اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تُعدّ القرحة من الحالات الصحية الشائعة التي تصيب الملايين حول العالم، وهي تقرّحات تظهر في بطانة المعدة أو الأمعاء الدقيقة أو المريء، وتُعرف علميا بقرحة المعدة أو القرحة الهضمية. ورغم أن البعض قد يتعامل مع القرحة على أنها حالة بسيطة يمكن تجاوزها ببعض المسكنات أو تغييرات غذائية طفيفة، فإن الإهمال في علاجها قد يؤدي إلى مضاعفات خطرة تهدد الحياة.

تتعدد الأسباب التي تقف خلف الإصابة بالقرحة، ويُعتبر أبرزها العدوى ببكتيريا Helicobacter pylori واستخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية لفترات طويلة، مثل الإيبوبروفين والأسبرين. كما تؤدي العادات الحياتية دورا مهما في تفاقم الحالة، كالتدخين والإفراط في تناول الكافيين والكحول، والإجهاد النفسي المزمن، وسوء النظام الغذائي. وتُعد هذه العوامل كبيئة محفّزة لحدوث التهابات في بطانة المعدة تؤدي إلى التقرّحات مع مرور الوقت.

تظهر أعراض القرحة بشكل تدريجي في أغلب الحالات، حيث يشكو المريض من آلام حارقة في الجزء العلوي من البطن، غالبا ما تزداد بعد تناول الطعام أو في ساعات الليل. وقد تترافق هذه الآلام مع الغثيان والقيء وانتفاخ البطن وفقدان الشهية وخسارة الوزن غير المبررة. وفي بعض الحالات المتقدمة، قد يلاحظ المريض وجود دم في القيء أو البراز، ما يستوجب التدخل الطبي الفوري.

تكمن خطورة القرحة في المضاعفات التي قد تنتج منها إذا لم تُعالج بالشكل المناسب. من أبرز هذه المضاعفات: النزيف الداخلي، وانثقاب جدار المعدة أو الأمعاء، وتضيّق القناة الهضمية نتيجة الالتهاب المزمن، ما يعيق مرور الطعام ويؤثر سلبا في عملية الهضم. كما تشير بعض الدراسات إلى وجود علاقة بين قرحة المعدة المزمنة، وزيادة خطر الإصابة بسرطان المعدة في حالات نادرة، خاصة إذا كانت ناجمة عن البكتيريا الحلزونية، ولم تُعالج بالشكل الصحيح.

هذا ويعتمد علاج القرحة بشكل أساسي على تحديد السبب المباشر، فإذا كانت ناتجة من عدوى بكتيرية، يتم اللجوء إلى مضادات حيوية خاصة للقضاء على البكتيريا. أما إذا كانت نتيجة الاستخدام الطويل للأدوية المضادة للالتهاب، فيتم التوقف عن تناولها أو استبدالها تحت إشراف طبي، مع وصف أدوية تقلل من إنتاج أحماض المعدة، مثل مثبطات مضخة البروتون أو مضادات مستقبلات H2. إلى جانب العلاج الدوائي، يُنصح بتعديل نمط الحياة، كالإقلاع عن التدخين، وتجنّب الأطعمة الحارة والدهنية، وممارسة الرياضة بانتظام، وتخفيف التوتر النفسي.

في النهاية، يجب التأكيد على أهمية التوعية الصحية، والكشف المبكر عن أعراض القرحة لتفادي تداعياتها. فالقرحة ليست مرضا بسيطا يمكن تجاهله، بل حالة تستوجب المتابعة الطبية الدقيقة، والتزام المريض بالعلاج والتعليمات الوقائية، لضمان الشفاء وتفادي الانتكاسات.

الأكثر قراءة

خطة الجيش لحصر السلاح... جانب سياسي وآخر تقني ــ عسكري؟ القرار القضائي يهز الوسط المالي: بداية رحلة استعادة الودائع؟