اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُعد توتر المعدة من المشكلات الشائعة التي قد تصيب الإنسان في مختلف مراحل حياته، ويظهر عادةً على هيئة إحساس بعدم الراحة أو انقباض في منطقة البطن، وقد يصاحبه شعور بالحرقة أو الغثيان أو الانتفاخ. ويُعزى هذا التوتر إلى تفاعل معقد بين الجهاز الهضمي والجهاز العصبي، حيث إن المعدة ليست مجرد عضو هضمي، بل ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالعواطف والمشاعر من خلال ما يُعرف بـ"المحور الدماغي-المعوي". ولهذا السبب، فإن التوتر النفسي أو القلق قد ينعكس مباشرةً على وظائف المعدة، مسببًا تغيرات في حركتها وإفرازاتها.

من أبرز أسباب توتر المعدة العوامل النفسية مثل القلق المستمر، الضغط العصبي، أو التعرض لمواقف حياتية مرهقة. كما تلعب العادات الغذائية دورًا مهمًا في هذه المشكلة، إذ يمكن لتناول الأطعمة الدسمة أو الحارة، أو الإفراط في شرب الكافيين والمشروبات الغازية، أن يهيج جدار المعدة ويزيد من حساسيتها. إضافةً إلى ذلك، قد تساهم بعض الحالات المرضية مثل ارتجاع المريء، قرحة المعدة، أو متلازمة القولون العصبي في زيادة احتمالية حدوث التوتر في المعدة أو تفاقمه.

للوقاية من توتر المعدة، يُنصح باتباع أسلوب حياة صحي يجمع بين التغذية المتوازنة وإدارة التوتر النفسي بشكل فعّال. ويشمل ذلك تناول وجبات صغيرة ومتعددة بدلاً من الاعتماد على وجبات كبيرة وثقيلة، مع الحرص على مضغ الطعام ببطء وبشكل جيد لتسهيل عملية الهضم وتقليل الضغط على المعدة. كما يُستحسن الحد من الأطعمة المهيجة مثل الأطعمة الدسمة، الحارة، والمقلية، والحد من الكافيين والمشروبات الغازية، مع التركيز على تناول الخضروات والفواكه الغنية بالألياف التي تحافظ على حركة الأمعاء الطبيعية وتعزز الشعور بالراحة.

وعلى الجانب النفسي، يُعد تخصيص وقت للراحة والاسترخاء يوميًا أحد أهم الإجراءات الوقائية. تساعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، مثل المشي، السباحة أو تمارين اليوغا، على تقليل مستويات التوتر وتحفيز إفراز هرمونات السعادة التي تؤثر إيجابًا على صحة المعدة. كما يمكن الانخراط في تقنيات الاسترخاء مثل التأمل، التنفس العميق، أو تمارين الاسترخاء العضلي التدريجي، والتي تعمل على تهدئة الجهاز العصبي وتقليل التقلصات العضلية في جدار المعدة الناتجة عن التوتر النفسي.

أما بالنسبة للشعور بنبض في المعدة، فهو عرض قد يثير القلق لدى بعض الأشخاص، لكنه في معظم الحالات طبيعي وغير مقلق. ففي الأشخاص النحيفين، قد يكون هذا النبض مجرد انعكاس طبيعي لنبض الشريان الأورطي البطني الذي يمر بالقرب من المعدة، ولا يشير إلى أي مشكلة صحية خطيرة. ومع ذلك، يجب الانتباه إلى هذا العرض إذا كان النبض قويًا أو مستمرًا أو مصحوبًا بألم أو أعراض أخرى مثل الدوخة أو تغيرات في ضغط الدم، فقد يشير حينها إلى حالات طبية تستدعي المتابعة، مثل تمدد الشريان الأورطي البطني. كما يمكن لبعض مشكلات الجهاز الهضمي، مثل تراكم الغازات أو التشنجات العضلية في جدار المعدة، أن تسبب إحساسًا مشابهًا للنبض، مما يوضح أهمية مراقبة الأعراض ومعرفة الأسباب المحتملة لكل حالة.

في النهاية، يتطلب التعامل مع توتر المعدة مزيجًا من الوعي بالأسباب وتبني استراتيجيات وقائية وعلاجية مناسبة. ففهم العلاقة الوثيقة بين الحالة النفسية والجهاز الهضمي، مع الانتباه إلى نمط الحياة والعادات الغذائية، يساعد بشكل كبير في الحفاظ على صحة المعدة وتجنب المضاعفات. أما عند استمرار الأعراض أو ظهور النبض في المعدة بشكل غير معتاد، فمن الضروري مراجعة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة واستبعاد أي مشكلات صحية خطيرة.

الأكثر قراءة

خطة الجيش لحصر السلاح... جانب سياسي وآخر تقني ــ عسكري؟ القرار القضائي يهز الوسط المالي: بداية رحلة استعادة الودائع؟