اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
يواصل لبنان السير بين الألغام، في ظل اكبر ازمة مالية يمر بها، بغياب اي افق للحلول، كما في ظل واحدة من اكثر الازمات السياسية تعقيدا، والتي تزداد تعقيدا مع مرور الايام، نتيجة عدم اتضاح المشهد الاقليمي، ودخول واشنطن بقوة مؤخرا على خط التصعيد.

ويحاول مختلف الفرقاء السياسيين الاستفادة راهنا مما تبقى من العطلة الصيفية، والتي يفترض ان تنتهي رسميا في منتصف شهر ايلول المقبل، مع عودة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الذي يعول على ان يحمل معه ما يحرك به المياه الرئاسية الراكدة.

تصعيد معارض مرتقب

وقد قررت قوى المعارضة ان تستبق هذه الزيارة باعلان سلوكها مسارا تصعيديا، بخلاف المسار الحواري الذي تدفع باتجاهه باريس، وقد ضمنت بيانها الاخير الذي حمل امضاء ٣١ نائبا اشارات واضحة، سواء لجهة قرار عدم المشاركة في أي حوار موسع، ام لجهة رفض التفاوض مع حزب الله، وربط اي عملية مماثلة بقيادتها من قبل رئيس الجمهورية المرتقب، رافضة تحميله اي التزامات مسبقة. ولعل ابرز ما لمحت اليه هذه القوى، التي تحدثت بوضوح عن «مواجهة تصاعدية ستعتمدها، هو نيتها اللجوء الى خطوات من خارج الاطار القانوني، بحديثها عن «مواجهة ضمن المسار المؤسساتي وخارجه حيث يجب».

وبحسب مصادر نيابية معارضة، فان «منطق المهادنة والرضوخ سقط كليا، وقد آن اوان المواجهة الحاسمة. فلم يعد هناك ما نخسره اكثر مما خسرناه. نحن في صدد بلد مفلس كليا وتحت السطوة الامنية والعسكرية لحزب مسلح، ما يعني ان مواصلة الرضوخ لهذا الواقع هي شراكة بالجريمة».

وتضيف المصادر لـ «الديار»:»نحن في حلقات نقاش مفتوحة وموسعة كقوى معارضة من داخل البرلمان وخارجه، للاتفاق على خطة عمل وخطوات عملية ان كانت غير قادرة على قلب الطاولة راهنا، فهي لا شك تستطيع تعطيل المشروع الآخر، وهو ما نجحنا فيه منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، سواء لجهة منعنا انتخاب مرشحهم رئيس «المردة» سليمان فرنجية، او لجهة تصدينا للتصرف بمؤسسات الدولة وكأن وجود رئيس او عدمه سيان، وبالتحديد برفضنا تغطية جلسات التشريع».

وتشير المصادر الى ان «الثنائي الشيعي» يضع جهده راهنا لـ «تجميع مزيد من الاصوات لفرنجية قي الوقت الضائع، كونه لا يزال يعول على لحظة اقليمية تسمح بانتخابه، بـ» قبة باط» سعودية، لانه يعلم ان فرضه رئيسا من دون رضا اقليمي ودولي او اقله سعودي، سيعني سقوط ما تبقى من سقف الهيكل اللبناني».

بالمقابل، يبدو واضحا ان طرفي «أمل» وحزب الله ليسا بصدد تقديم اي تنازل يُذكر في الملف الرئاسي، لقناعتهما بأن الرياح الاقليمية، وبالتحديد التقارب الايراني- السعودي، سيصب لمصلحة مرشحهما عاجلا او آجلا.

وعن هذا تقول مصادر «الثنائي» لـ» الديار»: «بعكس كل ما يتم تداوله، فان حزب الله يرفض البحث في أي اسماء للرئاسة ، لا مع جبران باسيل ولا مع سواه، وهو متمسك بسليمان فرنجية ومستعد للقيام بأي تفاوض او حوار تحت هذا السقف».

ايلول... مفترق خطر

هذا الستاتيكو الرئاسي، الذي يبدو ان لودريان لن يتمكن من انهائه بسحر ساحر، بدأ يترك تداعيات كبيرة جدا على الوضعين المالي والاقتصادي. وهو ما دفع برئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى رفع الصوت مؤخرا، والتنبيه الى مخاطر كبرى مقبلة. اذ تقول مصادر رسمية معنية لـ «الديار» ان «سياسة الترقيع التي انتهجت منذ اندلاع الازمة المالية لم تعد مجدية، وقد انتهت مدة صلاحياتها هذا الشهر. فبعدما نجح الحاكم بالانابة وسيم منصوري في تأمين رواتب موظفي القطاع العام ومصاريف الدولة لشهر آب، من خلال تحويل إيرادات الدولة الموجودة في وزارة المالية من الليرة اللبنانية إلى الدولار، وذلك بشرائها من السوق بشكل هادئ ومنظّم، سيقف مكتوف الايدي الشهر المقبل، وسيرمي الكرة بملعب القوى السياسية، لان حتى الاموال بالليرة لن تكون متوافرة في ايلول، ما يهدد بانفجار البركان الملتهب». وتضيف المصادر: «مفاعيل دولارات المغتربين التي دخلت في الاشهر الماضية هي الاخرى ستتلاشى قريبا، ما سيؤدي الى ارتفاع جديد بسعر الصرف».

الورقة الأمنية على الطاولة

وعلى وقع التعقيدات السياسية والامنية، يطل هاجس الامن مجددا برأسه، ليس فقط من بوابة مخيم «عين الحلوة» حيث النار لا تزال تحت الرماد والمسلحون يرابضون على اسلحتهم، انما ايضا من بوابة الاحداث الامنية المتفرقة، وآخرها عودة الحديث عن خلايا نائمة لـ» داعش» في اكثر من منطقة، وتزايد التوترات بين المجتمعات اللبنانية الطائفية بأنامل سياسية.

ولا تستبعد مصادر مطلعة ان يكون هناك من يسعى الى «لعب ورقة الامن مجددا لدفع الحلول السياسية قدما، بما يوافق اهواءه واجندته»، لافتة في تصريح لـ «الديار» الى ان الوضع الامني بات يلامس الخطر رغم تطمينات المسؤولين. فالنفوس لم تهدأ بعد حادثة الكحالة، وهناك مَن يحاول الاستثمار في ذلك. اضف الى ان الدور الاميركي في المنطقة لا يبدو دورا يدفع باتجاه الاستقرار، ويسعى الى تخريب العلاقات المستجدة الايرانية - السعودية، ولبنان ساحة مثالية لتخريب هكذا علاقة».

الأكثر قراءة

الأميركيّون "الاسرائيليّون"... العرب الأميركيّون