اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


انتشرت ظاهرة تجنيس الرياضيين حول العالم وهي ليست حكرا على الدول الأوروبية المتقدمة، بل أصبحت ظاهرة في الوطن العربي وخصوصا دول الخليج الغنية ومنها قطر والامارات والبحرين لتعويض النقص في غالبية الرياضات وخصوصا الفردية، إذ أن شباب هذه البلدان لا يهتمون بممارسة الرياضة بشكل كاف والاقبال على الرياضات الفردية تحديدا.

قد تلجأ بعض الدول إلى استقطاب أبطال من بلدان أخرى عبر منحهم جنسيتها لتمثيلها في المحافل الدولية الكبيرة لانتزاع الميداليات وهذا ما يحصل في الألعاب الأولمبية والاسياد على وجه التحديد. وآخر الأمثلة المدوية كان انتقال بطلة الرماية اللبنانية راي باسيل إلى تمثيل دولة قطر، ما أثار جدلا كبيرا بين من اعتبره خيانة للوطن الأم، ومن رأى فيه حقا مشروعا للرياضي في تحسين ظروفه وتحقيق طموحاته خصوصا أن الرياضة في لبنان لا جدوى منها ولا أهمية لها، وأن الدولة اللبنانية لا تعير اهتماما للرياضيين المبدعين وهذا أمر واقع وملموس خصوصا في السنوات الأخيرة التي بات فيها هم اللبناني تأمين لقمة العيش.

فكم من نجوم سابقين هجروا الرياضة بسبب تقاعس الدولة أو اللجنة الأولمبية عن دعمهم، أو انهم غابوا قصرا لأنهم شعروا بالغبن والخذلان وتحطمت نفسياتهم بسبب الوعود الكاذبة والآمال المعلقة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تألقت لاعبة ألعاب القوى في رمي الرمح سعود الحارس في الدورة العربية التي أقيمت في بيروت عام 1997 وانتزعت أكثر من ميدالية ولكنها اختفت فجأة عن الساحة بسبب الفقر الذي تعيشه، وهي بحاجة لرعاية واهتمام ومعسكرات خارجية واحتكاك دائم ولا تملك المال الكافي لكل هذه الأمور، وبغياب الدعم من اتحاد ألعاب القوى واللجنة الأولمبية أصبح مصيرها النسيان، وتخلت الحارس عن رياضتها المفضلة وابتعدت حتى صارت من الماضي بين ليلة وضحاها.

هذا مثال صغير، وهناك العديد والعديد من الأبطال الذين غادروا من وراء الستار لأن المسؤولين عن الرياضة غير قادرين على دعمهم، أما الرامية راي باسيل ولأنها من عائلة ميسورة كانت في غالبية الأوقات تصرف على متطلبات الرماية من مالها الخاص مع دعم محدود من اتحاد الرماية أو اللجنة الأولمبية، ولولا دعم والدها لما استطاعت ان تستمر وتثبت على قدميها كما يقولون، وتسطر نتائج مشرفة للبنان في المحافل الدولية.

وفي حديث مقتضب ومختصر جدا لـ"الديار" من مكان تواجدها في الدوحة قالت باسيل أنها لا تريد أن تخوض في قضية انتقالها لتمثيل قطر، ولكنها اكتفت بالقول أن الأمور كانت سهلة وغير معقدة وتم ابرام بروتوكول بين اللجنة الاولمبية اللبنانية ونظيرتها القطرية لتسهيل سفرها وتمثيل "عنابي" الرماية في الفترة المقبلة وتنتظرها المشاركة الأولى قريبا في بطولة آسيا في كازاخستان.

وإذا ما اردنا تقصي هذه الواقعة فهي ليست جديدة على قطر وهي التي تستقطب المواهب في عدة رياضات لأن عدد سكانها قليل نسبيا لا يتجاوز المليون نسمة، وبالتالي فهي تحمل نظرة ايجابية من نواح عدة، منها إبراز لاعبين مغمورين أو غير مغمورين في دولهم على الساحات الدولية والعودة بالنفع المادي على هؤلاء الرياضيين.

وما قامت به باسيل خطوة جيدة قد تفتح المجال أمام لاعبين ورياضيين لبنانيين للتألق تحت راية دولة عربية أخرى كما هو الحال بالنسبة لكل خريج جامعي أو موظف يسعى للعمل في دول الخليج لعدة سنوات حتى يؤمن مستقبله خصوصا في ظل انعدام الحياة الكريمة في لبنان منذ عدة سنوات خلت.

لماذا التجنيس؟

ولكن لماذا تلجأ الدول إلى التجنيس؟.. لأنها بكل بساطة تريد تحقيق إنجازات سريعة فبعض الدول، خصوصًا الخليجية، تستثمر في أبطال جاهزين لرفع اسمها في الأولمبياد والبطولات.

وعندما يكون لديها نقص في المواهب المحلية أي حين تعجز البنية التحتية عن تكوين أبطال محليين، يصبح التجنيس حلا ملزما، وثالثا من أجل "القوة الناعمة" فالرياضة أداة لإبراز صورة الدولة على الصعيد الدولي، إذا هي استثمار مدروس وناجح في مجال الرياضة.

ولعل قطر هي الرائدة في هذا المجال على صعيد الألعاب الفردية والجماعية خصوصا في كرة السلة وكرة القدم وكرة اليد ولكل لعبة مجنسين محددين، على سبيل المثال في ألعاب القوى يتم التركيز على الأفارقة وخصوصا من كينيا أو اثيوبيا أو الصومال لأن هذه الدول متميزة في هذه الرياضة، أما على صعيد كرة اليد فغالبية اللاعبين من دول البلقان وهكذا دواليك.

كما إن البحرين هذه الجزيرة الصغيرة حققت ميداليات أولمبية عبر عدائين أفارقة مجنَّسين وتصدرت الخارطة العالمية لألعاب القوى.

في الختام هناك المؤيدون الذين يعتبرون أن التجنيس مشروع ويعزز مكانة الدولة على الساحة العالمية ويرفع من قدرها بين دول العالم برمته. كما لدينا المعارضون الذين يرون أنه يضرب الهوية الوطنية في العمق ويمنع تطور المواهب المحلية، ويبقى الجدل سائدا بين مؤيد ومعارض ولكن الأهم هو أن يقتنع الرياضي بهذه الفكرة ويسعى لتأمين حياة كريمة له ولأفراد أسرته ويشعر بانه يستمتع بممارسة الرياضة في المحافل الدولية بعيدا عن مسألة التخوين للوطن وعدم الولاء للراية الأم لان الرياضة في نهاية المطاف هي اشبه بأمة كاملة متكاملة تجمع الشباب والفتيات تحت راية "الروح الرياضية".  

الأكثر قراءة

لقاء سري يعيد الحرارة بين «بعبدا» و«حزب الله» شرط اميركي جديد «لتمديد محدود» للطوارئ الدولية صيد ثمين لـ«الجيش»: تنسيق بين «عين الحلوة» وفصائل سورية