شهدت هذه المنطقة أولى المحاولات الإسرائيلية لاجتياح لبنان وفيها جرب جيش العدو القنابل الفوسفورية المحرمة دولياً لأول مرة.كانت هذه المنطقة في طليعة المقاومين بحكم موقعها على خاصرة الوطن متجاورةً مع سوريا وفلسطين. عام 1969 وقعت الدولة اللبنانية على إتفاق القاهرة الذي كان للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر دور كبير في الضغط لسريانه. هذا الإتفاق سمح لمنظمة التحرير الفلسطينية، الفدائيين، الأحزاب اليسارية، وأهالي المنطقة الراغبين بالقيام بعمليات عسكرية على شمالي فلسطين المحتلة وبالتالي شرعنة المقاومة من كافة الفصائل.على إثر هذه الاتفاقية سميت العرقوب بفتح لاند لاحقاً، حيث فتح أهلها منازلهم للفدائيين وأرسلوا اولادهم معهم.بعد ذلك إضطروا للنزوح من الجنوب بعد إشتداد المعارك، ثم عادوا إلى منازلهم في الجنوب هرباً من الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 .
عانت العرقوب بعد ذلك من الاحتلال الاسرائيلي وغياب الدولة والجيش اللبناني، وبعد التحرير عام 2000 بقيت تلال كفرشوبا ومزارع شبعا محتلة حتى يومنا هذا. فماذا فعلت الدولة تقديراً لجهود العرقوب وأهله المقاومين، النازحين، المهجرين، والمنسيين؟ زادت معاناتهم معاناة، وأمعنت في نسيانهم نسيان،حتى إضطراولادها إلى أن يقطنوا في مختلف المناطق اللبنانية بكثافة دفعت بالبلديات المختلفة إلى تسمية احيائهم بأسماء بلداتهم، كحي شبعا في صحراء الشويفات، حي شبعا في الرميلة، وحي كفرشوبا في الوردانية...
غياب شبه تام للخدمات والمرافق والمنطقة في دائرة معزولة تفتقر المنطقة إلى أبسط المرافق العامة والخدمات الأساسية الأمر الذي يجعل من قرى هذه المنطقة شبه خالية في الشتاء وما لا يرتقي إلى قرى اصطياف صيفاً. المدارس الرسمية في المنطقة قليلة جداً وهو ليس بأمر عادي خصوصاً في فصل الشتاء حيث يتعين على الطلاب سلوك طرقات خطرة بسبب الثلوج. الأمر الاسوأ من ذلك هو الغياب تام للجامعة الوطنية وأقرب جامعة خاصة توجد في مدينة النبطية والتي تبعد 45 كلم عن أبعد قرية لبنانية من قرى العرقوب، شبعا.
هذا تربوياً، أما صحياً وهنا الطامة الكبرى، فالأمر أخطر مما قد يتوقع أحدهم خصوصاً في ظل جائحة كورونا، حيث تخلو قرى العرقوب من المستشفيات الحكومية والخاصة (ما عدا مستشفى كان قد تم بناؤه بهبة اماراتية في شبعا ولم يتم افتتاحه حتى هذا اليوم بسبب المناكفات السياسية والأطماع الحزبية)وتم الاستعاضة عنها بمستوصفات بقدرات متواضعة جداً. أقرب مستشفى حكومي يوجد في مدينة حاصبيا ويبعد عن قرية الماري 14 كلم.
يعتمد أهل هذه القرى، القاطنون فيها صيفاً شتاءً، على الزراعة وتربية المواشي بشكل أساسي كمهن ورثوها عن أسلافهم، ويغيب قطاعي الصناعة والسياحة عن هذه المنطقة بشكل تام رغم وفرة المحاصيل والمياه (التي تقوم إسرائيل بسرقتها بشكل يومي) ورغم الجمال الأخاذ لهذا الركن من الوطن والذي مكّن العدو من إقامة أكبر وأهم منتجعات التزلج في مزارع شبعا المحتلة والتي تدر على إسرائيل أرباحا طائلة.
العرقوب حالياً يواجه الإحتلال الذي مازال قائماً في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا والاراضي المزروعة بالألغام من جهة، ومن جهة أخرى يواجه إهمال الدولة إزاء كل ما تم ذكره.
للوقوف على أحوال هذه المنطقة، قامت الديار بالإتصال برئيس بلدية كفرشوبا السيد قاسم القادري الذي كان لديه الكثير ليقوله في هذا الصدد عن إهمال الدولة وتقصيرها حيث وصف المنطقة بالمتروكة وليس فقط المحرومة، معتبرا أن معظم مناطق العرقوب، منذ قيام لبنان الكبير وحتى الأن، هي خارج السيطرة الأمنية والسياسية والانمائية للدولة اللبنانية وهو ما سوف نقرأه في الجزء الثاني من هذا التحقيق.
(يتبع)
يتم قراءة الآن
-
اسرائيل تخطط لضرب«الصواريخ الدقيقة» : حزب الله نجح في التحايل التكنولوجي «حج» سياسي الى المرجعيات الروحية «لملء الفراغ» الحكومي...«حركة بلا بركة» عون يبحث عن مخارج لالغاء «التكليف» ورهان بكركي على جذب انتباه الخارج !
-
تدويل لبنان أم أمركة لبنان؟
-
اسئلـة مطروحة من محور المقاومة للبطريرك الراعي ينتظر اجوبة عليها
-
«التيّار» للراعي : نحن الأضعف فعلام نُفاوض...وسيد بكركي : هذه ضمانة للمسيحيين !!