اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في ظل السعي المتزايد للوصول إلى الوزن المثالي بسرعة، يقع الكثيرون في فخّ اتباع أنظمة غذائية غير مدروسة أو ممارسة سلوكيات خاطئة لخسارة الوزن، ظنًا منهم أن النتائج السريعة تعني النجاح. غير أن خسارة الوزن بطريقة خاطئة لا تقتصر آثارها على التعب أو الإرهاق المؤقت، بل قد تتسبب بمضاعفات طبية خطيرة تهدد صحة الإنسان على المدى القصير والطويل.

أحد أبرز أخطاء خسارة الوزن هو اللجوء إلى حميات قاسية تفتقر للعناصر الغذائية الأساسية، كالبروتينات، والدهون الصحية، والفيتامينات والمعادن. هذا الحرمان قد يؤدي إلى تدهور في وظائف الكبد والكلى، كما يُضعف عضلة القلب ويزيد من فرص الإصابة بالاضطرابات القلبية. إلى جانب ذلك، يتأثر الدماغ بشكل مباشر من نقص المغذيات، ما يؤدي إلى تراجع في التركيز، ضعف في الذاكرة، واضطرابات مزاجية كالاكتئاب والقلق.

غالبًا ما تُفقد الكتلة العضلية عند خسارة الوزن بسرعة عبر طرق غير صحية، بدلاً من التخلص من الدهون المتراكمة. وهذا يعني انخفاضًا في معدل الأيض الأساسي، أي أن الجسم سيحرق سعرات أقل مما يؤدي إلى تباطؤ في عملية فقدان الوزن لاحقًا ويزيد من احتمالية استعادة الوزن المفقود بسرعة، وهي ظاهرة تُعرف بـ"تأثير اليويو".

الطرق الخاطئة لفقدان الوزن تؤثر أيضًا في التوازن الهرموني في الجسم، خاصة لدى النساء. قد يؤدي هذا إلى اضطرابات في الدورة الشهرية، ضعف في الخصوبة، وحتى انقطاع مبكر للطمث. أما لدى الرجال، فقد تنخفض مستويات التستوستيرون، مما يؤثر على القدرة الجنسية والطاقة العامة.

إنّ نقص الكالسيوم والفيتامين "د" الناتج عن الحميات القاسية يعرض العظام للضعف والهشاشة، ويزيد من احتمال الكسور حتى عند القيام بأنشطة بسيطة. كما أن تساقط الشعر، وتقصف الأظافر، وبهتان البشرة تُعد من العلامات المبكرة التي يُطلقها الجسم للتحذير من سوء التغذية.

كثرة التقلبات في الوزن والمبالغة في الاهتمام بالرشاقة قد تؤدي إلى اضطرابات خطرة مثل فقدان الشهية العصبي أو الشره المرضي، وهي اضطرابات نفسية تستدعي التدخل الطبي والنفسي المبكر لما لها من انعكاسات مدمرة على الصحة الجسدية والعقلية.

أخيرًا، يجدر التأكيد أن خسارة الوزن ليست مجرد مسألة جمالية أو سعيًا للحصول على قوام مثالي، بل هي عملية بيولوجية دقيقة تتطلب فهمًا عميقًا لاحتياجات الجسم وتوازنه الداخلي. فالوزن الصحي لا يتحقق من خلال حرمان الجسم من العناصر الغذائية أو اتباع أنظمة قاسية، بل من خلال تبنّي نمط حياة متكامل يُراعي التوازن بين التغذية السليمة، والنشاط البدني المنتظم، والصحة النفسية المستقرة. إنّ إشراف مختص في التغذية أو طبيب مختص يُعدّ أمرًا ضروريًا لتفادي العشوائية التي قد تؤدي إلى اضطرابات في عمل الأجهزة الحيوية، مثل القلب والكلى والجهاز العصبي، أو تؤثر سلبًا في الهرمونات والمناعة. من هنا، يبقى الحل الأمثل لتحقيق خسارة وزن مستدامة وآمنة هو تبني عادات يومية صحية تُبقي الجسم في حالة نشاط وحيوية، بعيدًا عن المخاطر الخفية للأنظمة السريعة والمؤقتة.

الأكثر قراءة

هل تستطيع "إسرائيل" شن الحرب على لبنان؟