اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُعدّ المريء جزءًا أساسيًا من الجهاز الهضمي، إذ يقوم بنقل الطعام والسوائل من الفم إلى المعدة من خلال عملية البلع المنظمة. غير أنّ صحة المريء قد تتعرض لمجموعة من العوامل الضارة التي تؤدي إلى تدهوره بمرور الوقت، مما ينعكس على أداء الجهاز الهضمي ككل ويُسبب مضاعفات صحية قد تكون خطيرة إذا لم تُعالج بالشكل المناسب.

هناك العديد من الممارسات والعادات التي تؤثر سلبًا على المريء. يُعتبر الارتجاع المعدي المريئي من أبرز هذه العوامل، حيث يؤدي تدفق أحماض المعدة بشكل متكرر إلى تهيج بطانة المريء وإضعافها مع مرور الوقت. كما يُسهم التدخين في زيادة حدة التهابات المريء عبر إضعاف العضلة السفلية العاصرة التي تمنع ارتجاع الأحماض. أما الإفراط في تناول الكحول والكافيين والأطعمة الدسمة أو الحارة، فيزيد من فرص حدوث التهابات وارتجاع متكرر. إضافة إلى ذلك، تلعب السمنة وقلة النشاط البدني دورًا مباشرًا في زيادة الضغط على المعدة وبالتالي ارتفاع احتمالية ارتجاع الأحماض إلى المريء.

عندما يتعرض المريء لهذه العوامل بشكل مستمر، تظهر عدة أضرار مباشرة. فقد تتشكل التهابات مزمنة في بطانة المريء تؤدي إلى تقرحات مؤلمة وصعوبة في البلع. كما قد يتطور الأمر إلى حدوث تضيّق في المريء نتيجة التئام الأنسجة بشكل غير طبيعي، مما يعيق مرور الطعام. وفي الحالات الأكثر خطورة، قد يحدث ما يُعرف بـ مريء باريت، وهي حالة تتحول فيها خلايا بطانة المريء إلى خلايا غير طبيعية، ما يزيد من احتمالية الإصابة بسرطان المريء على المدى الطويل. هذه التداعيات تجعل من تدهور صحة المريء مشكلة صحية قد تهدد حياة المريض إذا لم تتم معالجتها مبكرًا.

هذا وتختلف الأعراض باختلاف طبيعة المشكلة ومدى تدهورها، إلا أن هناك علامات شائعة يُمكن أن تنبّه المريض. يُعتبر حرقة المعدة المتكررة من أبرز هذه الأعراض، حيث يشعر الشخص بإحساس حارق خلف عظمة الصدر بعد تناول الطعام أو عند الاستلقاء. كما قد يعاني المريض من صعوبة في البلع أو الشعور بوجود كتلة في الحلق، إضافة إلى السعال المزمن وبحة الصوت نتيجة وصول الأحماض إلى الحنجرة. وقد يواجه بعض المرضى فقدانًا في الوزن غير مبرر بسبب صعوبة الأكل المستمرة. وفي الحالات المتقدمة، قد يظهر نزيف داخلي يُكتشف غالبًا من خلال القيء الدموي أو البراز الأسود.

إن صحة المريء ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالعادات اليومية ونمط الحياة الذي يتبعه الإنسان، إذ يُعتبر المريء من الأعضاء الحساسة التي تتأثر بسرعة بعوامل التغذية والسلوكيات الصحية. وأي إهمال في التعامل مع الأعراض البسيطة في بدايتها، مثل الحرقة أو صعوبة البلع، قد يتحول مع مرور الوقت إلى مضاعفات بالغة الخطورة تصل إلى التقرحات أو حتى التحولات السرطانية. ومن هنا تبرز أهمية الوعي المبكر ومراقبة أي تغيّرات مستمرة في الجهاز الهضمي وعدم الاستخفاف بها.

لذلك، يُعدّ الابتعاد عن العادات الضارة مثل التدخين الذي يضعف عضلة المريء السفلية، والحد من السمنة التي تزيد من ضغط المعدة على المريء، وكذلك تجنّب الإفراط في تناول الأطعمة الدسمة والحارة، خطوات أساسية لحماية المريء من التدهور. كما أن الانتباه إلى الأعراض المتكررة كحرقة المعدة المزمنة أو الارتجاع المستمر يُعدّ مؤشرًا يستوجب مراجعة الطبيب وعدم تأجيل الفحص.

إلى ذلك، إنّ التشخيص المبكر عبر الفحوصات الطبية، مثل المنظار أو اختبارات الحموضة، يوفّر فرصة كبيرة لعلاج المشكلات قبل أن تتطور إلى حالات خطيرة. وبذلك لا يقتصر الأمر على حماية المريء فقط، بل يشمل الحفاظ على توازن وصحة الجهاز الهضمي بأكمله، والوقاية من أمراض قد تُهدد حياة الإنسان وتؤثر على جودة معيشته. فالوعي، والوقاية، والتدخل العلاجي في الوقت المناسب هي الركائز الأساسية لصحة المريء وسلامة الجهاز الهضمي.

الأكثر قراءة

«إسرائيل» تفرض واقعها جنوب لبنان... لا تعهدات ولا ديبلوماسية توقفها قلق من مرافقة السناتور غراهام المتشدد «اسرائيليا» لبرّاك واورتاغوس الى بيروت