اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ربما منذ تاريخ بداية الحرب في سوريا، دُغدغت مشاعر الطرابلسيين خصوصاً واللبنانيين عموماً بخصوص دور مستقبلي ما قد يؤديه مرفأ طرابلس في مرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار لأسباب كثيرة أبرزها الموقع الجغرافي للمرفأ. في العامين 2016  و 2017 بدأ الحديث جدياً عن ضرورة توسعة المرفأ وتطويره لمواكبة ما هو آت. في العام 2021 دخل المرفأ المرحلة العملية لتنفيذ مشروع تطويره واستكمال بناه التحتية، بعد توقيع اتفاقية بين مجلس الإنماء والإعمار وشركة «المقاولون العرب» المصرية، لتنفيذ مشروع حيوي بتمويل، على شكل قرض، من البنك الإسلامي للتنمية يبلغ 86 مليون دولار، على أن تكون المرحلة الأولى من المشروع مع الشركة المصرية بتكلفة 30 مليون دولار.

عند توقيع العقد في تشرين الأول 2021 أعلن رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر أن هذه الاتفاقية ستكون أسرع اتفاقية تنفّذ، ووعد بأن يتم انتهاء العمل خلال سنتين ونصف السنة، انتهى العام 2021 دون بدء العمل، والسبب كان بحسب معلومات «الديار» تأخير بالمعاملات الرسمية بين الشركة ومجلس الإنماء والإعمار، لكن المفاجأة كانت أن الاعمال لم تنطلق أبداً حتى اليوم.

تبلغ المساحة الإجمالية المائية والأرضية للمرفأ حوالى 3 مليون متر مربع، ويهدف المشروع الى توسيع المرفأ ليتمكن من استيعاب 4 سفن حاويات كبيرة يصل طولها الى 400 متر، بالإضافة الى سفينة بضائع عامة كبيرة، و8 أرصفة لتفريغ السفن متوسطة وصغيرة الحجم، على أن يتمكن المرفأ بعد نهاية المشروع من استيعاب حوالى 280 ألف حاوية سنوياً.

هو كحلم للطرابلسيين واللبنانيين، لم يُبصر النور بعد ولم يبدأ العمل به حتى، وتكشف مصادر للديار أن السبب هو تمنّع البنك الإسلامي للتنمية عن دفع الأموال بسبب مشاكل لبنان المالية، وفي التفاصيل تُشير المصادر الى أن للبنك مستحقات على الدولة اللبنانية من مشاريع وقروض سابقة، توقف لبنان عن سدادها، الأمر الذي جعل المصرف يُعلّق العمل بالقرض المخصص لتطوير وتوسعة مرفأ طرابلس، لحين إيجاد حل للأموال العالقة، أو إعادة جدولتها، وهذا اختصاص وزارة المال ومجلس الإنماء والإعمار.

وعلمت «الديار» أنه لا يوجد أي مؤشر حقيقي حول اقتراب حل هذه المشاكل مع البنك، الذي هو بنك تنموي متعدد الأطراف، يعمل على تحسين حياة الناس من خلال تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلدان والمجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وبالتالي فإن مشروع تطوير مرفأ طرابلس معلّق حتى إشعار آخر.

تأسس البنك الاسلامي للتنمية عام 1973، ويقع مركزه الرئيسي في مدينة جدّة السعودية، وقد بلغت اعتماداته في لبنان 1,7 مليار دولار منذ العام 1975 حتى العام 2016، ومن أبرز المشاريع التي موّلها المصرف: مشروع البنية التحتية في طرابلس، مشروع الجامعة اللبنانية في طرابلس ايضاً، مشروع طريق شبعا في الجنوب، مشروع إمدادات المياه والصرف الصحي في سهل عكار، مشروع طريق حدث الجبة – بقرقاشا، مشروع البنى التحتية في صيدا وغيرها من المشاريع التي وُقعت اتفاقياتها ولم تنفّذ بعد، منها مشروع مرفأ طرابلس.

رغم عدم انطلاق المشروع، تمكّن مرفأ طرابلس من تحقيق زيادة كبيرة جداً بالإيرادات بين العام 2021 والعام 2022، يقول مدير المرفأ أحمد تامر في حديث لـ»الديار»، مشيراً الى أن الإيرادات انخفضت قليلاً هذا العام، ربما بسبب ارتفاع الدولار الجمركي، لافتاً الى أن التراجع يبلغ حوال 10 في المئة.

خلال الفصل الأول من العام 2022، بعد قرار وزارة الأشغال العامة والنقل بإلزام كل الشركات التي تتقاضى بالدولار بالدفع للدولة بالدولار، وصلت إيرادات مرفأ طرابلس الى 49 مليار ليرة، وخلال شهر حزيران 2022 كانت الإيرادات 43 مليار ليرة، وكل ذلك دون المباشرة بمشروع التوسعة الذي كان يمكن أن ينقل مرفا طرابلس الى مرتبة مرتفعة جداً، كونه يُعدّ واحداً من أهم مرافئ الحوض المتوسط الشرقي على المستوى الاستراتيجي.

إذاً، لم يتغيّر أي جديد في مرفأ طرابلس بعد انفجار مرفأ بيروت، سوى بدخول مجموعة CMA-CGM على الخط، فالشركة التي استحوذت عام 2021 على أسهم شركة Gulftainer لبنان، والتي كانت تُدير سابقاً محطة حاويات طرابلس، تدير محطة الحاويات اليوم في عقد حتى العام 2041، وذلك كان قبل أن ترسو مناقصة إدارة وتشغيل وصيانة محطّة الحاويات في مرفأ بيروت على شركة CMA Terminals وهي الشركة التابعة مجموعة CMA-CGM في شباط 2022.

الأكثر قراءة

ضغوط قصوى على «إسرائيل» لمنعها من اجتياح رفح عون في قطر لإعادة تحريك المساعدة الشهريّة للجيش الأمن العام يستنفر بمواجهة السوريين المخالفين