اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في ذلك اليوم المشؤوم، في 4 آب 2020، نحروا بيروت. نحروا ست الدنيا، العاصمة المغرورة، والتي يحق لها ان تكون مغرورة، كما يقول القاضي الدكتور منيف حمدان، لما تختزنه من علم وثقافة وكرامة وقيم.

في ذلك اليوم المشؤوم، أنفجرت العاصمة، وأنفجرت المنازل والمؤسسات والمكاتب، وقتل مئات الضحايا، واصيب آلاف الجرحى إصابات في كافة انحاء اجسادهم. وكلف محقق عدلي، واستبدل بمحقق آخر. ولا تزال التحقيقات جارية وحتى تاريخه لم يصدر القرار الاتهامي.

فور خروجي من المستشفى بعد إصابتي في رأسي واصبعي وبعد إجراء عملية جراحية في يدي دامت ست ساعات، كتبت مقالة بعنوان: كل من علم بوجود المواد وبمدى خطورتها مسؤول. وهما شرطان متلازمان. كما كتبت مقالة اخرى طالبت فيها بالتركيز على كيفية دخول تلك المواد وسبب تخزينها، ومن استفاد منها، ومن كان يمكنه التصرف بها، ولماذا؟، وبأي هدف؟. وهل انفجرت بكاملها، ام كان قد تم سحب قسم منها، ومن سحبها، وإلى اين؟ كما التحقيق في كيفية الانفجار او التفجير هل من الجو ام من البحر ام من الداخل. ومن الذي فجر المواد، وكيف انفجرت. وهل الانفجار صدفة ام عملية تفجير مقصود.

وما ان حلت الكارثة، حتى نشطت الجمعيات وبدأت بالعمل. منها طبعا لرسالتها الإنسانية السامية. ومنها تلك المعروفة بأنها تستفيد من مثل تلك الظروف لتلقي الهبات والمساعدات. أما بالنسبة للتحقيق فقد طلبنا في عدة مقالات ومقابلات، التركيز على الفاعل وعلى المهمل، وعلى كيفية حصول الانفجار. وعدم التركيز على بعض الاشخاص الذين لم يحضروا، خصوصا اولئك الذين تقدموا بعشرات طلبات النقل والمخاصمة. فإذا لم يحضروا يصرف النظر عنهم كما فعل مؤخرا مع مدعي عام التمييز السابق القاضي غسان عويدات، ولدى صدور القرار الاتهامي يكتب فيه ما يكتب. إذ ان المهم هو صدور هذا القرار. فنكون قد خرجنا من طور التحقيقات الى طور المحاكمة في الاساس. إذ قد تدوم تلك التحقيقات عشرات السنوات في ظل تقديم مثل هذه الطلبات. وما نفع مئات ملايين الصفحات من التحقيقات اذا لم يصدر القرار الاتهامي؟ كمن يدرس اربع سنوات حقوق ولا يُقدم الامتحان الاخير في السنة الرابعة. فلا يحمل شهادة الحقوق.

نعود ونقدم التعازي بوفاة الضحايا، متمنين الشفاء للجرحى  (ومعظمهم فقدوا اعينهم او ارجلهم، وتشوهت وجوههم) متمنين صدور القرار الاتهامي في اسرع وقت (وان كانت مرت خمس سنوات).

أما بيروت. بيروت الحب والجمال. بيروت الثكلى والجريحة. فقد نفضت عنها غبار الحروب والانفجارات، وعادت مدينة الحب والجمال والاناقة. دون ان ننسى انها مدينة العلم والثقافة. فهي أم الشرائع ومرضعة القوانين. وعادت مدينة السياحة التي لا تنام قبل ان تسلم الليل للنهار.

 

                                                                 نقيب المحامين السابق في بيروت

الأكثر قراءة

الذكرى الخامسة لانفجار المرفأ: القرار الظني قاب قوسين او أدنى مشاورات «ساخنة» تسبق جلسة «حصرية السلاح».. وتحركات سياسية مرتقبة