اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


هذه هي الخطوة التالية بعد نزع سلاح حزب الله، وما أشرنا اليه في أكثر من مقالة سابقة، وبالتواطؤ مع جهات عربية ولبنانية. البواخر جاهزة لنقل قيادات الحزب ومقاتليه  الى الصومال، وان كانت المعلومات التي يتم تداولها في الظل، تؤكد أن الجهات العربية واللبنانية  تراهن على ترحيل طائفة بأكملها، باعتبارها تشكل بؤرة ايرانية، أو قنبلة ايرانية، في الداخل اللبناني أو في الداخل العربي.

ما هو أخطر في الاتصالات العربية، وربما "الاسرائيلية"، مع أطراف لبنانية، وهي لا تنتمي الى طائفة واحدة، النزول الى الشارع تحت شعار الحيلولة دون تحول البلاد الى غزة أخرى، خصوصاً وأن الكلام الأخير لتوماس براك، والذي لا مجال فيه للتأويل، هو بمثابة الرد من واشنطن و"تل أبيب" على كل الأوراق والطروحات اللبنانية. اما التوقيع على صك الاستسلام أو... الجحيم!

ليبقى الخوف من الداخل أكثر من الخارج، لا سيما وأن سيناريو التظاهرات المفتوحة، وفي مناطق مختلفة، يلحظ حشد أكبر كمية ممكنة من الجموع وقطع الطرقات، بما يشبه فرض الحصار على مناطق "البيئة الحاضنة"، وان كان هناك من يتحدث عن خروقات حساسة في هذه المناطق، وبالصورة التي تدفع بأركان الثنائي الى الضياع، مع اعتبار الفارق الهائل بين الحالة الايرانية، حيث أمكن استيعاب الضربات القاتلة، بالعوامل الداخلية الأكثر خطورة من العوامل الخارجية، والحالة اللبنانية التي في ذروة التصدع والهشاشة والتشرذم.

لطالما تحدثنا عن ثقافة الكراهية التي تستوطن صدور الطوائف اللبنانية بين بعضها البعض، ودون أن يكون هناك رجال الدولة الذين يغسلون الأدمغة الصدئة، والتي هي في حال الاجترار الميكانيكي لمناخات القرن التاسع عشر. واذا كان الدفع الخارجي الآن في اتجاه طائفة بعينها، هل يمكن للطوائف الأخرى أن تكون بمنأى عن الجنون "الاسرائيلي" بالهاجس التلمودي، والجنون الأميركي بالاطباق العسكري على الكرة الأرضية. والحال هذه، لا أحد يمكن له أن يتكهن لا بالاحتمالات التي تنتظر لبنان، أو تنتظر المنطقة، ودون أن تكون هناك قوة اقليمية أو قوة دولية تحد من تلك الاستراتيجيات والايديولوجيات المجنونة.

ماذا يمكن للرئيس جوزف عون أمام هذا الواقع المدمر؟ لا شك أن المسيرات "الاسرائيلية" كانت تختال طوال ليلة أول أمس فوق القصر، كما فوق كل الأراضي اللبنانية، للايذان بأن الذئاب تدق على أبوابكم. رئيس الجمهورية يدرك كيف وجد ذلك السلاح في الغياب التام للدولة، منذ توقيع اتفاق القاهرة عام 1969، وحتى قبل ذلك بكثير، وبعد ذلك بكثير. كما يدرك مدى حساسية تلك المسألة. من هنا، كرئيس للدولة لا كمفوض سام أميركي، المقاربة المتأنية والعقلانية للمسألة، ودون أن تترك له التهديدات الخارجية والتصريحات الداخلية، الفرصة ليجد نفسه أمام الحرب الخارجية أوالحرب الداخلية.

الا اذا كان الأميركيون قد أتوا به ليكون على شاكلة أحمد الشرع، الذي تم اعداده للذهاب بدفع تركي، سيراً على الأقدام الى "تل أبيب". الرئيس اللبناني لا يستطيع أن يكون الرئيس السوري الذي أطلق العنان لتلك الفصائل الهمجية تحت تسميات هجينة (الجيش السوري أو الأمن العام) من أجل ذبح الأقلية العلوية، ثم الأقلية الدرزية، بانتظار ذبح الأقلية الكردية، التي لم يدرك قادتها في أي يوم، أنهم دمى مرقطة في لعبة الأمم، وفي لعبة القبائل. وها أن ترامب يقدمهم هدية الى الرئيس التركي على دوره (الرائع) في ازاحة نظام بشار الأسد (وهل كان نظاماً حقاً، والسؤال ينطبق على النظام الحالي)؟

ولكن هل يعلم اردوغان ما مصيره الشخصي (حين تنتهي مهمته)؟ وما مصير مشروعه باقامة تركيا الكبرى؟ اذا لاحظنا كيف أن دبابات نتنياهو على أبواب دمشق، وطائرات نتنياهو تقصف حتى القصر الجمهوري، وحتى مبنى هيئة الأركان في دمشق، التي كان يريد زيارتها على حصان السلطان. ولعل مستشاريه يطلعونه على كلام قيادات يهودية في الولايات المتحدة، حول قرب تحقيق حلم "اسرائيل الكبرى"، ايديولوجياً من النيل الى الفرات، واستراتيجياً من حدود الصين الى ضفاف المتوسط، وبدعم أميركي بانتظار وصول الصراع الأميركي ـ الصيني، حول قيادة العالم، الى نقطة الانفجار.

وسط تلك الغيوم السوداء، انعقد المؤتمر الدولي حول وضع خارطة الطريق نحو انشاء الدولة الفلسطينية، برئاسة سعودية ـ فرنسية، وهو التزام سعودي يثير غضب دونالد ترامب ورفضه، وكذلك رفض بنيامين نتنياهو الذي يعتبر أن تحقيق ذلك يعني بداية اندثار الدولة اليهودية، وبعدما اختبر على أرض غزة أي نوع من البشر أولئك الفلسطينيون الذي اذا أقاموا دولتهم، ولو منزوعة السلاح، يستطيعون تحويل هذه الدولة الى قلعة حصينة تهدد الوجود "الاسرائيلي".

واذا كان هناك من يسأل عن اليوم التالي لغزة، بذلك الدمار الأبوكاليبتي، عليه أن يسأل عن اليوم التالي في لبنان، وفي المنطقة. لا فلسطينيون ولا غيرهم في "أرض الميعاد". ولكن من تراه يعلم أين هي حدود "أرض الميعاد"؟

بطبيعة الحال، خادم الحرمين الشريفين لا يستطيع قطعاً، أن يكون خادم الهيكل. هل يعني ذلك أن نتوقع مواجهة بين الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترامب؟ انه الشرق الأوسط، وحيث التاريخ يمتطي حيناً الرياح، وحينا الزلازل!

 

الأكثر قراءة

جلسة السلاح تحرّك العاصفة... وماكرون يتدخّل لتفادي الانفجار برّاك ينسحب إلى موناكو ورسائله تربك بيروت بإنتظار التشكيلات القضائية: ملفات حساسة وشخصيات نافذة على الطاولة