اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بنبرة حزينة تخالطها لوعة الاشتياق تشكو سيلا: "غصبًا عني تنازلت عن أولادي مش برضاي". دموعها الغزيرة كانت تتساقط فتُبلل قطع ملابس صغيرة وحذاءان هم كل ما تبقى من ذكريات أطفالها التي لم تتعدى الكبيرة منهم العشر سنوات.

قبل خمس سنوات، تعرضت سيلا لمكيدة من قبل طليقها كان ثمنها خسارة أطفالها، وتنازلت رسمياّ عن حقوقها الشرعية لدى المحكمة الجعفرية مقابل حصولها على الطلاق، بما في ذلك حضانة أطفالها مع الحرص على أن ينص كاتب العدل على حق الأم في مشاهدة أطفالها يومين في الأسبوع. كان ذلك الخيار حلّها الوحيد للخلاص من معاناة وعنف في منزل الزوجية استمر 5 سنوات. ولكنها لليوم لا ترى أطفالها ولا حتى تسمع أنفاسهم من على سماعة الهاتف.

بعد أن رضخت سيلا لكل ما حدث معها، اضطرت للتوقف عن الاتصال بطليقها وطلبها منه التحدث مع أطفالها بسبب "محاولته التحرش بي واهانتي"، حسبما تستذكر. وحرمها أيضاً من رؤية أطفالها من العام 2019.

بالمقابل خرجت الناشطة مريم ياغي عن صمتها منذ فترة، موجّهة اتّهامات إلى طليقها الصحافيّ والسياسيّ العراقيّ منتظر الزيدي بخطف ابنتها، ومنعها من رؤيتها، وحتّى من التقاط الصور معها خوفاً من "السوشيل ميديا".

قرّرت مريم رفع سقف التحدّي و"فضح المستور"، كما قالت، من خلال بثّ مباشر عبر صفحتها في "فايسبوك"، أوضحت فيه أنّ طليقها "يبتزّها وابنتها، ويتّهمها بأمور لا علاقة لها بالواقع".

وبعد خمس سنوات وشهر، مريم وابنتها سوياَ في لبنان، حيث انتصرت "أم أميديا" على غطرسة طليقها واستعادت ابنتها بعد رحلة عذاب طويلة.

فالحضانة أكثر المسائل ظلماً من الأحوال الشخصيّة والاجتماعيّة عموماً في لبنان. وتخضع ضمن طوائف لبنان الدّينيّة الـ18 لـ15 قانوناً، يُنهي صلاحية الأم في الحضانة بموجب "سقف" لأعمار الأطفال. ولا يزال النظام الأبويّ في لبنان يحترف ابتزاز الأم بطفلها، محفّزاً ومنتقماً من أعظم هشاشاتها العاطفية. وكم من أم مضطهدة في منزلها، تعرف ماذا ينتظر المطلقات، فتمسك عن طلب الطلاق خوفاً من حرمانها الأطفال.

ومن جانبه رفض السيد علي فضل الله في تصاريحٍ سابقة أن تصل "المرأة إلى مرحلة التنازل عن هذا الحق". لذلك يدعو المحاكم الجعفرية إلى حماية الزوجة من تعسف الزوج وشروطه أو "منحها حق الطلاق بنفسها".

السيد فضل الله هو نجل المرجع الشيعي الراحل السيد محمد حسين فضل الله – من أهم رجال الدين الشيعة في لبنان – والذي تقضي الفتوى الدينية الخاصة به بأن "الأم أحق بحضانة الولد، ذكرًا كان أو أنثى، إلى عمر سبع سنين".

وواجهت العديد من النساء الحبس بسبب رفضهنّ التخلي عن أطفالهنّ، وذلك بموجب المادة 496 من قانون العقوبات اللبناني، التي تنص على "معاقبة الأب أو الأم أو كل شخص لا يمتثل لأمر القاضي فيرفض أو يؤخر إحضار قاصر بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وغرامة من 50 إلى 200 ألف ليرة".

في تشرين الثاني 2018، انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر احداث متعلقة باسترجاع حضانة طفل من قبل أبيه،وعندما توجهت السيدة المعنية إلى المحكمة الجعفرية طلبًا للطلاق، اكتشفت امكانية خسارة طفلها بسبب أحكام الحضانة. تلك المفاضلة دفعتها إلى إطلاق "الحملة الوطنية لرفع سن الحضانة عند الطائفة الشيعية"، لمساعدة النساء اللاتي يُظلمن في المحاكم الجعفرية، وللمُطالبة برفع السن إلى سبع سنوات للذكر وتسع سنوات للأنثى، على أن تصبح بعدها الحضانة مشتركة بين الوالدين.

وفي الختام "لا يصح الا الصحيح"، فعندما ترون طفلاَ مبعداَ عن والدته تذكروا أن حضن الأم جنة، فكل نعيم الدنيا لا يعوضه. فتحركوا.. نصرةَ للابتسامات البريئة ولا تتخاذلوا مع الطفولة ولا تستهينوا بحرقة قلب أم على غياب فلذات كبدها. 


أمل سيف الدين - الديار

الأكثر قراءة

اكثر من حجمه