اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

منصّة الحفر "ترانس أوشن" تصل الى المياه اللبنانيّة خلال أيام لبدء عملية الحفر الاستكشافي في حقل "قانا"

الخطّة تنفّذ في مواعيدها.. وعقود الخدمات والتحضيرات أنجزت والأمال معقودة على وجود كميات تجاريّة في البلوك (9)

هايتيان لـ«الديار»: عيننا على بدء الأعمال في أيلول و 3 سيناريوهات لنتائج الحفر

ثمة متنفّس وحيد يُعوّل عليه لبنان، وسط الأزمة المالية والإقتصادية التي يعيشها، يتمثّل في عائدات الثروة النفطية الموعودة في البلوك 9 لدفع ديونه المتراكمة، ولإعادة إنعاش العجلة الاقتصادية فيه وعودة الحياة الى طبيعتها.

التي أبحرت من مياه بحر الشمال البريطاني في منتصف تمّوز Transocean Barentsويُتوقّع وصول منصّة الحفر

المنصرم الى المياه اللبنانية في منتصف آب الجاري، كون الرحلة تستغرق نحو شهر كامل، وذلك للمباشرة بالتنقيب عن النفط والغاز في حقل قانا في البلوك 9 الواعد في جنوب لبنان. وبعد استقرار الباخرة في المياه الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان، والقيام بالتجهيزات اللوجيستية اللازمة، ستنطلق بأعمال الاستكشاف والتنقيب الفعلية في مطلع أيلول المقبل، أي عقب وصولها بأسابيع قليلة. وهذا يعني أنّ خطة شركة "توتال" الفرنسية الموضوعة للحفر والتنقيب في البلوك 9 تسير في توقيتها ومواعيدها الصحيحة. فما الذي ينتظره لبنان من دخوله قطاع النفط، ونادي الدول المنتجة والمصدّرة للغاز في العالم، وما هو مردود هذه الثروة النفطية المتوقّع اكتشافها قريباً في البلوك 9 والتي تصل، بحسب التقديرات الأوّلية، الى 4.4 تريليون قَدَم مكعّب، وهل من إمكان لعدم هدرها مثل سائر موارد لبنان؟!

على السكّة...

مصادر سياسية عليمة أكّدت لـ "الديار" أنّ الأمور تسير بحسب المواعيد التي حدّدتها شركة "توتال" الفرنسية التي تترأس "كونسورتيوم" الشركات الذي يضمّ اليها "إيني" الإيطالية، و"قطر للطاقة" القطرية (بعد انسحاب شركة "نوفاتيك" الروسية في أيلول الفائت) والملزّمة بعمليات الاستكشاف والإستخراج في البلوك 9.. حتى انّها تستعجل بدء العمل فيما يسمّيه لبنان "حقل قانا"، ويُطلق عليه عبارة "المكمن المحتمل" في "إتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و"إسرائيل" التي جرى رفعها الى الأمم المتحدة وتمّ التوافق عليها بوساطة أميركية، إذ سبق وأن جرى الحديث عن بدء الأعمال بين أيلول وتشرين الثاني المقبلين، بحسب الجدول الزمني المحدّد. ولكن، بحسب ما يحصل حالياً، إذ يُنتظر وصول الحفّارة خلال أيّام، فإنّ الأعمال يُفترض أن تنطلق أوائل أيلول من دون أي تأخير، لا سيما بعد أن فازت باخرة الحفر "ترانس أوشن بارنتس" بالتزام أعمال الحفر في حقل "قانا" من بين 5 شركات تقدّمت الى المناقصة التي أجرتها شركة "توتال إنرجين"، وهي في طريقها الى المياه الإقليمية اللبنانية.

وذكرت بأنّ الأعمال ستنطلق في أيلول المقبل، في حفر البئر الإستكشافي الأول في حقل "قانا" الواقع في البلوك 9 اللبناني، على مسافة نحو 7 كلم شمال الخط 23، على ما نصّت عليه إتفاقية الترسيم البحري التي وُقّعت في 27 تشرين الأول الماضي، وبعد كلام للرئيسين التنفيذيين لشركتي "توتال إنرجي" وإيني" عن تفاؤلهما بمنطقة الإمتياز رقم 9. وستعمل "توتال" على تنفيذ خطّة عملها، وفق البرنامج الذي سبق وأن قدّمته الى وزارة الطاقة حول مسار الحفر وكلفته، وسائر الخدمات المرتبطة به من تأمين الحفّارة، الى تجهيز "القاعدة اللوجيستية" لعملية الحفر في مرفأ بيروت، وتوقيع العقود مع شركات متخصّصة بسائر الأعمال المتعلّقة بها. وهذه الخطوة تُمهّد الطريق أمام وضع لبنان على خريطة الدول المنتجة للهيدروكربونات، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصّة الطاقة المتخصّصة.

وهذا يعني أنّه قبل نهاية العام الجاري، على ما أوضحت المصادر، سيتمكّن لبنان من معرفة ما إذا كان لديه إحتياطات من النفط والغاز قبالة سواحله قابلة للإنتاج والتطوير، سيما وأنّ عملية الحفر تستغرق بين الشهرين والشهرين والنصف لتقدير الكميات الموجودة في البئر. وقد قدّرت شركة "توتال" النفقات الإجمالية لإنجاز عملية حفر أول بئر في حقل "قانا" بأكثر من 113 مليون دولار، ما يعني أنّ الكميات المتوخاة من هذه العملية لا بدّ وأن تعود على جميع المعنيين بأضعاف هذه الكلفة.

القاعدة اللوجيستية

وكان أجرى وفد من شركة "ترانس أوشن" محادثات مع المسؤولين اللبنانيين ومع هيئة إدارة قطاع البترول، وكوّن ملفاً عن كلّ ما هو مطلوب من إجراءات إدارية وقانونية ومالية للبدء في عملية حفر البئر في البلوك 9. وقام بمناقصات تتعلّق بتزويد طاقم الحفّارة المؤلّف من 140 شخصاً بالغذاء والخدمات على البرّ، ومن ضمنها إتمام المعاملات الضرورية للحفّارة وطاقمها.

وأكّدت المصادر أنّ "القاعدة اللوجيستية" تقرّر إقامتها في مرفأ بيروت، وهي تُعنى بتأمين الخدمات لمنصّة التنقيب عن النفط والغاز في البلوك 9 في المياه الإقتصادية اللبنانية. وقد جال عليها أخيراً وزير الطاقة وليد فيّاض مع وزير الأشغال العامّة علي حميّة، معلناً عن "وجود مساحة على أرض المرفأ ستتعاقد شركة "توتال" مع مالكها لاستئجارها من أجل تقديم الخدمات اللوجيستية للحفّارة"، وذلك قبل وصولها الى لبنان. وكشف أنّ التقارير التي وصلته تشير الى أنّ أعمال الحفر ستستغرق 90 يوماً، وقبل نهاية هذه المدّة ستتكوّن صورة أوّلية لوجود كميّات تجارية أم لا.

وكانت "توتال إنرجي" قد أنجزت، بحسب المعلومات، مجموعة من المناقصات لها علاقة بسفن الدعم وبشراء المازوت البحري للحفاّرة، وبالمروحيّات التي ستنقل الطواقم، وبإدارة القاعدة اللوجيستية في مرفأ بيروت. كما استأجرت 8 آلاف متراً مربعاً في المرفأ بكلفة تصل الى 60 دولاراً للمتر الواحد سنوياً، ما يجعل الكلفة الإجمالية 480 ألف دولار.

ويأمل لبنان، وفق المصادر، أن يدخل لبنان في نادي الدول النفطية، سيما وأنّ هناك نسبة 82 % من احتياجات الطاقة في دول العالم، من النفط والغاز والمشتقّات النفطية. الأمر الذي يُشجّع على اكتشاف هذه الثروة في المياه البحرية التابعة للبنان، وتكون قابلة للتطوير والإنتاج وبكميات ضخمة.

عقود الخدمات

وأكّدت المصادر نفسها أنّ شركة "توتال" قد أنهت المرحلة التحضيرية لعملية الحفر، وشكّلت فريق العمل في عمليات الإستكشاف والإستخراج وهو يضمّ أكثر من 20 موظّفاً. كما قامت بإبرام كلّ عقود الخدمات المرافقة لعملية حفر البئر الإستكشافي في حقل "قانا" مع كلّ من الشركات الآتية:

- "هاليبرتون" الأميركية لتأمين خدمة "التدعيم" إذ ستقوم خلال عملية الحفر بتزويد الحفّارة بمعدّات التغليف المصمّمة هندسياً لوضع الإسمنت بشكل فعّال وتحسين منطقة العزل لمنع فقدان السوائل وتحسين الضغط، فضلاً عن توفيرها معدّات ومواد تتعلّق ببناء البئر. وهي تعمل حالياً في حقل "كاريش" ما أعطاها أفضلية للعمل في هذه الخدمة كون هذا الحقل يبعد عن "قانا" نحو 10 كيلومترات فقط، ويحوي الطبقات الجيولوجية نفسها ما يُعطي أملاً كبيراً في اكتشاف مخزون وفير من النفط والغاز.

-"شلمبرجيه" الفرنسية- الأميركية التي فازت بعقد خدمة حقل النفط إذ تقوم باختراع وتصميم وتطبيق التكنولوجيا للمساعدة في العثور على النفط والغاز وإنتاجهما بأمان وكفاءة، وخدمات أخرى لها علاقة بالدراسة والإحصاء.

-"غولف هليكوبترز" القطرية لتأمين خدمة المروحيات التي ستعمل على نقل طواقم العمل من مرفأ بيروت الى المنصّة.

- شركة "إيبكو" لتأمين عقود المحروقات للبواخر والحفّارة.

- شركتان لبنانية وأجنبية فازت بتلزيم عقود البواخر (3 بواخر سيتمّ استئجارها من الخارج) وهي تُعنى بنقل الاحتياجات في عملية الحفر.

صندوق سيادي

هذا وبعد انتهاء المرحلة التحضيرية، ستبدأ المرحلة الثانية من العمل، على ما لفتت المصادر السياسية نفسها، مع وصول منصّة الحفر "ترانس أوشن بارنتس" المكلّفة أعمال الحفر والتنقيب والإنتاج بموجب عقد موقّع بينها وبين شركة "توتال". وكانت تقدّمت الى وزارة الطاقة عبر هيئة إدارة قطاع البترول بملف مؤلّف من 100 صفحة للحصول على رخصة الحفر في البلوك 9، شرحت فيه المراحل اللوجيستية والتقنية التي ستسلكها عملية الحفر، وكلّ ما يتعلّق بالمواد والإحتياجات اللازمة لإنجاز هذه العملية. وطلبت فيه الحفر على عمق نحو 4000 أو 4400 متر في البلوك 9، على أن يصل الحفر الأوّلي الى عمق 1700 متر. علماً بأنّ منصّة الحفر هي من "الجيل السادس" التي تصل الى عمق 10 آلاف متر.

وإذ أعلن وزير الطاقة في وقت سابق أنّ الحَفر سيبدأ في أيلول المقبل، وأنّ المعلومات تُظهر أنّ حقل "قانا" النفطي واعد جدّاً، خشيت بعض الكتل النيابية من تعرّض عائدات الثروة النفطية للهدر أو الفساد. ولهذا أقرّت لجنة المال والموازنة النيابية أخيراً، إقتراح قانون الصندوق السيادي اللبناني للنفط والغاز الذي يهدف الى حماية هذه الثروة، قبل أن يتمّ اكتشافها بعد، على أن يبتّ مجلس الوزراء بهذا الإقتراح. وتجد المصادر بأنّ من شأن هذا الصندوق إسترجاع الثقة المفقودة بلبنان مالياً وإقتصادياً من دون الوقوع في فخّ التسويات.

البلوكات المتبقية

يمتلك لبنان 10 بلوكات بحرية، تتراوح مساحتها بين 1201 و2374 كلم2 للمربّع الواحد، وقد جرى تلزيم البلوكين 4 و9، لكونسورتيوم الشركات. أمّا بالنسبة للبلوكات المتبقية أي 1 و2 و3 و5 و6 و7 و8 و10، فقد أطلقت وزارة الطاقة دورة التراخيص الثانية لتلزيم هذه البلوكات منذ العام 2019، وجرى تمديد مهلة تقديم طلب الإشتراك في المياه البحرية اللبنانية مرّات عدّة، كان آخرها من 30 حزيران المنصرم الى 2 تشرين الأول المقبل، وذلك بعد أن أوصت هيئة إدارة قطاع البترول بعدم إغلاق هذه الدورة وبتمديد مهلة تقديم الطلبات. وجاء في حيثيات القرار أنّ التمديد حصل من أجل إفساح المجال للشركات العاملة حالياً في المياه البحرية اللبنانية، ولشركات أخرى لكي تحضّر ملفاتها ودراساتها للاشتراك في هذه الدورة ممّا يتيح المجال لخلق مستوى مقبول من المنافسة ما بين الشركات وإفساح المزيد من الوقت لها لتكليف فرقها المتخصصة لتقديم طلبات المزايدة على الرقع الثماني المفتوحة في المياه البحرية اللبنانية.

هايتيان والسيناريوهات

في الوقت الذي يجري فيه استكمال إنتاج الغاز من حقل "كاريش" منذ 26 ت1 الفائت، أي قبل يوم واحد من توقيع إتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و"إسرائيل"، من دون توقّف، فإنّ الأعمال جارية من الجانب اللبناني للبدء بعمليات التنقيب والإستكشاف في البلوك رقم 9، وفق الخطة الموضوعة من قبل شركة "توتال"، على ما تقول الخبيرة في شؤون النفط والغاز في لبنان والمنطقة لوري هايتيان لجريدة "الديار"، مشيرة الى أنّه ليس من أي تأخير، بحسب جميع المؤشّرات. فقد زار المدير العام لشركة "توتال لبنان" رومان دو لا مارتينيير رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أخيراً، وعرض معه آخر المستجدات المتعلّقة بحفر البئر الإستكشافي في الرقعة النفطية رقم 9، متوقّعاً وصول منصّة الحفر "ترانسٍ أوشين بارنتس" الى المياه اللبنانية في آب الجاري، ما يعني بدء الأعمال في أيلول أو تشرين الأول المقبلين، ووضعه في إطار التحضيرات الجارية حالياً لجهة استيراد المواد اللازمة لأنشطة الحفر والتلزيمات.

وأضافت أنّه لدى وصول الحفّارة الى المنطقة الإقتصادية الخالصة أي الى منطقة الحفر، وتواكبها بواخر لوجيستية أخرى من القاعدة اللوجيستية التي تمّ الإتفاق عليها في مرفأ بيروت، حتى تأخذ موقعها وتبدأ الأعمال عليها. ويُفترض أن يبدأ الحفر في أوائل أيلول المقبل، على أن تأخذ العملية 90 يوماً، كما صرّح وزير الطاقة. ومن المتوقّع أنّه خلال 60 و90 يوماً تحصل عملية الحفر، من قبل باخرة الحفر الإستكشافي، ما يعني أنّ الباخرة تحفر لتكتشف إذا كان هناك غاز ونفط في البئر أم لا. لهذا فحتّى لو تمّ الإعلان بعد عملية الحفر أنّ هناك نفط وغاز في البئر، فهذه الباخرة ستُقفل أشغالها وتُغادر، لأنّ عملها ليس التطوير والإنتاج. وثمّة منصّة أخرى خاصّة بالتطوير والإنتاج، وبالتالي تحفر وتُصدر النتائج التي هي على ثلاثة سيناريوهات:

1"- عدم توافر الغاز والنفط بتاتا.

2"- وجود غاز بكميات قليلة لا يمكن الاستفادة منها أو تطويرها.

3"- إكتشاف كميات قابلة للاستخراج. وندخل عندها في احتمالين:

الأول، أن يكون الغاز بكامله في المنطقة الإقتصادية الخالصة التابعة للبنان، فيُطبّق عليه عندها الإتفاق الموقّع بين تحالف الشركات وبين لبنان.

الثاني، إذا كان هذا الغاز مشتركاً أي يتخطّى المنطقة الإقتصادية الى "إسرائيل"، فتُطبّق عندئذ اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، ما يعني أنّه يُصبح على "توتال" وقف كلّ الأعمال، وتعمل عندئذ على توقيع اتفاقية مع "إسرائيل" على التعويض المالي أي على حصتها من هذا الحقل المكتشف، على ما ورد في اتفاقية الترسيم. ثمّ تعود توتال للبدء بالتطوير.

وأكّدت هايتيان أنّه سوف يتمّ الإعلان عن أحد هذه السيناريوهات، وهو الثابت، ويُمكن عندها البناء عليه. فالمواطنون اليوم يُعلّقون الآمال على سيناريو وجود نفط وغاز بكميّات قابلة للتطوير والإنتاج. وعندما تُغادر السفينة، بحسب الإستكشافات والدراسات نسير على الخطة. فإذا كانت الكميّات كلّها موجودة في المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية، تدخل الدولة عندها مع الشركات في المفاوضات حول كيف ستكون مرحلة التطوير والإنتاج، وما هي التقنيات التي سيستعملونها، وإذا كانوا سيقرّرون أن تكون فقط للإستعمال الداخلي أو للتصدير الى الخارج، وبأي طريقة، وعبر أي طرقات أو خطوط. هذا كلّه يجري دراسته مع هيئة إدارة قطاع البترول بعد اكتشاف وجود النفط والغاز.

أمّا إذا كانت الكميات منقسمة بين لبنان و"إسرائيل"، فإنّ أول ما ستقوم به شركة "توتال"، على ما أوضحت، هو الاتفاق مع "إسرائيل" على حصّتها أي على التعويض المالي الذي ستدفعه لها، بحسب ما تنصّ عليه اتفاقية ترسيم الحدود البحرية. ومن ثمّ تعود الى لبنان لتطوير وإنتاج الحقل. وذكرت بأنّ المنصّة ستقوم بالحفر في بئر واحدة، بحسب العقد، ولكن في حال حصل اكتشاف للغاز والنفط فيه، لا بدّ من القيام عندها بحفر تقييمي. ويمكن مجيء منصّة أخرى لإجراء تقييم لحجم البئر وغير ذلك.

عن خشية تكرار ما حصل في البلوك 4 في وقت سابق، تشرح هايتيان بأنّه في المكان الذي جرى الحفر فيه في البلوك 4 لم يكتشفوا تجمّعاً للغاز يمكن استخراجه، غير أنّهم قالوا عندها أنّ هذا لا يعني أنّه ليس من غاز في المنطقة، إنّما في المكان الذي جرى فيه الحفر لم يجدوا الخصائص التي كانوا يفتّشون عنها. كما وجدوا آثاراً ثانية تشير الى أنّه قد يكون هناك نفط وغاز في مكان ما حول نقطة الحفر. لكنّهم حفروا بئراً واحدة ولمرّة واحدة، بحسب العقد، وغادروا. لهذا نقول أنّه يُمكن أن يحفروا ولا يجدوا غازاً ونفطاً في المكان الذي يحفرون فيه، أو قد يجدون كميات غير قابلة للتطوير أو كميات قابلة للتطوير.

وعن الحفّارة المنتظرة وكونها من الجيل السادس ما يخوّلها الحفر على أعماق 10 آلاف متر ما قد يُعطي نتائج دقيقة عن اكتشاف الكميات، وعمّا إذا كان الحفر سيكون على 1700 م. أو 4400 م.، أشارت الخبيرة النفطية الى أنّ "كلّ ما نفتّش عنه يجري في "مياه عميقة". لهذا يأتون بالحفّارة التي لديها القدرة على الحفر في المياه العميقة، وهذا يرتبط بخطة الحفر المتفق عليها بين كونسورتيوم الشركات وبين الحكومة اللبنانية. فالاتفاق بين الطرفين يحصل على خطة الحفر، وعلى أي عمق سيتمّ. وبحسب المعطيات الجيولوجية للمنطقة، وللبلوك 9 تحديداً، ومعطيات البلوكات المحاذية أيضاً (في "إسرائيل" وقبرص)، وبحسب الدراسات الجيولوجية، يقرّران على أي عمق سيجري الحفر لإيجاد الغاز.

ولفتت الى أمر مهم، وهو أنّ الشركات ليس عملها ان تحفر لكيلا تجد شيئاً، بل هدفها هو دائماً أن تحفر لكي تكتشف وجود الغاز والنفط. لهذا فإنّ مقولة "المؤامرة" أنّها ستحفر ولكن ليس في المكان الممكن أن تجد فيه الغاز، غير صحيحة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الجدوى من صرف "توتال" أموالاً طائلة أي مئات ملايين الدولارات (أكثر من 113 مليون دولار بحسب المعلومات) لكي تحفر ولا تجد شيئاً؟ في النتيجة هذه الشركات يهمّها تحقيق الربح، وليست "كاريتاس" لكي تحفر دون جدوى، لأنّ أصحاب الحصص الذين يملكون الشركة يهمّهم دائماً تحقيق الربحية لها، وعدم تكبّد الخسائر سدى. فهذه الشركات تضع خططها لإيجاد الغاز والنفط.

وشدّدت على أنّ العقد الموقّع مع تحالف الشركات هو "عقد إستكشاف وتطوير"، لهذا فعند الوصول الى مرحلة الإنتاج والتطوير فهي نفسها ستقوم بهذه العملية. في حين نجد أنّه في بلدان أخرى يقومون بعقد اتفاق مع شركة معينة على الإستكشاف، ومع أخرى على التطوير. وهذا يعني أنّه فور الإعلان عن وجود إكتشافات، وأنّهم قادرون ويريدون تطوير الحفر، أوتوماتيكياً تستطيع الشركات البدء بوضع الخطة وتنفيذها للوصول الى تطوير وإنتاج الحقل.

وعن حجم الإكتشافات المتوقّعة، وإمكانية أن يضمّ حقل"قانا" نحو 4,4 تريليون قدم مكعّب من الغاز والنفط، تؤكّد هايتيان أنّه لا يمكن معرفة حجم الإكتشافات منذ الآن. ليس من دراسات أولية، ولا يمكن معرفة التقديرات.. هناك مسوحات، وهي تًعطي تقديرات ولكن فقط عندما تبدأ عملية الحفر ونجد الكميات، ثمّ نقوم بتقييم للمكتشف يمكن عندها معرفة حجم الكميات الفعلية.

وفي حال اكتُشفت كميات قابلة للتطوير سيما وأنّ الحقل مقابل لحقل "كاريش" الذي بدأ الإنتاج منذ أشهر، كم سنة سينتظر لبنان للإستفادة من عائدات النفط والغاز في هذا الحقل، تجيب هايتيان أنّ الأمر مرتبط بخطة العمل التي ستضعها الشركات مع الدولة اللبنانية للتطوير والإنتاج. وبناء على هذه الخطّة يتبيّن كم سنة ستتطلّب للتنفيذ ولكي نصل الى مرحلة الإنتاج. قد يستلزم الأمر خمس أو سبع أو 10 سنوات، وقد لا يحصل أبداً. لهذا فالخطوة الأولى التي ننتظرها حالياً هي عملية الحفر وصدور نتيجتها. عندها تبدأ المرحلة الثانية التي تتضمّن تفاصيل أخرى، ويتبيّن لنا عندئذ متى يمكن البدء بالإنتاج والتطوير ومتى يُكتشف الغاز والنفط ومتى تبدأ الاستفادة المالية للبلاد.

كما أوضحت أنّ هناك مسحان تقوم به الشركات: أولأً، مسح جيولوجي لدراسة تضاريس المنطقة. وهذا المسح يُعطي شبه معلومات عمّا يُمكن اكتشافه وعلى أي عمق. ولكن لا يُمكن معرفة حجم الكميات قبل القيام بعملية الحفر وصدور نتائج الدراسة المتعلّقة بالبئر الذي جرى اكتشافه.

ثانياً، المسح البيئي هو مسح للمنطقة التي سيتمّ العمل فيها، لرؤية وضعها البيئي، ما هو المحيط، ما هي الأسماك، والحياة البحرية والحيوانية الموجودة فيها، وذلك لعدم إلحاق الضرر بالبيئة وفق مخطّط معيّن، وعند انتهاء عملية الحفر، كيف يمكن بالتالي إعادة البيئة الى ما كانت عليه قبل الحفر.

وعن أهمية إقرار الصندوق السيادي لحماية عائدات هذه الثروة من الهدر والفساد، رأت هايتيان أنّه بحسب القانون، يُفترض أن يكون موجوداً لوضع كلّ الأموال فيه، وتجري دراسته ووضع القواعد له. ولكن الإشكالية تبقى بنظري أنّه لا يُفترض أن يتشكّل اليوم، لأنّه إذا حصل هذا الأمر وجرى توظيف أشخاص فيه، فمن أين وكيف سيتمّ دفع أجورهم، قبل التأكّد من إمكانية تطوير القطاع أم لا. لست مع دراسة الصندوق حالياً ولكن بما أنّهم قد فعلوا، لا أؤيّد إنشاءه اليوم، بل عليهم أن يربطوا في قانون إقراره موعد إنشائه بمرحلة دخول الأموال اليه. وهذا الأمر يرتبط بدوره بموعد تطوير الحقل والإنتاج. وهذا يعني أنّه إذا أعلنت الشركة غداً عن اكتشاف الغاز، وقرّرت تطوير الحقل، وأنّ الإنتاج سيبدأ على سبيل المثال، منذ الآن وحتى العام 2033، أنا مع إنشاء الصندوق عندها في العام 2031 أو 2032، وليس منذ العام الحالي 2023، وبدء بدفع الرواتب والأجور على مدى عشر سنوات قبل دخول الأموال مع إنتاج الحقل. فلا يمكن تشغيل الصندوق قبل بدء المداخيل. لهذا فهو ليس كهيئة إدارة قطاع البترول التي أنشئت قبل تطوير القطاع كونها الهيئة الناظمة له، ولديها عمل يجب أن تقوم به قبل اكتشاف البئر. هذا مقترحي: إذا أقرّ الصندوق لا يجب أن يكون إنشاؤه فورياً. كما أنّ الحكومة اليوم تُصرّف الأعمال ولا يمكنها التعيين أو القيام بأي شيء آخر، وبالتالي ليس من معنى لأن يُنشأ اليوم.

وعن إمكانية حصول عراقيل ما، تقول الخبيرة النفطية أنّها ترتبط فقط بالسياسة، وإذا ما كانت الحكومة الحالية ستوافق على تسيير الخطة والتوقيع على إتفاقية خطة الإنتاج أم لا. فالرئيس نجيب ميقاتي نفسه في حكومة تصريف الأعمال في العام 2013 كان يرفض التوقيع على أي مرسوم يتعلّق بالنفط والغاز. ولكن اليوم بعد مرور 10 سنوات، وتبدّل الظروف لا ندري ما الذي سيكون عليه موقفه، سيما وانّ حكومته الحالية توقّع على أمور أخرى. وإذا قرّرت عدم التوقيع، فهذا يعني أنّه علينا انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت، وتشكيل الحكومة الجديدة، وهذه الحكومة عليها الموافقة على اتفاقية التطوير والإنتاج لتسير هذا القطاع.


الأكثر قراءة

حزب الله يستبعد الحرب الشاملة والموفد الألماني غادر دون «جوابٍ» استشهاد القيادي محمد ناصر والمقاومة تمطر قواعد العدو بالصواريخ هل طرحت البطريركية المارونية صلاح حنين على» الثنائي الشيعي»؟