اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لم يكن ينقص المشهد السياسي الداخلي المتوهّج والمنقسم على ذاته، سوى جدلية مدى دستورية انعقاد مجلس الوزراء بصفة تصريف الاعمال في ظل الشغور الرئاسي، بحيث ترسخ الانقسام العمودي سياسيا الى ما هو اخطر، مهددا بشرخ طائفي مسيحي –اسلامي، استمات الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لاسقاطه، مع فشل الثنائي الشيعي في تأمين الغطاء الكافي للحؤول دونه، بفعل تمترس التيار الوطني الحر في السرب المسيحي .

هكذا انعقدت الجلسة مع تأمين نصاب الثلثين شرط الثلثين، كما المشاركة المسيحية ولو بخجل، لمناقشة جدول اعمال «عصر ليلا»، تحت مظلة الهدف الاجتماعي – المعيشي، الا ان غولاتها كانت سياسية بامتياز وكذلك فاولاتها، اذ بدا واضحا من مسار الجلسة ونتيجتها، انها فتحت العين على مجموعة من العوامل ابرزها:

- وضع فريق العهد السابق في الزاوية، واجباره على الهجوم الى الامام بكل ثقله، مع دخول «جنرال الرابية» على الخط مباشرة، بعدما تحوّلت المعركة الى حياة او موت، خصوصا ان المسيحيين بغالبيتهم اتفقوا من تحت الطاولة على عدم جواز انعقاد الحكومة، وان كان لكل منهم حساباته واهدافه، من البياضة الى معراب مرورا ببكركي، التي اعتبرت ان الفرصة سانحة لاستعمال ورقة الحاجات الملحة للضغط في اتجاه انجاز الاستحقاق الرئاسي، وهو ما لم يحصل، وما اكد لبكركي صحة مخاوفها، مع نجاح رئيس حكومة تصريف الاعمال، الذي قدم تنازلاً شكلياً في جدول الاعمال، في تأمين مظلة سياسية شيعية –درزية- سنية له.

- موقف ممثل حزب الطاشناق الذي لا يمكن تجاهله قط، والذي قد يكون اتخذ من قاعدة «اجر بالبور اجر بالفلاحة»، الا انه لا يمكن ان يمر دون ان تكون له تداعياته الكبيرة على التحالف مع التيار الوطني، وعلى وحدة تكتل لبنان القوي، خصوصا ان العلاقة بين الطرفين «مهتزة» منذ الانتخابات النيابية الاخيرة.

- موقف حزب الله الذي صب لمصلحة رئيس حكومة تصريف الاعمال، بدعم من رئيس مجلس النواب، في اول مواجهة سياسية علنية بين الاصفر والبرتقالي، حيث يحكى عن ضغوط مورست بطريقة غير مباشرة على الوزراء لقلب النتيجة وتأمين النصاب، والتي تنقل اوساط ميرنا الشالوحي ان رئيس التيار الوطني الحر سيرد عليها خلال اليومين المقبلين، اذ من الواضح ان العلاقة بين الطرفين تتجه الى مزيد من التأزم، بعدما تخطت الامور مسألة التمايز الى ما هو ابعد، مع اتساع الشرخ في قضايا السياسة الداخلية، حيث ثمة «دويكا» ميقاتي- الثنائي اخطر من الترويكا تريد حكمنا، وفقا لمصادر الوطني الحر.

- محاولة ميقاتي التخفيف من النتائج السياسية للجلسة، والتي لا يمكن تجاهل انها شكلت ضربة كبيرة للتيار الوطني الحر، وحاول ترك «خط للرجعة»، واضعا ما حصل في اطار تسيير شؤون الناس وخدمة لبنان «لا اكثر ولا اقل»، تاركا الباب مفتوحا امام المعالجة للجلسات المقبلة متى وجب ذلك.

- اتهام اوساط سياسية للتيار الوطني الحر بممارسة الديماغوجية السياسية، من خلال اتفاق جرى من تحت الطاولة قضى بحضور الوزير هيكتور حجار في حال تأمن النصاب، على ان يشهد بعد الظهر لقاء وزاريا يضع آلية مستقبلية للعمل.

ولعل من ابرز تداعيات ما حصل في السياسة، تسريب مصادر عونية ان الاتفاق على سليمان فرنجية بات مستحيلا بعد الموقف الذي اتخذه الثنائي من الجلسة، وان التيار في صدد درس وتقييم تحالفاته لاتخاذ اللازم امام هذا التباين الكبير في الخيارات، فسلوك الحزب، بحسب المصادر العونية، يدل على انه يؤسّس لمرحلة شغور طويلة، ويدل ايضا على ان الحزب ليس في صدد ترك فرنجية .

بين عامي 2014 و2016، في زمن حكومة الرئيس السابق تمام سلام، المكتملة المواصفات الدستورية، وضعت آلية عمل لمجلس الوزراء، قامت على ضرورة توقيع جميع الوزراء على المراسيم والقرارات التي تتخذ، انطلاقا من مبدأ ان مجلس الوزراء في حال الشغور هو وكيل رئيس الجمهورية. فكيف سيتصرف ميقاتي لتمرير القرارات التي اتخذت في ظل غياب سبعة وزراء في حال اصروا على عدم التوقيع؟ وهل نشهد ولادة عرف جديد؟ ام يتلقف مجلس النواب الطابة ويكون له تفسيره ؟ ام يفجرها «صهر الرابية» ويكسر حلقة الورقة البيضاء؟ 

الأكثر قراءة

جبهة الجنوب تترقب «عض الأصابع» في الدوحة... وجيش الإحتلال في محنة سفراء «الخماسيّة» يُروّجون لمرونة وهميّة: تهيئة الأرضيّة لما بعد الحرب! «بضاعة» باسيل كاسدة مسيحياً... برودة في بكركي... وسلبيّة «قواتيّة» ــ «كتائبيّة»