اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



ماذا بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي التأنيبية؟ كيف سيتصرف المسؤولون والسياسيون لتدارك الاسوأ، ليس على صعيد العقوبات التي شهر سيفها في وجههم فحسب، بل ايضا على صعيد التداعيات الخطيرة الناجمة عن الانهيار المستمر للوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد؟

جاء الوزير لودريان غاضبا وعاد غاضبا، وبقيت الازمة على حالها. فالاجواء التي سجلت في الـ24 ساعة الماضية لا تشير بامكانية حصول اي تطورات ايجابية في شأن الحكومة في ظل عدم حصول اي تغيير او تعديل في مواقف بعبدا وبيت الوسط.

وقال مصدر سياسي بارز لـ«الديار » امس ان الوضع الحكومي يبدو ميؤوس منه حتى اشعار اخر، وان المحاولات الرامية الى الخروج من الازمة القائمة ما زالت محاصرة بتعنّت عون والحريري.

ورغم هذه الاجواء الملبدة والخيبة السائدة علمت الديار من مصدر مطلع في كتلة التنمية والتحرير ان الرئيس بري، الذي لم يوقف تحركه ومسعاه، في صدد تفعيل وتعزيز هذا المسعى الاسبوع المقبل او بعد عيد الفطر. لكنه اضاف ان احراز التقدم المطلوب يعتمد على النوايا الصافية ومعالجة ازمة الثقة بين الرئيسين عون والحريري.

واضاف ان النقاط العالقة في الصيغة التي طرحها الرئيس بري من خلال مبادرته ليست صعبة ويمكن معالجتها اذا ما ابدى الطرفان المرونة اللازمة.

وقال ردا على سؤال ان الرئيس بري واضح وصريح وهو منفتح على الجميع وليس لديه عقدة مع احد، ويدرك الجميع انه لم ولن يألو جهدا من اجل تاليف الحكومة اليوم قبل الغد في اجواء التوافق وتوحيد المواقف والجهود لان المرحلة المقبلة تحتاج الى هذه الوحدة ولا تحتمل الخلافات والانقسامات والتشتت.

 ماذا حمل لودريان وكيف عاد؟ 

وفي شأن اجواء ونتائج زيارة لودريان قال

مصدر مطلع للديار امس ان ما طرحه الوزير الفرنسي في لقاءاته مع الرؤساء عون وبري والحريري عكس الرسالة التي اعلنها عشية وصوله الى بيروت، وانه حرص على ابداء انزعاج وغضب فرنسا من اداء المسؤولين والقوى السياسية الفاعلة تجاه تعهداتهم خصوصا لجهة تأليف الحكومة.

واشار المصدر الى انه تقصّد عدم التطرق الى موضوع الحكومة رغم ترقب الرؤساء الثلاثة التطرق الى هذا الموضوع. واكتفى بالتعبير عن غضب القيادة الفرنسية مستخدما عبارات تحذيرية واضحة وشديدة اللهجة في حديثه عن العقوبات المتدرجة التي ستبدأ بها فرنسا بحق المعطلين اعتبارا من الاسبوع المقبل بمنع سفرهم الى فرنسا، وتليها عقوبات اخرى اشد صرامة وتأثيرا تشمل ايضا سياسيين واقتصاديين وهيئات بتهم الفساد.

وكشف المصدر ان الوزير الفرنسي قال امام احد الرؤساء «المبادرة الفرنسية مستمرة وهي ما زالت على الطاولة، ولن نترك لبنان وسنبقى الى جانبه والى جانب الشعب اللبناني. نحن نعمل وسنعمل لمساعدة هذا الشعب الصديق، ولم يعد منذ الآن توجهنا نحو المسؤولين والسياسيين الفاعلين في لبنان بل سنواصل تقديم مساعدتنا ودعمنا عبر المجتمع المدني».

ولم يخف لودريان غضبه خلال الحديث عن خيبة امل فرنسا من تعامل واداء القوى السياسية خصوصا مع الاستحقاق الحكومي وقال «نفذوا تعهداتكم وشكلوا الحكومة، والا فستحصدون نتائج عملكم».

وقال الوزير الفرنسي ملمحا بان باريس تعرف من يتحمل المسؤولية ومن لا يتحملها، وتعرف ايضا من حاول العمل ومن لم يحاول، وتعرف ايضا من عطل ومن لم يعطل ومن تفرج ولم يشارك في تحمل المسؤولية.

وقال المصدر ان كلام لودريان هو مضبطة اتهام لكل المسؤولين والقوى السياسية الفاعلة وان بنسب متفاوتة.

وتكشف مصادر اخرى عن ان زيارة لودريان تقررت بناء لتوجيهات الرئيس ماكرون بعد ان لمس الفريق الفرنسي المكلف متابعة المبادرة وملف الحكومة انسداد الافاق في وجه التاليف بعد مرور 8 اشهر. وان الوزير الفرنسي جاء برسالة رئاسية صريحة مفادها «ان فرنسا لم تعد تريد متابعة او الانخراط في شأن موضوع الحكومة، وعليكم ان تقلّعوا شوككم بايديكم، وستعود وتواصل فرنسا تقديم المساعدات للبنان من خلال المجتمع المدني».

وفي شأن الاجراءات والعقوبات، تبدأ السلطات الفرنسية تطبيق حظر السفر الى فرنسا على سياسيين تعتقد انهم عطلوا ويعطلون تشكيل الحكومة بالاضافة الى شخصيات تدور حولهم شبهات حول الفساد.

ولم يكشف لودريان عن لائحة من يطالهم هذا الاجراء، لكنها تشمل مسؤولين واشخاص من اطراف سياسية متعددة، مع العلم ان الوزير الفرنسي عبر عن استياء باريس من الحريري لمواقفه وادائه مؤخرا بالاضافة الى النائب باسيل. كما علم ان مسؤولين في الطرفين ومسؤولين ايضا في بعبدا وبيت الوسط وبعض النواب والمستشارين تشملهم اللائحة المذكورة.

واضافت المعلومات ان فرنسا بدأت التحضير لاجراءات وعقوبات اخرى تتعلق بالفساد واشخاص وسياسيين واقتصاديين على لائحة الاتهام، وان هذه التحضيرات تترافق مع سعي فرنسا ان تتوسع الاجراءات العقابية لتشمل عقوبات جامعة من الاتحاد الاوروبي.

 مصير اعتذار الحريري

من جهة اخرى اكدت مصادر مطلعة ان الحديث عن اعتذار الحريري طوي، وقال احد اعضاء كتلته النيابية للديار امس: «ان كل شيء ممكن ومطروح بما في ذلك الاعتذار، لكن الرئيس الحريري يأخذ خياراته وفق الظروف والتطورات ومصلحة البلد قبل اي شيء آخر».

واضاف: «منذ اليوم الاول حدد الرئيس الحريري مواصفات الحكومة التي يريد ترؤسها التزاما وانسجاما مع المبادرة الفرنسية ومع المهمة التي ستلقى عليها، وهي الحكومة المشكلة من وزراء اختصاصيين غير حزبيين لا يوجد فيها ثلث معطل لاي طرف، حكومة تحقق الاصلاحات المطلوبة وتحظى بثقة الداخل والخارج».

وتابع: «ان الرئيس الحريري لم يتخذ قراراً بالاعتذار حتى الان لانه يعتقد انه من خلال تاليف مثل هذه الحكومة يخدم البلد. وعندما يشعر ان هذا الامر غير ممكن وان الاستمرار على هذا النحو سيؤدي الى مزيد من التدهور سيتخذ الخطوة المناسبة. واستطيع القول ان كل الخيارات متاحة ومطروحة عنده، لكنه حتى الان مصمم على تاليف الحكومة بالمواصفات المذكورة».

 التيار يرفض العقوبات 

وغداة مغادرة لودريان بيروت اصدرت الهيئة السياسية للتيار الوطني الحر بعد اجتماع برئاسة باسيل بيانا تمنت فيه ان تواصل فرنسا مسعاها من خلال المبادرة الفرنسية «الا ان الحديث عن فرض عقوبات على سياسيين لبنانيين بسبب مواقفهم السياسية هو امر يقوم به اللبنانيون الذين هم من يعطون المسؤولين عنهم الشرعية الشعبية في اتخاذ المواقف السياسية والدستورية او ينزعوها عنهم، فيما يامل التيار من فرنسا والاتحاد الاوروبي ملاحقة الفاسدين ومحولي الاموال العامة ومسيئي استعمالها ومبيضيها وذلك بحسب القوانين الدولية وقوانينهم المحلية».

ودعا التيار الرئيس الحريري الى «اعادة لبننة عملية تشكيل الحكومة باعتبارها استحقاقا لبنانيا صرفا بالدرجة الاولى». كما دعاه الى عدم اضاعة الوقت اكثر وتقديم تشكيلة حكومية متكاملة وفق المنهجية المعروفة والمعتمدة لكي تتمكن من الحصول على ثقة المجلس النيابي وثقة اللبنانيين.

 رد المستقبل 

ورد تيار المستقبل على الوطني الحر ، ودعاه الى «احترام المعايير الدستورية لتسهيل الولادة الحكومية بعيدا عن المعايير الباسيلية التي وضعت رئيسهم ورئيس الجمهورية في موقع الانقلاب على المبادرة الفرنسية وفي خانة المعطلين الذين يأخذون البلاد الى جهنم نتيجة حسابات شخصية».

 بروفة رفع الدعم والخلاف على البطاقة 

وفي ظل انسداد الآفاق امام تشكيل الحكومة تتسارع التطورات والتداعيات الخطيرة التي ستنجم عن رفع الدعم في غياب الاجراءات البديلة، والذي يبدو انه دخل في اليومين الماضيين مرحلة «البروفة» او ما يسمى برفع الدعم المقنّع.

ووفقا للمعلومات المتوافرة لـ«الديار» فان مشروع البطاقة التمويلية المرفق بترشيد الدعم ما يزالان في دائرة الخلافات والتجاذبات من دون بروز اية بشائر مشجعة، ما يعني ان البلاد ذاهبة في الاسابيع الثلاثة المقبلة الى مزيد من الانهيار والفوضى والفلتان ربما ستؤدي الى مضاعفات خطيرة في الشارع مجددا.

وتقول المعلومات ان الرئيس عون ما زال يدفع باتجاه عقد جلسة لمجلس الوزراء من اجل اقرار البطاقة التمويلية ووضع اسس وجدول ترشيد الدعم، وقد ابلغ ذلك لرئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب عن طريق المدير العام لرئاسة الجمهورية لكن دياب ما زال مصرا ومتمسكا برفض انعقاد مجلس الوزراء معتبرا ان في ذلك مخالفة دستورية لن يقدم عليها. ويسعى في الوقت نفسه الى اقرار البطاقة التمويلية بمرسوم استثنائي واحالته الى مجلس النواب، اضافة الى اقرار ترشيد الدعم وفق الية القرارات الحكومية العادية.

وتضيف المعلومات ان دياب حدد امام زواره امس رفع الدعم باقرار وتطبيق البطاقة التمويلية، مشيرا في الوقت نفسه الى ابقاء الدعم الجزئي والنسبي على الادوية والمحروقات بحيث يمكن تخفيض الدعم لهذه المادة الى النصف او الستين بالمئة، وابقاء الدعم للادوية التي تحتاج الى وصفة طبية. اما الطحين فيبقى مدعوما وفق الالية الحالية.

لكن كل هذه التأكيدات تبقى غير مطمئنة او ذي جدوى في ضوء المستجدات في الايام الاخيرة، لا سيما بعد توجيه مصرف لبنان كتبا لوزارة الاقتصاد ووزارات اخرى بوقف طلبات عقود الدعم الجديدة ريثما يصار الى درس او اعادة النظر في الموضوع ككل ووضع جدول او نظام جديد على ضوء درس الارقام والوضع المالي المتوفر.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الديار» ان ما نشهده منذ ايام قليلة هو بروفة لرفع الدعم او رفع مقنع للدعم بنسبة ملحوظة ان لم نقل كبيرة، مشيرة في الوقت نفسه الى لجوء التجار كالعادة الى التلاعب واخفاء المواد او بيعها بطرق ملتوية، ولافتة الى ان هذه البروفة تطاول اللحوم والدجاج والبيض ومواد غذائية اخرى كمشتقات الحليب الاجبان والالبان.

وعلمت «الديار» ايضا انه بعد قرار المجلس الدستوري بوقف تطبيق قانون سلفة المئتي مليون دولار للكهرباء من اجل تغطية شراء الفيول لشهرين او ثلاثة (مضى منها اكثر من شهر) يتوقع ان يبدأ تراجع نظام التغذية بالتيار بشكل متتالي وسريع اعتبارا من الاسبوع المقبل حيث سيتوقف انتاج مئتي ميغاوات في 13 الجاري ثم يتوقف معمل الزوق في 18 منه ويليه دير عمار في اول حزيران ثم الزهراني في منتصفه.

واضافت المعلومات ان مشاورات ناشطة ونقاشات تجري على غير صعيد لاستدراك عودة العتمة الشاملة، وان من بين الخيارات المطروحة سريعا شراء باخرتي فيول اويل وتأمين كلفتهما من خارج السلفة واحتياطي مصرف لبنان.

ونقل عن وزير المال قوله لوفد لجنة الطاقة النيابية مؤخرا ان الوزارة لا يوجد لديها المال لتأمين المبلغ، لكنه وعد بدرس امكانية تأمينه من الابواب او الموزنات المتعلقة بالكهرباء وهذا امر ليس مضمونا.

وذكرت المعلومات ايضا ان هناك استعجالا للمجلس الدستوري لكي يبادر الى حسم رأيه وقراره بالطعن في قانون السلفة خلال اسبوع او اسبوعين على الاكثر مع العلم ان المهلة المتاحة له هي شهر للبت بالطعن. ويؤمل ان لا يأخذ بالطعن ويرده وبالتالي يجري تنفيذ السلفة.

ومع وقف طلبات الدعم الجديدة سجل في الساعات الثماني والاربعين الماضية ارتفاع جنوني لاسعار الدجاج واللحوم، ومحاولات تلاعب كبيرة بالاسعار قبل رفع الدعم بحيث صار السوق في حالة فوضى كاملة دون اية رقابة او حساب.

كما شهدت الصيدليات اقبالا شديدا مع اقبال المواطنين والمرضى على شراء الادوية قبل ارتفاع اسعارها مع الحديث عن قرب رفع الدعم. ولوحظ ان الصيدليات ابلغت الزبائن ان عددا كبيرا من الادوية صار مفقودا بحجة الاقبال الشديد او عدم تزويدها من قبل تجار وشركات الادوية الا بكميات محدودة.

كذلك انسحب قرار وقف طلبات الدعم الجديدة على المواد والمعدات الطبية حيث حذرت نقابة مستوردي هذه المواد والمعدات من ارتفاع كبير باسعارها اذا اضطرت لاحتسابها على اساس سعر الدولار في السوق السوداء.

وفي الشأن المالي لوحظ خلال الثماني والاربعين ساعة الماضية عودة ارتفاع سعر الدولار بشكل مضطرد حيث لامس امس الـ13 الف ليرة.

ويأتي هذا الارتفاع عشية اطلاق المنصة الالكترونية لمصرف لبنان لتسعير الدولار في السوق وضبطه غدا الاثنين الذي قيل انها ستسعره بعشرة الاف ليرة. لكن الشكوك بدأت تتزايد حول موعد البدء بالمنصة بعد تأجيله اكثر من مرة وحول فعاليتها.

الأكثر قراءة

جبهة الجنوب تترقب «عض الأصابع» في الدوحة... وجيش الإحتلال في محنة سفراء «الخماسيّة» يُروّجون لمرونة وهميّة: تهيئة الأرضيّة لما بعد الحرب! «بضاعة» باسيل كاسدة مسيحياً... برودة في بكركي... وسلبيّة «قواتيّة» ــ «كتائبيّة»