اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

خفضت الصين بشكل غير متوقع سعر الفائدة الرئيسي، الثلاثاء، وأعلنت عن إعفاءات ضريبية للشركات، في وقت تتباطأ فيه وتيرة التعافي بعد جائحة كورونا في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتفقد قوتها.

وفيما خفض المركزي الصيني فائدة للإقراض قصير الأجل لأول مرة في 10 أشهر، في محاولة لاستعادة ثقة السوق ودعم التعافي المتعثر من وباء كورونا في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فإن ذلك التخفيض يشير إلى أن صانعي السياسة يشعرون بقلق متزايد إزاء قوة تعافي الصين بعد إلغاء قيود كورونا. كما تعكس تلك الخطوة "إمكانية اتخاذ إجراءات تحفيزية عاجلة لدعم النمو في الفترة المقبلة".

وبعد خفض سعر الفائدة ، أصدرت الحكومة أرقام نمو الائتمان لشهر أيار والتي قال المحللون إنها كانت أقل بكثير من التوقعات حيث أثر ضعف قطاع العقارات على ثقة المستهلك، طبقاً لتقرير نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، وأشار التقرير إلى أن:

الاقتصاد الصيني شهد انتعاشاً في الربع الأول بعد رفع الضوابط الصارمة المرتبطة بكورونا، لكنه بدأ يتعثر في الأسابيع الأخيرة مع تباطؤ نمو الصادرات، فيما كافح قطاعه العقارات للخروج من ركود طويل.

سعت الحكومة لمعالجة الوضع من خلال خفض سعر إعادة الشراء العكسي لمدة سبعة أيام عشر نقاط أساس إلى 1.90 بالمئة من 2.00 بالمئة، وضخ ملياري يوان (279.97 مليون دولار) من خلال أداة السندات قصيرة الأجل، وذلك من أجل "الحفاظ على سيولة كافية بشكل معقول في النظام المصرفي".

كان هذا أول تخفيض في 9 أشهر للمعدل، الذي يحدد تكلفة الإقراض لمدة سبعة أيام من قبل البنك المركزي.

يؤدي خفض سعر الفائدة إلى خفض تكلفة القروض قصيرة الأجل وتعزيز السيولة في النظام المالي الصيني.

ولا تزال الصين تخالف البنوك المركزية العالمية إذ أنها تتبع سياسات نقدية تيسيرية لدعم النمو بينما يرفع أقرانها الرئيسيون أسعار الفائدة لكبح ارتفاع أسعار المستهلكين.

كما أعلنت الحكومة يوم الثلاثاء عن 22 إجراءً لخفض التكاليف على الشركات هذا العام، بما يتضمن إعفاءات ضريبية وكذلك إجراءات لتوجيه القروض إلى قطاعات معينة.

تحفيز نمو الصادرات

وفي تصريح خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، يشير الكاتب والمحلل الاقتصادي، أستاذ الاقتصاد بجامعة ويسترن، مايكل باركين، إلى دلالات هذا التخفيض المفاجئ، وما إذا كان يؤشر على تحركات إضافية مستقبلاً.

ويقول إن قيام بنك الشعب الصيني بخفض معدل إعادة الشراء العكسي لمدة سبعة أيام بمقدار 10 نقاط أساس إلى 1.9بالمئة، يعد تخفيضاً محدوداً (صغيراً)، لكنه يحمل دلالات بشأن الاتجاهات المستقبلية لبنك الشعب الصيني.

ويضيف: "هذا التخفيض يشير إلى أن بنك الشعب الصيني راضٍ إلى حد ما بمعدلات التضخم الحالية والتوقعات المستقبلية، ويريد خفض اليوان، وتحفيز نمو الصادرات، ودعم زيادة الإنتاج".

وفي هذا السياق، نقل تقرير "فاينانشال تايمز" المشار إليه، عن محللين قولهم إن تخفيض سعر إعادة الشراء العكسي قد ينذر بتخفيضات في أسعار الفائدة الأخرى لبنك الشعب الصيني، بما في ذلك سعر تسهيل الإقراض متوسط الأجل، وسعر الفائدة الأساسي للقروض .

قال غولدمان ساكس في مذكرة: "نتوقع الإعلان عن المزيد من إجراءات تخفيف السياسة النقدية.

قالت رئيس اقتصاديات الصين في كابيتال إيكونوميكس، جوليان إيفانز-بريتشارد، إنه إذا أرادت الحكومة تحفيز الانتعاش في الطلب على القروض، فستحتاج إلى مزيد من التخفيضات الشديدة في أسعار الفائدة.

ويمكن أن تشمل الخطوات الأكثر جوهرية تزويد المطورين بمساعدة إضافية لإكمال المشاريع العقارية غير المكتملة، بحسب محللين، لا سيما وأن عديداً من المطورين يفتقرون إلى الأموال اللازمة لإكمال المشاريع بعد فترة ركود طويلة.

القطاع العقاري

وبينما فاق أداء الاقتصاد الصيني التوقعات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري 2023، بعد أن توسع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.5 بالمئة؛ مستفيداً من إسدال الستار عن سياسة "صفر كوفيد" وبما أسهم في تسريع وتيرة النشاط الاقتصادي، ومع ازدهار الصادرات ومبيعات التجزئة، إلا أن الأسابيع الأخيرة قد شهدت مؤشرات على اتجاهات مغايرة نسبياً تُشكك في مدى إمكانية مواصلة "التعافي السريع".

أبرز تلك المؤشرات تمثل في الأداء الضعيف لقطاع العقارات، مع تراجع المبيعات إلى 63 بالمئة من مستوياتها للعام 2019 في أبريل، انخفاضاً من 95 بالمئة في مارس، بحسب بيانات شركة الأبحاث Gavekal.

امتدت أزمة العقارات إلى الإنتاج الصناعي، الذي انخفض في أبريل مقارنة بأرقام 2019 المعدلة موسمياً، مع انخفاض الطلب على الأسمنت والزجاج والسلع الأخرى.علاوة على فقدان الاستهلاك المنزلي، وهو أحد الدوافع الرئيسية المقصودة للتعافي، قوته.

ولم ترق مبيعات العقارات ومعدلات الإنتاج الصناعي ونسبة نمو الائتمان، إلى بلوغ التوقعات السابقة في أبريل وحتى أوائل مايو، الأمر الذي قد يسهم في تقلص فرص النمو على النحو المستهدف.

وفي هذا السياق، يقول الرئيس التنفيذي في مركز "كوروم" للدراسات الاستراتيجية، طارق الرفاعي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن هذا الخفض "المفاجئ" للفائدة يأتي كمحاولة من قبل الحكومة الصينية، لدعم الاقتصاد، وبالأخص القطاع العقاري، على أساس أن الاقتصاد الصيني يرتبط بشكل كبير وبنسبة أكثر من 20 بالمئة تقريباً، بهذا القطاع.

ويضيف: "ضعف النمو في القطاع العقاري خلال السنوات الأخيرة دفع إلى محاولة الصين لتقديم الدعم للقطاع، وقد رأينا قبل ثلاث سنوات انهيار أكثر من شركة عقارية بسبب المضاربة القوية في القطاع، ثم تبعات رفع الفائدة بعد ذلك، حتى بدأ البنك الصيني الآن في الخفض، في محاولة لإعادة الدعم للقطاع".

ويشدد الرئيس التنفيذي في مركز "كوروم" للدراسات الاستراتيجية، على أن الاقتصاد الصيني يعاني من مشكلتين رئيسيتين:

المشكلة الأولى: ارتفاع نسبة الديون، بالنسبة للقطاع الخاص والقطاع الحكومي، عند مستويات مرتفعة، وهذا يؤثر على الاقتصاد ككل.

المشكلة الثانية: التباطؤ المستمر الذي يواجهه الاقتصاد الصيني منذ سنوات، وهو ما يؤدي لمخاوف واسعة من قبل الحكومة، وسط مساعي لمقاومة هذا الاتجاه واستعادة زخم النمو.

تنشيط الاقتصاد

من جانبه، يشير الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أبوبكر الديب، إلى أن القرار المفاجئ للمركزي الصيني بخفض الفائدة قصيرة الأجل للمرة الأولى منذ آب 2022 جاء انطلاقاً من عدد من الأسباب الرئيسية؛ أهمها إدراك البنك أنه يجب خفض الفائدة من أجل دفع النشاط في شرايين الاقتصاد الصيني بعد موجة من الركود والضعف، متوقعاً أن ياتي بعد ذلك القرار مزيد من التخفيضات في معدل الفائدة.

ويوضح أنه من أسباب القرار أيضاً رغبة القائمين على السياسة النقدية في الصين في تسهيل الإقراض متوسط الأجل، لا سيما وأن ذلك الخفض هو الأول منذ عشرة أشهر وبعد أن فقد تعافي الاقتصاد المزيد من الزخم مع ضعف التصنيع والاستثمار.

ويلفت إلى ضخ البنك سيولة في النظام المالي من خلال عمليات السوق المفتوحة، بعدما أعلن أنه قد أجرى عمليات إعادة شراء عكسية لأجل سبعة أيام بقيمة ملياري يوان (حوالي 280 مليون دولار أميركي) وبسعر فائدة يبلغ 1.9 بالمئة، وذلك للحفاظ على سيولة نقدية معقولة ووافرة في النظام المصرفي.

وعمليات إعادة الشراء العكسية المعروفة بـ "الريبو العكسي" هي عمليات يشتري فيها البنك المركزي الأوراق المالية من البنوك التجارية من خلال تقديم عطاءات مع الاتفاق على بيعها مرة أخرى في المستقبل.

ويؤكد الديب أنه من المرجح أن يؤدي خفض سعر الفائدة، الذي يهدف إلى دعم التعافي المتعثر بعد جائحة كورونا في ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر مستورد للنفط، إلى زيادة الطلب على النفط، مشدداً على أنه في شهر مايو الماضي كشفت بيانات النشاط الاقتصادي عن تراجع تعافي اقتصاد الصين مما زاد الحاجة إلى اتباع سياسة التيسير النقدي بعد أن نما الناتج الصناعي ومبيعات التجزئة والاستثمارات بالأصول الثابتة بوتيرة أبطأ بكثير مما كان متوقعاً خلال أبريل، في حين تراجع التضخم إلى ما يقرب من الصفر.

ويعتقد بأن البنك الصيني سوف يسرع -في ضوء تلك المعيطات- في المضي قدماً بسياسة التيسير النقدي حتى بداية العام 2024 من خلال مزيد من خفض أسعار الفائدة.

ويتوقع "باركليز" خفض أسعار الفائدة بمقدار 10 نقاط أساس في كل ربع سنة في الصين، وذلك بدءاً من الفصل الثالث من العام الجاري 2023 وحتى الربع الأول من 2024.

سكاي نيوز

الكلمات الدالة

الأكثر قراءة

ملف الرئاسة: اللجنة الخماسية تحشر نفسها بالوقت فهل تنعى مهمتها في آخر أيار؟ قطر تجدد مساعيها من دون أسماء وجنبلاط الى الدوحة اليوم بدعوة رسمية جبهة الجنوب مرشحة للتصعيد... ومفاجآت حزب الله تنتظر العدو