اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


ملف انفجار المرفأ او كما يسميه البعض ملف تفجير المرفأ، هو ملف جريمة العصر التي لا مثيل لها في تاريخ الدولة اللبنانية، لا بل في تاريخ الدول عدا عدة جرائم مماثلة حصلت منذ عشرات السنين في العالم ولا تتعدى اصابع اليد.

ملف انفجار المرفأ، هو ملف إنساني بامتياز. إذ لا يختلف إثنان على ان هذا الانفجار الذي طال الابنية والمؤسسات، طال ايضاً الانسان في لبنان. فقتل من قتل وجرح من جرح من ضحايا وجرحى، ولا نسميهم شهداء لانهم سكان آمنون لم يختاروا الشهادة، بل غدرت بهم ايادي الغدر.

وضع مجلس الوزراء يده على الملف. وتم تعيين محقق عدلي هو القاضي فادي الصوان. ثم القاضي طارق بيطار. وحتى اليوم لم يصدر القرار الاتهامي عن المحقق العدلي. فما هو سبب عدم صدوره بعد مرور خمس سنوات على الجريمة؟.

من يواكب المواقف على الارض والمواقف الاعلامية، والمقاربات يصل الى ما كنا قد حذرنا منه منذ الاسبوع الاول للجريمة. يومها، وبعد خروجي من المستشفى بعد إجراء العملية الجراحية على اثر اصابتي في يدي ورأسي واصابعي، حذرت في مقالة بعدم التلهي بأمور جانبية، خصوصاً وانه قد يكون من مصلحة البعض توجيه التحقيق الى امكنة اخرى، تمهيداً للكلام عن التسييس وعن الطائفية وعن الانتقامات. كما والتلهي بالمظاهرات واحياناً بقطع الطرقات وغيرها.

وبالتالي:

ـ هل سبب التأخير هو عدم تعاون الدول في تقديم المعلومات، خصوصاً وان بعضها قال بأن الاقمار الاصطناعية كانت مطفأة. والبعض الآخر انها كانت فوق قبرص؟.

ـ أم بعدم مساعدة الدول للبنان، وعدم إرسال خبراء دوليين قادرين على الغوص في ادق التفاصيل، لما يتمتعون به من خبرة واسعة في هذه المجالات، بالاضافة الى التقنيات الحديثة التي يمتلكونها من اجهزة والات ومعدات. وهو الامر الذي يفتقد اليه لبنان في هذا المجال؟.

ـ أم بسبب إعطاء الذرائع للبعض لإطلاق حملاتهم الاعلامية حول التسييس والطائفية والانتقامات، خصوصاً لجهة تصريحات بعض السياسيين بأن هذه الجهة او تلك هي التي فجرت المرفأ، فتقابلها جهة اخرى لتدعي بأنها مستهدفة، واكبر دليل هو تصريحات بعض السياسيين في هذا المجال. علماً بأننا حذرنا عشرات المرات من مثل هذه التصرفات التي لا تخدم الملف. وتشكل ذريعة لدى البعض بأنه مستهدف للانتقام منه.

كل ذلك والمحقق العدلي المعروف بآدميته وباستقامته يتقيد بموجب التحفظ ولا يعطي التصاريح او يعطي المعلومات.

ـ أما رأينا في الموضوع، وبكل تجرد ومحبة وموضوعية فهو اننا كنا نتمنى على المحقق العدلي اتباع استراتيجية مختلفة، خصوصاً وان الهدف هو إصدار القرار الاتهامي الذي يفند الوقائع، ويظن بمن يظن بهم ويتهم من يتهم. إذ بدلاً من الاصرار على إصدار مذكرات توقيف بحق من لا يحضرون، اتباع الطريقة التي اتبعها مؤخراً عندما لم يحضر مدعي عام التمييز السابق القاضي المتقاعد غسان عويدات.

لماذا نؤيد هذه الاستراتيجية؟.

ـ من جهة حتى نسحب الذرائع ممن صدرت بحقهم مذكرات التوقيف، والذين تقدموا بعشرات طلبات النقل والرد والمخاصمة. وبعد بت قسم كبير منها لا يزال هناك اليوم 42 طلباً. طبعاً هم يعتقدون بأن من حقهم تقديم مثل هذه الطلبات لان القانون ينص عليها. وان كان لمكتب الادعاء في نقابة المحامين في بيروت رأي مغاير يتمحور حول اعتبار تقديم هذه الطلبات يشكل تعسفاً في استعمال الحق.

ورب قائل، وخصوصاً بعض الاعلاميين والمحللين لماذا لا يحضرون طالما انهم يعتبرون انفسهم ابرياء. والجواب بكل موضوعية، هو انهم يعتبرون ان الملف مسيس (مع ان رأيي الشخصي مختلف). ومن يكفل عدم صدور مذكرات توقيف وجاهية بحقهم. وبالتالي فضلوا تقديم طلبات نقل ورد ومخاصمة ضد المحقق العدلي بدلاً من الحضور مع إمكانية توقيفهم وجاهياً.

ـ وبالتالي. كنا نتمنى إجراء كافة التحقيقات حول من هم اصحاب النيترات، ولماذا تركت سنوات في المرفأ، ومن المسؤول عن بقائها وعدم اتلافها، وطبعاً كيف انفجرت هل من الجو او من البحر او من الارض. كما معرفة من هم المهملون، سواء من الذين اعطوا إفادتهم او من الذين رفضوا الحضور، وإصدار القرار الاتهامي والظن بهم بالجنح او اتهامهم بالجنايات، حسب المعطيات والتحقيقات والمعلومات المتوفرة في الملف، خصوصاً وان القرار الاتهامي يصدر بناء على الشبهة وعلى الشك وليس على اليقين الذي يجب ان تتوصل اليه محكمة الاساس، اي المجلس العدلي. والمؤسف ان البعض يسأل حول بروز وقائع جديدة او معطيات لم تكن متوفرة لدى المحقق العدلي، وذلك اثناء السير في المحاكمة، ولا يعلمون انه يمكن للنيابة العامة التدخل في مثل هذه الحالة وتدعي على من يظهر اسمه في المحاكمة على انه مرتكب لاي جرم من الجرائم المتعلقة بجريمة المرفأ.

وبالنتيجة. نتمنى على المحقق العدلي، الاسراع في إصدار القرار الاتهامي في اقرب وقت، ليضع المجلس العدلي يده على الملف، وإجراء المحاكمة تمهيداً لإصدار القرار الذي ينتظره اللبنانيون.

                                                         نقيب المحامين السابق في بيروت

الأكثر قراءة

خطة الجيش لحصر السلاح... جانب سياسي وآخر تقني ــ عسكري؟ القرار القضائي يهز الوسط المالي: بداية رحلة استعادة الودائع؟