كلنا نعلم أن غالبية القادة السياسيين والحزبيين عندنا، يتلقون الأوامر من هذا البلاط أو ذاك، من هذه السفارة أو تلك. بالدرجة الأولى يتلقون الأموال التي تشتري حتى جلودهم. انظروا الى وجوههم على الشاشات، ألا تشبه وجوه المهراجات الهنود الذين كان الخدم يحملونهم على أكتافهم في الشوارع.
الزبائنية السياسية والاعلامية في ذروتها الآن، لنبقى هكذا ضحايا لعبة المصالح على أنواعها، ولتبقى البلاد في مهب الرياح، أو في مهب الحرائق. الحظ السيء كان لأهل الجنوب الذي وجدوا على تخوم "اسرائيل". دور دولتنا التي نتوقع الآن أن تأتينا بالعجائب، لا بالغرائب كما درجت العادة، كان أن باعت الجنوب وأهله لياسر عرفات، ثم باعتهم لأرييل شارون. ما حدث وما يحدث، نتاج كوارثي لذلك الغياب ولذلك الركام، الذي كثيراً ما كان الركام الدموي.
كنا ضد "حرب الاسناد"، ونعود لنقول ان لها ملابساتها الاقليمية المعقدة، وأن السيد حسن نصرالله كان حذراً جداً لخوضها، باعتبار أن الساعة الكبرى لم تدق بعد. رأي أن أي حرب يمكن أن تأتي بعواقب كارثية، اذا لم تلحظ عملية انقضاض على الجليل، وهو الخاصرة "الاسرائيلية" الرخوة، حتى اذ سقط الشمال في يد المقاومة اللبنانية، والجنوب بيد المقاومة الفلسطينية، تبدلت أمور كثيرة على الأرض، وحتى استحالة اللجوء الى الرؤوس النووية، ولا الى الطائرات، فاذا تدخلت القاذفات والبوارج الأميركية، كيف لها أن تضرب المناطق "الاسرائيلية" الآهلة؟
الحرب لسبب ما قد يكون معلوماً، أخذت منحى آخر. البداية بقصف مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، دون أن يكون لذلك أي تأثير ميداني، لتنتقل المبادرة الى "اسرائيل" التي باتت هي من تتحكم بايقاع التصعيد. صحيح أن قصف الجليل أدى الى تهجير عشرات آلاف المستوطنين، ولكن في الحسابات العسكرية لا مردود تكتيكيا ولا استراتيجياً لذلك. هكذا تسنى لبنيامين نتنياهو، بالقدرات التكنولوجية الهائلة، وبالامكانات الاستخباراتية ألمتعددة المصاد، وبالنار، من رفع شعار تغيير الشرق الأوسط، وفقاً للرؤية التوراتية، باعتبارها الرؤية (والرؤيا) الالهية، وهذا ما نشهده الآن، وما يمكن أن نشهده من المحيط الى الخليج. أن نكون بكل عباءاتنا وبكل طرابيشنا قهرمانات الهيكل.
الآن، حكومة الرئيس نواف سلام اخترقت اسئلة المقاومة، وتحفظات المقاومة، واتخذت قرارها وحتى بالجدولة الزمنية، لنزع سلاح حزب الله. لا مشلكة أن يكون ذلك قد حصل بالمطرقة الأميركية والعربية على السواء، بعدما رأى بعض الحكام العرب انها الساعة الذهبية للثأر من حزب الله ليس فقط بازالته وبالقوة من هذا العالم، وحتى بازالته من العالم الآخر، اذا لاحظتم غياب اي كلمة من الشاشات العربية (المعنية) عن الخطر، الذي تشكله "اسرائيل" على لبنان، وعلى سوريا، وعلى فلسطين. اذا تابعتم الاعلام السوري المعلب، لتروا الى اي مدى يمكن أن تصل التفاهة.
تابعنا ما قيل وما كتب في وسائل الاعلام "الاسرائيلية"، لا اكتراث بالقرار. ثمة شيء ما إن في رأس بنيامين نتنياهو أو في رأس دونالد ترامب. قد نكون بحاجة الى نبش قبر العرافة البلغارية الكفيفة والشهيرة بابا فاغنا، التي حاولت يوماً أن تقرأ ما في رأس الشيطان. من يقرأ ما في رأس الشيطان، يمكن أن يقرأ ما في رأس ترامب ونتنياهو.
أحدهم على الشاشة دعا الى التفاوض مع طهران لا مع الضاحية. لاحظوا الى أين يذهب الخيال بالبعض. معلوماتنا تؤكد أن القرار بيد قيادة الحزب التي لا تفتقر الى الأدمغة، ولا الى من يتعاملون بانورامياً مع المشهد، وعلى أساس أن أهل مكة أدرى بشعابها. مع تأكيدنا أننا لبنانيون لا ايرانيون ولا اي شيء آخر، ولا محال للتلاقي الايديولوجي أو حتى السياسي مع الجمهورية الاسلامية، التي خطيئتها المميتة أنها ترى "اسرائيل" أو أميركا، كما ينبغي أن ترى، لا بعيون مقفلة أو برؤوس مقفلة، ومع رفضنا لأي نشاط جيوسياسي على أرضنا، وبعيداً عن مصالح سائر اللبنانيين.
بديهي أن يكون هناك تباين في الموقف وفي المنطق كما في الرؤية، بين الدولة والمقاومة. لو سأل الشيخ نعيم قاسم أركان الدولة "اذا سلمناكم سلاحنا، من الذي يضمن ألاً تبادر الطائرات "الاسرائيلية" الى تدميرها، تماماً مثلما دمرت الترسانة السورية، وحتى القباقيب الخشبية التي ينتعلها الجنود أثناء الوضوء"؟ أو من يحمي حزب الله في هذه الحال، اذا لاحظنا كيف أن الائتلاف الحاكم في "اسرائيل"، وبدفع أميركي مباشر، يبيد الشعب الفلسطيني بحجة ازالة حركة "حماس".
لا شيء يمنع من أن تكون "البيئة الحاضنة" أمام هذا الاختبار، اذا علمنا أن "خلايا داعش" باتت على الحدود. هدف "اسرائيل" تدمير الدول العربية من الداخل، واعادة تشغيل مطحنة الدم في لبنان. في باريس كلام عن "تفجير زلازل طائفية". الوضع الداخلي في لبنان أكثر تعقيداً من الوضع الداخلي في سوريا التي هي المثال.
في الأساس، أحمد الشرع صُنع ليتناول هو وبنيامين نتنياهو البوظة الشامية في سوق الحميدية، فاذا بدبابات ايال زامير تدق على باب غرفة نومه، واذا بطائرات تومير بار تدمر مبنى هيئة الأركان كرمز للقوة السورية، وتضرب محيط القصر الجمهوري كرمز للسيادة السورية.
لا ورقة في يد لبنان، الا اذا ظن البعض أن الورقة الأميركية في يده. هذه الورقة في يد زعيم "الليكود" فقط، ولا في يد أي حاكم عربي، مهما بلغت تكشيرته، أو مهما بلغ قياس قدميه. الأميركيون و"الاسرائيليون" يقيسوننا هكذا...
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:53
غارات معادية على مرتفعات جبل الريحان جنوبي لبنان
-
22:27
سلسلة غارات اسرائيلية جنوباً استهدفت عددًا من الوديان
-
21:47
أوضح المكتب الإعلامي لدولة رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن العلاقة بينه وبين فخامة رئيس الجمهورية أكبر بكثير من جلسة أو جلسات. وجاء هذا التوضيح بعد أن أوردت قناة الجديد أن إحدى تداعيات الجلسة هي عدم تلبية الرئيس بري لطلب رئيس الجمهورية بحصول لقاء بينهما اليوم الاربعاء.
-
21:29
مرقص: لكل وزير حق الاعتراض أو التحفظ على قرارات الحكومة
-
21:28
مرقص: هناك اتصالات سياسية لإنجاح جلسة مجلس الوزراء غدا
-
21:27
وزير الإعلام بول مرقص لسكاي نيوز عربية: أستبعد أي رد من الحكومة على حزب الله خلال جلسة الغد
