اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لا ندري أهو الديبلوماسي المحترف، أم الممثل الهزلي؟ حين يدعو الرئيس السوري الى "تخفيف توجهاته الاسلامية"، بعد اعادة صناعة شكله الخارجي بابدال الزي الأفغاني بالزي الغربي، وبربطات العنق الزاهية، اضافة الى تشذيب لحيته المسننة، ليبدو بمظهر رجل الدولة،  لا بمظهر قطاع الطرق، وحتى طريقة مشيته والحديث مع الضيوف الأجانب. لا تكشيرة ايديولوجية بل ابتسامة سياسية. ولكن هل يمكن أن يطلب منه تغيير هيكله العظمي، وهو الذي نقله مساره الراديكالي من الكهوف الى القصر الجمهوري في دمشق؟

توماس براك ذهب أبعد من ذلك في التعبير عن العشق الأميركي للرئيس السوري، حين عمد الى تبرئته من ارتكاب المذابح في السويداء. اذا لم تكن تلك الجحافل التي اجتاحت المدينة، وذبحت من ذبحت تابعة لسلطته، من تراها تتبع اذاً؟ اسألوا بعض الساسة في لبنان. لن يترددوا في القول انه الانزال الايراني المسؤول عن كل الجرائم المروعة في المدينة ومحيطها.

تابعنا تصريحات بعض أعضاء لجنة التحقيق في أحداث الساحل، ليتبين لنا أن القتلى من النساء والأطفال العلويين داخل منازلهم هم القتلة. أما الغزاة، بالقهقهات التي لكأنها قهقهات الحجاج بن يوسف الثقفي وهو يقطع رؤوس الضحايا، فكانوا يدافعون عن أنفسهم من "فلول النظام"، وأيضاً من الخلايا الايرانية في المنطقة. لا أثر لايران على الأرض السورية...

أي نوع من الأدمغة (الأدمغة البشرية؟) التي تتولى ادارة سوريا الآن، وهي على الأقل الأدمغة المبرمجة أميركياً وتركياً؟ المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا، لاحظ أن العشائر العربية استوطنت في منطقة السويداء والجوار، ربما منذ بداية الخليقة، أما الدروز فهم جالية طارئة نزحت من لبنان في القرن الثامن عشر. ماذا نفهم من ذلك سوى التهديد باعادة الدروز الى لبنان، مقابل اعادة النازحين السوريين الى بلادهم؟

ليبقى هاجسنا هو في السياسة "الاسرائيلية" حيال سوريا. لا نتصور أن المبعوث الأميركي يعلم ما في رأس بنيامين نتنياهو بالحمولة الايديولوجية، التي لا تقول فقط بتحويل دمشق الى "ركام من الأنقاض" (سفر اشعيا)، وانما أيضاً بشق ممر جيوستراتيجي يمتد من مرتفعات لجولان، مروراً بمحافظتي درعا والسويداء، في اتجاه منطقة النتف ـ حيث القاعدة الأميركية ـ وهي نقطة التقاء الحدود السورية مع العراق والأردن. ومن ثم الى شرق الفرات على الحدود العراقية ـ التركية، والدخول بلسان جغرافي من محافظة الأنبار الى كردستان العراق.

أين رجب اردوغان من كل ذلك؟ وهو الذي ظن أن باستطاعته وضع اليد على سوريا كنقطة انطلاق الى الداخل العربي، ودائماً تحت المظلة الأميركية ـ "الاسرائيلية"، ودون أن يأخذ العبرة من السيناريوات السابقة والفاشلة. لكنها لحظة تغيير الشرق الأوسط، وهو واحد من نجوم التغيير، قبل أن يتبين أنه رهينة في قبضة نتنياهو، الذي هو من يوجد في قلب دمشق لا الرئيس التركي. حقان فيدان الذي هدد بالتدخل اذا تعرضت سوريا الى التقسيم، حصر الخطر الذي يهددها بالزعيم الروحي الدرزي الشيخ حكمت الهجري، لأنه "يتصرف وكأنه وكيل سوريا في المنطقة". كل ما قاله عن الدولة العبرية أنها "تسعى للاضرار بالاستقرار والأمن في سوريا، والتدخل في شؤونها بذريعة حماية الدروز"، وهم أعداؤه لا "الاسرائيليون"، الذين أعلنوا أمام الملأ، تحول الجنوب السوري الى منطقة منزوعة السلاح، لتفتح دمشق أبوابها السبعة أمام "الحاخامات".

ما يستشف من التعليقات "الاسرائيلية" ان الشرع هو "فرصتنا الذهبية"  لوضع اليد على سوريا. "هيئة البث الاسرائيلية" نقلت عن مصدر مقرب من حكومة الشرع "اذا لم تعد "اسرائيل" الى مسار السلام مع دمشق، فان ايران و"داعش" سيعودان الى المنطقة". ولكن متى كان "تنظيم الدولة الاسلامية" ضد الدولة العبرية، وهل يصدق "الاسرائيليون" أنه يمكن  بأن تعود ايران الى سوريا، وكيف ومن أين، وهي التي، بحسب معلوماتنا، تعيد النظر بالكثير من توجهاتها الجيوسياسية السابقة؟ ولكن، هل يمكن لتلك الحكومة أن تستغيث الى هذا الحد بنتنياهو للبقاء، بعدما أظهرت التطورات الأخيرة عجزها الكلي عن ادارة الدولة.

لماذا لا تقال الاشياء بأسمائها. الرئيس التركي الذي فشلت كل خططه السابقة لاقامة كوندومينيوم (حكم ثنائي) تركي ـ "اسرائيلي" لادارة الشرق الأوسط، بما في ذلك ادارة الثروة الغازية شرق المتوسط، يحاول الآن اختراق الداخل العربي عبر سوريا، وذلك بسوق الشرع الى أورشليم، ولو زحفاً على بطنه. ولكن ليتبين له أن دوره لا يتعدى دور الأداة الأميركية من الدرجة الثانية، في ظل التماهي الاستراتيجي والايديولوجي بين أميركا و"اسرائيل". ليبقى سؤالنا الصارخ: ماذا فعلت وماذا تفعل أيها الرجل، سوى تقديم سوريا المحطمة هدية الى بنيامين نتنياهو؟

اذ يفترض أن نعلم اذا كان مآل الجنوب اللبناني مآل الجنوب السوري، نفاجأ الى أي مدى تستشري ثقافة التفاهة بين بعض الساسة في لبنان، حيال ما يفعله الرئيس جوزف عون  والرئيسان نبيه بري ونواف سلام في مسألة هي الأخطر التي يواجهها لبنان، كونها تتعلق بمسار التغيير في الشرق الأوسط.

اعتراض على دور رئيس المجلس النيابي، وهو "ام الصبي" الذي وضع أمام توماس براك كل الحقائق المتعلقة بالجنوب اللبناني، ومع وجود قيادات مسيحية بالذات تراهن وتعمل على تفجير الحرب الأهلية، كمدخل لاقامة الكانتون المسيحي، الذي لا يعني فقط نهاية المسيحيين في لبنان وانما نهاية لبنان.

ما علمناه عن لقاء بري ـ براك يدعو الى التفاؤل بحل منطقي لمسألة السلاح، حين يكون الشيعة بين مذبحة العلويين ومذبحة الدروز في غزة ومذبحة الفلسطينيين في غزة.

الكلام الآن لحكماء المسيحيين، لا للذين يدارون بالمال لتنفيذ سيناريو جهنمي يهدد بزوال لبنان من الوجود. الرئيس بري كان شديد الصراحة، وبالصوت العالي الذي حتماً، وكما وعد براك،  سيصل الى دونالد ترامب...

الأكثر قراءة

رسالة أمنية حازمة شمالا... وغياب للمرجعية السنية! الورقة الأميركية مذكرة استسلام ولا مهل زمنية جورج عبدالله يعود اليوم يعد 41 عاماً...