اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لا يخفي الوزير السابق وديع الخازن، أن جلسة الحكومة المنتظرة لمناقشة ملف سلاح المقاومة تبدو "أكثر من مجرّد محطة حكومية عادية، لأنها تنعقد في توقيت سياسي حسّاس، حيث تتراكم الملفات المعقّدة على طاولة مجلس الوزراء، من دون حلول جدية"، ويتوقع  ظهور"خلافات داخل الحكومة، خصوصا عند طرح موضوع بهذه الحساسية كملف السلاح، أكان المقصود منه سلاح المقاومة أم سلاح الفوضى الذي يتنامى في الداخل".

إلاّ أن المطلوب اليوم، كما يؤكد الخازن في حديثٍ لـ"الديار"، هو "تجنّب السقوط في فخّ الانقسام أو التصعيد السياسي، لأن اللحظة لا تحتمل مغامرات كلامية أو توتيرا جديدا على الساحة، لأن أي نقاش حول السلاح، أيّا كان توصيفه، يجب أن يتمّ ضمن رؤية وطنية شاملة واستراتيجية دفاعية واضحة، وليس من باب التجاذبات والمزايدات، وبالتالي، فإذا تمت إدارة الجلسة بحكمة، يمكن أن تتحوّل إلى مناسبة لتثبيت النقاط المشتركة بين المكوّنات الحكومية، لا ساحة اشتباك، فما يحتاج اليه لبنان اليوم، هو الحدّ الأدنى من التوافق لضبط إيقاع العمل الحكومي، وليس تعميق الانقسام، فالبلد يقف على حافة انهيار سياسي واقتصادي وأمني، وأي شرخ جديد قد يفتح الباب على ما هو أخطر".

ورداً على سؤال حول احتمال عودة الحرب في المنطقة، وما إذا كان لبنان معرّضا للدخول في أتونها، يرى الخازن أنه "في ظل ما تشهده المنطقة، وتحديدا على جبهة غزة والجنوب اللبناني، لا يمكن استبعاد احتمال التوسّع أو الانفجار، فالمؤشرات العسكرية واضحة، والتحركات الميدانية على الحدود الجنوبية تُظهر تصعيدا مطردًا، وتداخلا كبيرا بين الجبهات، ولكن مع ذلك، لا يبدو أنّ الأطراف المعنيّة، ولا سيما الدولية منها، ترغب في فتح جبهة شاملة في لبنان، لأسباب تتعلق بتوازنات الصراع ومفاعيله الإقليمية والدولية".

والسؤال الحقيقي وفق الخازن "ليس فقط إن كانت الحرب ستقع، بل مدى استعدادنا لأي طارئ، وما إذا كنا نمتلك وحدة داخلية تُمكننا من الصمود السياسي والاقتصادي إذا ما اتسع نطاق المواجهة، لأن لبنان، الذي يعاني من هشاشة سياسية ومالية، لا يحتمل أي مواجهة مفتوحة، والمطلوب هو التحصين الداخلي الكامل، سياسيا ومجتمعيا ومؤسساتيا، كيلا نجد أنفسنا فجأة في قلب المعركة، من دون غطاء داخلي موحد أو حدّ أدنى من التماسك الوطني".

وبالإشارة إلى عملية الإصلاحات وما إذا كان المجلس النيابي قد وضعها على سكة التنفيذ، يكشف الخازن، و "بكل صراحة  أن هذا الأمر لم يحصل، فالإصلاحات الأساسية، من قانون الكابيتال كونترول، إلى قانون إعادة هيكلة المصارف، إلى تحديث قانون السرية المصرفية، اللذين أُقرّا بالأمس، ما زالت تُراوح في مكانها، إما نتيجة تضارب المصالح، أو بسبب حسابات سياسية ضيّقة، أو نتيجة غياب الضغط الشعبي الحقيقي، وبالتالي، فإن مجلس النواب، ورغم الجهود الفردية لرئيسه نبيه بري ولبعض أعضائه، لم يرقَ إلى مستوى الأزمة، لأن الإصلاح التشريعي المطلوب يتطلب إرادة سياسية شاملة، ومسؤولية وطنية كبرى، وتحرّرا من النفوذ المالي والمصرفي الذي عطّل الكثير من المبادرات، وخصوصا أن عيون المجتمع الدولي، كما الدول العربية، تنظر إلى مجلس النواب بترقّب شديد، ولا يمكن للبنان أن يطلب مساعدات أو دعما من الخارج، إن لم يبدأ أولا بترتيب بيته الداخلي، عبر التشريع الجاد والمحاسبة الحقيقية، والتخلي عن ثقافة التسويف التي أوصلتنا إلى هذا الانهيار غير المسبوق".

وعن الدور الذي يقوم به حاكم مصرف لبنان كريم سعيد من أجل إعادة انتظام العمل النقدي والمصرفي، يعتبر الخازن أنه "في خضمّ الفوضى السياسية، وفي ظل غياب الدولة المركزية الفاعلة، ظهر الدور المحوري الذي يقوم به حاكم مصرف لبنان، الذي تولّى المسؤولية في لحظة دقيقة، وسط تراجع الثقة، وتدهور النظام المصرفي، وانعدام شبه كامل للسيولة والحوكمة المالية، ولكن منذ اللحظة الأولى، سعى الحاكم إلى إعادة انتظام العمل داخل المصرف المركزي وفق قواعد واضحة، تقوم على الشفافية، والاستقلالية، والحرص على ما تبقى من الثقة المحلية والدولية. وقد وضع حدا نهائيا لأي إنفاق من الاحتياطي الإلزامي، معلنًا أن مصرف لبنان لم يعد مموّلا للعجز ولا للحكومة، وهو موقف جريء أعاد التوازن بين السلطات المالية، فهو أطلق سياسة نقدية تعتمد على التقشّف الواعي وضبط الكتلة النقدية، وبدأ بتفعيل الرقابة على المصارف، ومراقبة التحويلات، ورفض تغطية أي مصاريف خارج إطار القوانين المرعية، كما عزّز التعاون مع الهيئات الرقابية الدولية، وأرسل إشارات طمأنة إلى الأسواق والجهات المانحة بأن مصرف لبنان عاد إلى أداء دوره كحارس للنقد لا كأداة سياسية، وعليه، يمكن القول اليوم، وبثقة، إنّ الحاكم سعيد تمكن من وقف النزيف النقدي، وتثبيت الحدّ الأدنى من الاستقرار، في ظل عواصف عاتية، وهو يواصل مساعيه لوضع أسس إصلاح مالي طويل الأمد، بانتظار أن تتوافر الظروف السياسية لإطلاق خطة التعافي الكاملة".

وحول ما يتردّد عن "تعب دولي" وتراجعٍ للاهتمام نتيجة التأخير في الإصلاح، يقول الخازن إن لبنان "لا يزال حاضراً على الطاولة الدولية، لكن ليس كما نتصوّر أو نأمل، فهناك اهتمام أميركي بالحؤول دون الإنهيار الكامل، أو توسّع الصراع من الجنوب اللبناني، أمّا من جهة الدول العربية، فالإهتمام قائم، ولكن مشروط، لأن معظم العواصم العربية، وخصوصا الخليجية، مستعدة لدعم لبنان، شرط  توافر الحدّ الأدنى من الجدية والإصلاح والاستقرار السياسي، والخشية تبقى أن يتحوّل لبنان إلى ملف منسيّ على هوامش أولويات العالم، في ظل الحروب الكبرى التي تُعاد صياغتها من أوكرانيا إلى البحر الأحمر إلى تايوان، وإذا لم نُبادر نحن كلبنانيين، فإنّ الاهتمام الخارجي سيتراجع تدريجاً، وقد يصبح التعامل مع لبنان من باب إدارة الفشل لا احتواء الأزمة، لكن الدول الصديقة تتابع، وتنتظر، وتضغط، إنما الرهان على أن يستفيق الضمير الوطني، وتُلتقط الفرصة الأخيرة قبل فوات الأوان".

الأكثر قراءة

الذكرى الخامسة لانفجار المرفأ: القرار الظني قاب قوسين او أدنى مشاورات «ساخنة» تسبق جلسة «حصرية السلاح».. وتحركات سياسية مرتقبة