اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


جلست معه تحت ضوء خافت، يشبه تلك الأنوار التي تُلقي على الأرواح ظلاً باهتاً من تأملات قديمة.

دوستويفسكي كان يحدّق في فنجانه كما لو أنه يقرأ اعترافات العالم في بقايا القهوة.

قال لي:

"أتعلمين؟ نحن لا نعذَّب فقط بما ارتكبناه، بل بما تجاهلناه، بما ترددنا في أن نحياه... الندم لا يفرّق، هو فقط يحصي".

أجبته:

"لكن الندم على ما لم نفعل... أشد قسوة، لأنه لا ملامح له. لا مشهد نعتذر عنه، فقط خيال لما كان يمكن أن يكون".

ابتسم بنصف حزن، ثم همس:

"والمأساة أن اللحظات لا تنتظرنا... تمضي، وتهجرنا كأحبة لم يعرفوا مقدار محبتنا الا بعد الرحيل".

صمتنا طويلاً.

فكرت في كل الطرق التي لم أمشها، في الرسائل التي لم أكتبها، في الصمت الذي تركته مكان الكلام...

وفي كل المرات التي فعلت بها شيئاً، ظننت أني أنقذ العالم، فاذا بي أرهق نفسي.

قلت له:

"يا فيودور... نحن نولد بقلوب تحاول أن تفهم، لا أن تُدان. ولكن الحياة تُربينا بالندم، كأنه معلمها الأول".

ردّ بنظرة غائرة:

"وما أجمل الذين يندمون... لأنهم امتلكوا شجاعة الشعور". 

الأكثر قراءة

خطة الجيش لحصر السلاح... جانب سياسي وآخر تقني ــ عسكري؟ القرار القضائي يهز الوسط المالي: بداية رحلة استعادة الودائع؟