى اتفاق مشرف يفضي إلى وقف العدوان على غزة.
