اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

سامر الحلبي


كل ما كان في الماضي القريب أو البعيد باعتباره مجرد لباس رياضي يوحد اللاعبين في فرقهم ومنتخباتهم من أجل التميز، تحول اليوم إلى صناعة تدر ملايين الدولارات حول العالم تجمع بين الاقتصاد والثقافة وفي كثير من الأحيان العاطفة الانسانية.

لقد أصبحت القمصان الرياضية رمزا للهوية والانتماء، ووسيلة استثمارية مربحة للأندية والشركات معا وحتى الأفراد.

في بدايات الرياضة الحديثة، وخصوصا في الألعاب الجماعية الأكثر شعبية على وجه الأرض مثل كرة القدم وكرة السلة وكرة اليد كانت القمصان تصمم لأغراض عملية بحتة. ومع تطور الإعلام الرياضي بسرعة حول العالم، تحوّل القميص إلى لوحة دعائية تحمل شعارات الرعاة بعدما كانت غالبية الفرق تكتفي بشريك واحد تنشر له شعاره على مدار العام.

أما اليوم، فإن بعض قمصان الأندية تُباع بأسعار تفوق قيمتها المادية بعشرات المرات، بفضل الندرة أو القيمة التاريخية.

حكايات الأساطير

لم يكن القميص الأزرق الذي يحمل الرقم 10 مجرد زي للمنتخب الأرجنتين في مونديال المكسيك 1986، بل قطعة نادرة من التاريخ.

في مباراة الأرجنتين ضد إنكلترا، سجل النجم الملهم والأسطوري دييغو مارادونا هدفين أحدهما بيده الشهيرة، والآخر الذي وصفه النقاد بـ"هدف القرن" بعدما غربل أكثر من نصف لاعبي الخصم من قبل منتصف الملعب.

بقي قميص مارادونا (الصورة) مع لاعب إنكليزي لسنوات طويلة قبل أن يُطرح في المزاد العلني ويحقق رقما قياسيا حين بيع في مزاد "سوذبير" عام 2022 بمبلغ 9.3 ملايين دولار.

إن القمصان التي ارتداها الأميركي مايكل جوردان في موسمه الأخير مع شيكاغو بولز في الدوري الأميركي للمحترفين لكرة السلة ارتبطت بواحدة من أكثر القصص الملحمية في تاريخ اللعبة. فكل خيط في هذا القميص يشهد على عزيمته ومهاراته في قيادة الفريق للفوز السادس بالبطولة وقد تم بيعه بمبلغ محلي خيالي وهو 10.1 ملايين دولار اميركي.

أما قميص النجم ليونيل ميسي الذي خاض به مباراة الدور نصف النهائي ضد كرواتيا في مونديال قطر 2022 فقد بيع بنحو 7 ملايين دولار، فعندما دخل ميسي المباراة كان يعرف أن هذه قد تكون آخر فرصة له لرفع الكأس بعد الفوز، وهنا أصبح القميص رمزا لأمل أمة بأكملها.

القمصان مصدر دخل للأندية

تشكل المبيعات مصدر دخل لا غنى عنه بالنسبة للأندية العالمية وهناك مبيعات مباشرة، فالأندية الكبرى مثل ريال مدريد ومانشستر يونايتد وبرشلونة ويوفنتوس تبيع ملايين القمصان سنويا.

إن بيع القمصان يحقق أرباحا ضخمة، خاصة عند تقديم تصميمات جديدة كل موسم ينتظرها العشاق حول العالم كله وخصوصا في الأسواق الكبيرة ومنها دول آسيوية كالصين والهند واليابان لأنها تمتلك كثافة بشرية عالية.

أيضا لدينا صفقات الرعاية فالشركات العالمية مثل "اديداس ونايكي" تدفع مئات الملايين لتصميم القمصان وبيعها.كما ان عقود الرعاية أصبحت جزءًا أساسيا لا يمكن فصله أو اهماله من ميزانية الأندية العالمية على وجه التحديد.

إن بعض القمصان النادرة أو المرتبطة بإنجازات كبرى تُباع في المزادات بمبالغ خيالية. وإن المستثمرين في عالم المقتنيات الرياضية يشترون القمصان بهدف إعادة بيعها بأسعار أعلى مستقبلا.

ولدينا البعد الثقافي والعاطفي فالقميص ليس مجرد قماش، بل هو ذاكرة جماعية لجماهير النادي أو المنتخب.

وأحيانًا يصبح رمزا لمقاومة أو حدث سياسي أو تضامني عند ارتداء اللاعبين قمصان بشعارات دعم قضايا إنسانية او لإيصال رسالة معينة.

وهناك تحديات السوق فحذار من انتشار القمصان المقلدة وهذا يقلل من أرباح الأندية. كما ان ارتفاع الأسعار قد يخلق فجوة بين الجماهير حول العالم وخصوصا في الدول النامية والأندية.

في الختام إن القمصان الرياضية أثبتت أنها أكثر من مجرد ملابس لممارسة الرياضة والدخول في المباريات بل هي استثمار اقتصادي، ورمز ثقافي، وجسر بين الماضي والحاضر ففي عالم الرياضة، قطعة القماش هذه قادرة على تحريك المشاعر وتحقيق الملايين في الوقت نفسه فهل كل ماذ كر هو أقرب للواقع.. نعم والتجربة خير برهان كما يقولون. 

الأكثر قراءة

خطة الجيش لحصر السلاح... جانب سياسي وآخر تقني ــ عسكري؟ القرار القضائي يهز الوسط المالي: بداية رحلة استعادة الودائع؟