اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في الرابع من آب، بيروت لم تنم. المدينة التي اعتادت على الألم، انكسرت. لم يكن مجرد انفجار، بل لحظة خرج فيها الزمن عن مساره، وتحوّلت فيها بيروت إلى رماد وصراخ. دويّ الموت سُمع في القلوب قبل الآذان...

زمن لا يقاس بالدقائق، بل بالدموع والحسرة... في هذا اليوم، اختنق صوت بيروت تحت الركام، وتبعثرت ذاكرة العاصمة بين الغبار والزجاج المكسور. كان الانفجار أكثر من مجرّد كارثة... كان زلزالًا في قلب وطن يتنفس بالأمل، ويختنق بالخذلان. في تل الليلة، تبدّلت الوجوه، تجمّدت العيون، وسقطت الكلمات...

في هذا اليوم، منذ خمس سنوات، اهتزت المدينة. لم يكن زلزالًا طبيعيًا، بل كان زلزالًا بشريًا، صنعه الإهمال والفساد، وترك وراءه دمارًا هائلًا، وأهم من ذلك، قلوبًا محطمة منها رائحة الذكرى في هواء بيروت، تحمل معها ألمًا لا يزول وصوتًا لا يهدأ.

٤ آب ليس تاريخًا يُمرّ عليه، بل نداء دائم ألا ننسى، ألا نسكت، وألا نغفر بسهولة. ففي كل زاوية مدمّرة، شهيد ينتظر الحقيقة، وأمّ تنتظر محاسبة، ومدينة تنتظر من يعيد إليها كرامتها التي سقطت يوم سقط المرفأ.

تمرّ السنوات، لكن الجرح لا يندمل. الحزن لا يتقادم، والمحاسبة لا تزال غائبة. في ذكرى ٤ آب، نقف أمام مرآة الذاكرة، ونقرأ على جدران بيروت أسماء من رحلوا، ونسمع في صمتها نداء: "لا تنسوا... لا تسكتوا... لا تساوموا". إنه وعد لمدينة تستحق الحياة، وعد لشهداء يستحقون الحقيقة، ولو بعد حين.

ويا بيروت، يا مدينة لا تموت، ستبقين منارة للصمود والأمل، وستظل هذه الذكرى شاهدة على قوتك، وعلى قدرة شعبك على النهوض من تحت الرماد. ستبقين صوتًا مدويًا يطالب بالعدالة، وبالحقيقة، وبأن لا يتكرر هذا الألم مرة أخرى.

فالانفجار لم يخلّف فقط شهداء ودمارًا، بل فجوة عميقة في ثقة الناس بوطنهم، بسلطتهم، بعدالتهم. 

الأكثر قراءة

لقاء سري يعيد الحرارة بين «بعبدا» و«حزب الله» شرط اميركي جديد «لتمديد محدود» للطوارئ الدولية صيد ثمين لـ«الجيش»: تنسيق بين «عين الحلوة» وفصائل سورية