اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


آن الأوان لكي نسأل ـ أيها الاسلاميون الأعزاء ـ من هو حصان دونالد ترامب في الشرق الأوسط... بنيامين نتنياهو أم رجب طيب اردوغان؟ لا مجال للسؤال عن دور ذلك الملك الذي مهمته فقط أن يلعق بقايا الأطباق الفارغة...

كل ما يتفوه به الرئيس التركي، ولا يتعدى اللغو اللغوي، هو لتغطية الصفقة الخطرة التي عقدت بين الوفد التركي والوفد الاسرائيلي في أذربيجان، والذي لا بد أن تظهر نتائجه تباعاً، ربما البداية من دمشق بالذات. تركيا واسرائيل في خندق واحد وفي طريق مشترك، هذا ما يفترض أن يعلمه الأتراك، ويعلمه كل من يتوجس مما يمكن أن ينتهي اليه جنون رئيس الحكومة الاسرائيلية، وحتى جنون دونالد ترامب.

المعلومات التي حصلت عليها الاستخبارات الروسية، وكانت وراء تحذير فلاديمير بوتين، تؤكد أن الخلاف داخل مجلس الأمن القومي الأميركي يعود الى طرح ترامب مسألة استخدام الأسلحة النووية التكتيكية ضد ايران، وبعدما وضعت وكالة الاستخبارات المركزية بين يديه معطيات بالغة الحساسية، حيث لا مجال لاخضاع آيات الله الا باللجوء الى تلك الأسلحة. في هذه الحال، يضطر آية الله خامنئي الى تجرع كأس السم، كما تجرع آية الله خميني هذه الكأس، عندما اضطر الى الموافقة على وقف النار مع الرئيس صدام حسين (وقد أعلن ذلك للملأ)، بعدما فاجأته الضربات الصاروخية العراقية.

ها هي ساعة الجحيم بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو الذي ما زال يراهن على اللجوء الى الرؤوس النووية اذ ما تمنعت الولايات المتحدة عن المشاركة في الحرب، ودون أن يبقى سراً أنه فوجئ بقوة الرد الصاروخي الايراني، وبالاصرار على المواجهة، بعدما كان يراهن على أن تكون الضربة الأولى المدخل الى السقوط المدوي للنظام، ليكتشف انه بات ينزلق، شيئاً فشيئاً، الى حرب استنزاف لايمكن له خوضها، وبعدما أظهرت حرب غزة، وبعد أكثر من 20 شهرا على احتدامها، مدى نقاط الضعف في القوة العسكرية الاسرائيلية، بالرغم من كل ذلك الدمار الأبوكاليبتي، وبالرغم من المذابح اليومية التي تفوق الخيال البشري، بعدما كان للكاتب البرتغالي خوسيه ساراماغو قد وصف خيال العالم الغربي بخيال القردة...

لنتذكر أنه عندما فكر ترامب، خلال ولايته الأولى، بضرب كوريا الشمالية نووياً، كونها "القنبلة في خاصرتنا على الباسيفيك"، أعلن الجنرال جون هايتن، قائد القوات الاستراتيجية الذي يمسك بمفاتيح الغرفة النووية، رفض أي أمر من الرئيس اذا ما كانت المصلحة العليا للدولة لا تقتضي ذلك. النتيجة أن دونالد ترامب وكيم جونغ ـ أون ما لبثا أن ظهرا معاً في صورة واحدة وضاحكة.

مستشاره السابق، وأحد كبار مؤيديه، ستيف بانون قال له "لا ترتكب خطأ جورج دبليو بوش، وتضرب رأسك بالصخور". هل نراه يرتكب ذلك الخطأ القاتل، وبذريعة واهية، بل وساذجة، بل وخادعة، أي البرنامج النووي الايراني، أم نراه في صورة واحدة، وضاحكة، مع آية الله خامنئي الذي نعتقد أنه جاهز لاستقباله ساعة يشاء.

هوذا السؤال الذي يطرح داخل الدولة العميقة في الولايات المتحدة، "أي مصلحة لبلادنا في التبني الأعمى للسياسات العسكرية الاسرائيلية، بعدما اظهرت التطورات أنها فقدت اي دور تكتيكي، أو استراتيجي، لها بسقوطها بين الرمال والدماء في غزة"؟. حتى إن المعلقين الاسرائيليين أنفسهم يقرون بأنه لولا الامدادات الأميركية اليومية، لكان المقاتلون الفلسطينيون على أبواب تل أبيب.

اذا كانت دولة ما طارئة على الهوية التاريخية وعلى الهوية الجغرافية، للمنطقة، وتعاني من أزمة البقاء واللابقاء، هل ترفع راية السلام، ولا نقول الاستسلام، أم توغل ومنذ قيامها، في تلك الايديولوجيا، وتلك الاستراتيجيا، المجنونة، والى حد التفكير بالضربات النووية التي قد تحول الشرق الأوسط الى مقبرة، لنذكّر بسؤال المؤرخ بن موريس "لماذا لم تقولوا لنا منذ البداية أننا ذاهبون للعيش داخل مقبرة؟". كثيرون يطرحون السؤال الآن، ولا يجدون من خيار سوى العودة من حيث أتوا، ولو بالقوارب المطاطية. لا موسى الآن ليشق، بعصاه، البحر أمامهم.

وها أن الفيلسوف اليهودي نورمان فلنكشتاين، يخاطب، من شيكاغو، الرئيس الأميركي "الى أين تذهب باليهود حين تسلم قيادتهم لذلك المجنون؟"، ليذهب أكثر في كلامه "لنتصور أن أدولف هتلر هو من يقود اليهود، ولكن الى أين؟".

نعرف ماذا ينتظر نتنياهو، وهو الذي وضع نفسه، داخل حلقة النار، ولكن ماذا يريد أن يحقق ترامب لأميركا، أميركا العظمى، حين يدفع ببلاده نحو تجربة اشد هولًا من التجربة الأفغانية والتي انتهت بالهروب من هناك تحت أنظار رجال "طالبان"، وقهقهات رجال "طالبان"؟

جدعون ليفي رأى في شوارع اسرائيل الآن شوارع خاركيف، المدينة الأوكرانية التي حولها الروس الى خراب، ليضيف عبر "هاآرتس" ان الدولة العبرية ليست بـ "الأسد الصاعد"، التص التوراتي الذي جعل منه نتنياهوعنواناً لحربه، بل هي "الأسد المريض". المريض عقليًا، ولكن هل من يستطيع القول ان مكان دونالد ترامب التاريخ، لا المصح العقلي؟

الفرنسي أوليفيه روا، ينبش قبر فرنكلين روزفلت، ليقول لترامي "لا تنتحر، ولا تدع أميركا تنتحر". ابواب المفاوضات أفضل بكثير من أبواب الجحيم!!

الأكثر قراءة

إيران تؤلم «إسرائيل» من الشمال إلى الجنوب... والمفاوضات تنتظر وقف القصف الموفد الاميركي لم يحسم التمديد لليونيفيل وغازل جنبلاط اين الحكومة من الغلاء الجنوني وموسم الاصطياف مهدد؟