اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

أظهرت مقرّرات مؤتمر بروكسل الدولي السابع بعنوان «دعم مستقبل سوريا والمنطقة» الذي عُقد على مدار يومي الأربعاء والخميس الفائتين أنّ مسألة «عودة النازحين السوريين الى بلادهم»، لا تزال ورقة سياسية بيد المجتمع الدولي ومن ضمنه الإتحاد الأوروبي. ففي الوقت الذي تُدرك فيه الدول الأوروبية أنّ كلفة استضافة كلّ «لاجىء» (بصفتها دول لجوء) سوري على أراضيها، هي ألفي يورو، فيما لا تتعدّى الـ 200 يورو شهرياً في سوريا، بحسب «مسودة مشروع» أعدّها نوّاب أوروبيون لم يتمّ الأخذ بها، كما أنّ كلفة استضافته في لبنان (ودول الجوار) مرتفعة جدّاً نسبة الى قدراته المالية، والتي أدرجها وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب في كلمته أمام المؤتمر مؤكّداً أنّها تصل الى 5 مليارات دولار سنوياً، ما يفوق قدرة الحكومة اللبنانية على تحمّل هذه الأعباء في ظلّ الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعيشها لبنان... رفع الاتحاد «الفيتو» مُجدّداً ضدّ هذه العودة.

مصادر سياسية مواكبة رأت أنّ الكثيرين في لبنان لا يفهمون إصرار المجتمع الدولي عموماً، والدول الأوروبية خصوصاً، على إبقاء النازحين السوريين في الدول المضيفة لهم، لا سيما في لبنان. كذلك فإنّ الأمن العام اللبناني لا يتوانى عن مدّ يدّ المساعدة الى كلّ الراغبين بالعودة في ما يتعلّق بتسوية أوضاعهم. في حين أنّ دولتهم تدعوهم باستمرار الى العودة الى مناطقهم، وتتخذ إجراءات لتسهيل حصولهم على مستنداتهم وأوراقهم الثبوتية. علماً بأنّ هناك نحو 225 ألف ولادة حديثة حصلت في لبنان تحتاج الى تسجيلها في سوريا لكيلا يبقى هؤلاء الأطفال «مكتومي القيد».

وتقول انّ الدول الأوروبية تضغط لكي يبقى النازحون السوريون في لبنان رغم معرفتها بأنّهم يُكلّفون الخزينة اللبنانية أكثر بكثير من قدراتها، لتأتي المساعدات المالية التي بلغت 560 مليون يورو (أو 600 مليون دولار) فقط، من مؤتمر بروكسل السابع الأخير للدول المضيفة، كمن يسخر منها مقارنة مع ما تتكبّده هذه الدول مقابل استصافة النازحين على أراضيها. كما أنّها بالتالي لا توافق على طلب لبنان من المنظمة الدولية، باستمرار تقديم المساعدات المالية للنازحين السوريين بعد عودتهم الى أراضيهم، ما يُشجّع الآخرين المتردّدين على الرغبة بالعودة، سيما أنّ ما يُبقيهم في لبنان هي المساعدات التي يحصلون عليها.

فالمفوضية العليا للاجئين الفلسطينيين التي تهتمّ بأوضاع النازحين السوريين في لبنان، وتقرّر بنفسها إذا ما كانت تُعطي الحكومة اللبنانية البيانات الخاصّة بالنازحين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية أم لا، على ما أوضحت المصادر، هي منظمة دولية تعمل في لبنان بموافقة الدولة اللبنانية. وهذا يعني أنّه عليها الخضوع للقانون اللبناني، وإلّا فثمة إجراءات يجب أن تتخذها الحكومة بحقّها. مع العلم بأنّ الخلاف الذي نشب بينها وبين وزارة الخارجية والمغتربين في وقت سابق على خلفية «تخويف» النازحين من العودة، وبسبب تسجيلها الولادات السورية، بدل من أن يقوم أهاليهم بتسجيلهم لدى السفارة السورية، قد أدّى الى منعها بالاستمرار في عملها غير المحقّ هذا من قبل الحكومة، خشية أن تطالب فيما بعد بمنحهم الجنسية اللبنانية. وكانت أحصت الولادات بين عامي 2012 و2015، وتوقّفت بعد ذلك عن تسجيل أي ولادة جديدة.

ويدلّ أداء المفوضية بشكل واضح، على أنّها لا تعمل على مساعدة لبنان لتحقيق عودة النازحين بل على العكس تضع العصي في دواليب هذه العودة. فرغم علمها بأنّ تقديم المساعدات للعائدين في أماكن سكنهم، يشجّع الكثير من النازحين على العودة، هذا إذا ما كانت تريد فعلاً أن تكون عودتهم آمنة، تواصل مدّهم بالتقديمات بهدف إبقائهم في لبنان وليس من باب تحقيق العدالة والمساواة وحقوق الإنسان، وإلّا لكانت فكّرت بحقوق الشعب اللبناني الذي بات يُعاني من هذه الاستضافة التي طالت 12 عاماً، وأصبح وضعه على مختلف المستويات يرثى له.

أمّا تصريح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزف بوريل الذي قال فيه إنّ الاتحاد الأوروبي لن يختار مسار التطبيع مع النظام السوري، وبالتالي إنّ عودة النازحين السوريين الى بلدهم غير ممكنة حالياً، وأنّه لا يمكن لأحد إجبارهم على العودة، واعداً الدول المضيفة بتقديم دعم مادي لها، وكأنّه يقدّم المال مقابل إبقاء النازحين على أراضيها، فقابله وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجّار بسلسلة تغريدات وضعت النقاط على الحروف، مشيراً الى أنّ «خياركم السياسي أثبت فشله».. وتلاه ردّ آخر من وزير الثقافة محمد مرتضى وصفه بأنّ «موقف مريب ولكن يُلزمه وحده»... فلا يمكن تمريره، وفق المصادر، بردود إعلامية فقط، إنّما بالطرق الديبلوماسية وبكلّ الوسائل الشرعية المتاحة للدولة اللبنانية. علماً بأنّ المنسّق العام للحملة الوطنية لعودة النازحين السوريين النقيب مارون الخولي، قد طالب وزارة الخارجية «باستدعاء القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان لطلب تفسير الموقف «الاستعماري»، على ما قال، الذي أدلى به بوريل. وهذا ما يجب أن يحصل وأكثر لتدعيم موقف لبنان.

كذلك شدّدت على أنّ الاستدعاءات أيضاً لن تكفي، فهي لن تعيد النازحين السوريين الى بلادهم. لهذا على الحكومة، وإن كانت حكومة تصريف للأعمال، أن تواصل جهودها بشأن التعاون والتنسيق فيما بين وزرائها والوزراء السوريين المعنيين من أجل البدء بإعادة النازحين على مراحل، وفق خطّتها الموضوعة على المدى القصير والمتوسط والطويل. فالوضع لم يعد يحتمل التأجيل، وهو أمر يُعتبر من الضروريات القصوى التي يجب إيجاد الحلّ اللبناني- السوري لها في أسرع وقت ممكن...  

الأكثر قراءة

مفوضية اللاجئين لن تسلم «داتا» النازحين واجتماع في بكركي وتحركات شعبية الورقة الفرنسية كتبت «بالإنكليزية» وتجاهلت «الرئاسة» و14 ملاحظة لبنانية صواريخ بركان تلاحق غالانت وعمليات نوعية للمقاومة و30 غارة للطيران المعادي