اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

امتناني للصديق الرائع أبو علي عصام قاسم الذي دعا أزهار حديقته الى استضافتنا مثلما تستضيفنا دقات قلبه،والى السيدة رحاب ، لطلال حيدر، ولطالما تمنيت أن أكتب عن "فلسفة البال" عند طلال حيدر ...

"بغيبتك نزل الشتي قومي طلعي ع البال

في فوق سجادة صلا ... والعم بيصلوا قلال

صوتن متل مصر المرا ... وبعلبك الرجّال

ع كتر ما طلع العشب بيناتنا ... بيرعى الخيال"

كنت أظن ، وأنا البدوي ، سيزيف العربي ، الذي يقطع الأزمنة ، ويقطع الصحارى ، على ظهر ناقة أنني عثرت على اللقب الذي يليق بمن يليق به الخيال . خيّال الخيال ، حتى اذا ما أعدت قراءة قصائده ، هل تناهى اليكم هذيان القمر ...!

هذا الذي يعاتبه الله ، ولا يحاسبه . "لقد أعطيتك ما لم أعطه للأنبياء . ماذا فعلت برؤوس النساء، وبقلوب النساء ؟" . واثق من أن الله سأله ... وماذا فعلت بشفاه النساء ؟

أيها الجميل ، الجميل ، الجميل ...

لا أحد مثلك، قضيتنا الكبرى، نكبتنا الكبرى ،رفيف الفراشات ، ولو قلت أنت رفيف الملائكة ..

ولقد بقيت وحدك . هذه غزة . أوديسه الدم ، وردة الدم ، تنحني لك مثلما ينحني البرق . لتذكّرني صديقة مرهفة ، كما لحظة الليلك، وهي تكاد تبكي، أو وهي تبكي فعلاً ، بهذه الأبيات :

"وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان

وحدن بيقطفوا وراق الزمان

بيسكّروا الغابة

بيضلهن متل الشتي

يدقوا على بابي

يازمان"

أحدهم ، صديق من هناك ، بين ليل الرمال وليل الحرائق ، عرف أنني ساكتب عن طلال حيدر ، في عامه التسعين، بعث اليّ "لقد طلبت من طفلتي أن بقيت على قيد الحياة ، أن تخط تلك القصيدة على شاهدة قبري" !

لعلك بكيت ، حين جلسنا على الأرض ذات ليل في القاهرة ، ليقرأ علينا أمل دنقل "لا تصالح" . لم نصالح فقط ، بل بعنا أرواحنا ، كما فاوست في رائعة غوته ، الى الشيطان .

اذاً ، أنت حزين ، وأنت في التسعين . كيف ذهب ذلك العمر ، والى أين ، حين لا يعود لنا ، كعرب ، لا مكان في المكان , ولا زمان في الزمان . لا شيء هناك يا صاحبي سوى قهقهات يهوذا على قبر شهرزاد . طويلاً ، طويلاً، قطعنا طريق الجلجلة . عالقون، معلقون ، تلك الغجرية التي كنت أعتقد أنها تراقص الريح ، فاذا بها تراقص الأزل . قصائدك اللآلئ البيّنات ، ولقد تركت للآخرين الآيات البيّنات .

على الأقل ، وأنت في التسعين ، لم ترتكب خطيئة الأنبياء ، وتدع الغربان تجثو للصلاة . قصائدك دعت السنونو والبنفسج ، للصلاة ..

واذا كان الله قد اصطفاك لتكون نبي الخيال . يا خيّال الخيال ، أصطفيك أنا خيال الخيال ... 

الأكثر قراءة

لقاء سري يعيد الحرارة بين «بعبدا» و«حزب الله» شرط اميركي جديد «لتمديد محدود» للطوارئ الدولية صيد ثمين لـ«الجيش»: تنسيق بين «عين الحلوة» وفصائل سورية